أهذا ما يريد الفرانكفونيون تعليمه المغاربة؟!
ذ. إدريس كرم
هوية بريس – الأربعاء 13 ماي 2015
بعد مرور قرن على الغزو الفرنسي المبشر بإعادة المجد الروماني، ونشر الحضارة الفرنسية في ربوع المغرب، واندحار الأطروحات العنصرية الفرنسية المنتشية بسفك دماء أبناء المستعمرات في توسيع مجال سيطرتها، بإفريقيا وآسيا والمحيط الهادي، ونهب خيرات ومقدرات تلك الشعوب لإغناء الفرنسيين وسد خصاصهم، ومنها الشعب المغربي الذي كان عصيا على معدتها لما له من مقومات دينية وحضارية ومؤسساتية ضاربة في القدم، فارتأت أن تدخل مجتمعه من باب التعليم فاقترح ساستها على الجمعية العامة الفرنسية مخططا صادقت عليه، ومما جاء فيه:
“ليس من الضروري أن ننجز بالمغرب في مجال التعليم ما يراه السكان مشروعا وعدلا أخذه منا، وفي هذا الصدد هناك تجربتين سبق لنا القيام بهما في الجزائر يستحق الأخذ بهما:
أولا: لقبول تعليمنا الفرنسي من قبل الأهالي يجب عدم إظهاره على أنه ورشة مسخرة ضد الدين الإسلامي، وأن معلمونا ممتثلين للتقاليد والأعراف القبلية التي يعيشون بين ظهراني متعلميهم، وعندها سيختفي بسرعة معاداة مدارسنا عندما يقدم معلمونا لتلاميذهم معارف علمية سرعة الاستخدام مناسبة للجاجات المحلية مما يترتب عنه اجتذاب زبناء جدد لتلك المدارس (وهو ما يدعو له الفرنكفونيون والدوارجيون).
كيف يجب أن يكون التعليم بالمغرب؟
التعليم في المغرب يجب أن يكون نفعيا بسيطا وعمليا، فائدته المادية سريعة التحقق (طريق البربري تمر من معدته) تجب على المدرسة أن تجعل اللغة الفرنسية في محيطها مألوفة وتسهل للأهالي الدخول بيسر في العلاقات معنا لذلك يجب فقط تعليم الحساب وشؤون الصحة وكل ما له علاقة بالبيئة واستعمال آلاتنا الأساسية.
هذا هو منطلق برنامجنا الذي سيعطي نتيجة مباشرة لتنشيط آليات الأهالي سواء بالقضاء على الأحكام المسبقة السيئة ضدنا، أو العادات المكروهة الرديئة البالية، وإبدالها بطرق عقلانية جديدة.
المدرسة الفرنسية بالمغرب وضعت من أجل الحياة فيجب أن تكون كما كانت في الجزائر (موئلا لحضارة الاستهلاك) حركتها تترجم في العمل وتقاس نتائجها بالعائد الاقتصادي، لذلك من المستحيل أن يرسخ في ذهن الطفل المغربي لغتين مكتوبتين خاصة إذا كانتا أجنبيتين عن بعضهما كالفرنسية والعربية الأدبيتين.
نحن نفضل التوجه لتعليم الفرنسية لأنه لا يمكن لنا أن نقوم بتعريب البربر الذين لا يتوفرون على لغة مكتوبة وإنما يجب علينا أن نحميهم من اجتياح العربية لهم، وقد قامت بعثتنا العلمية بطنجة في ذلك بجهد مشكور”.
انظر (التقرير المرفوع للجمعية الفرنسية عن اتفاقية 30 مارس 1912 بفاس حول الحماية في مجلة الشؤون الخارجية ع5 و6 و7؛1912).
أليس هذا ما يريد الفرنكفونيون اليوم تسويقه باسم إصلاح التعليم وربطه بالمحلية ولغة الأم التي لا يرونها إلا أمية بدوية أمازيغية أو عربية تتحدث دارجة معيارية هي ما يرطنون بها عندما يريدون قضاء مآربهم السوقية، لكن لو استقامت لأسيادهم ما وصلت إليهم، حتى يتفرعنوا ويعجبهم العجب.