الصلاة لمواجهة كورونا.. بين مطالب “ترامب” وتحذيرات “رفيقي” و”حجي”
هوية بريس – عابد عبد المنعم
منذ ظهر وباء كورونا الذي شغل العالم، مافتئ بعض المتحدثين باسم التيار اللاديني يطالبون بمنع الصلاة في المساجد، فحتى قبل القرارات الاحترازية التي اتخذتها وزارتي الداخلية والأوقاف بسبب الوباء العالمي، نشرت منابر إعلامية مواد للمنتمين لهذا التيار تطالب بإغلاق المساجد ومنع المصلين من التجمع فيها.
في ذاك الوقت لم يكن حديثهم موجها إطلاقا للتظاهرات الفنية وغيرها، وإنما إلى الشعائر الدينية للمسلمين، وهذا أمر يمكن تفهمه لأن أعينهم موجهة إليها، واهتمامهم كبير بها، وشغلهم الشاغل منصب عليها.
فلطالما أبدوا تسخطهم من جموع المصلين داخل المساجد وخارجها، التي تواظب على حضور الجماعات والجمعة وصلاة التراويح، ولطالما عاملوها باحتقار، ورموها بوابل من عبارات السب والشتم والقذف (صلاة التراويح.. هي فوضى/ السجود عدوى/ تعليم الصلاة غسل للعقول).
وفي هذا الصدد كتب المتحول فكريا، محمد عبد الوهاب رفيقي، المكنى سابقا بأبي حفص “حان الدور على ترك الجمعة والجماعات، ماشي معقول أننا نغامرو بحياتنا وحياة غيرنا لمجرد الرغبة في حفاظ على شعيرة كصلاة الجماعة لي هي ماشي فرض أصلا ولا واجب عيني”.
وأضاف بلغة فيها كثير من الاحتقار للمغاربة المصلين، والتعريض بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (أضاف)”مع ما نعرفه من شروط النظافة عند كثير من المصلين لي تيدخلو المسجد بأرجلهم فيها الماء على زربية المصلى، ولأنك تتوضع جبهتك على اماكن داز فيها آخر برجليه، ولأن التزاحم لي تيكون ف الدخول والخروج فيه خطر، ولأن بعض الملصين تيحرصو على وضع الكتف على الكتف والكعب على الكعب ولو بالقوة حتى ” لا يدع فرجة للشيطان”، فكل هادي عوامل تعرض هؤلاء المصلين خصوصا كبار السن لي هوما أحرص الناس على المسجد لكثير من الخطر”.
وفي السياق ذاته طالب المحامي المثير للجدل الحبيب حجي الدولة المغربية بان تكون “شجاعة وعقلانية وعلمية وتعلن منع الصلاة الجماعية في المساجد وما شابه”.
المثير هو أنه حين ينزل بلاء بالبشر، أيا كان دينه، فإنه يلجأ بالفطرة إلى الله تعالى، ويدعوه ويتضرع إليه، لكن يبدو أنه حتى البلاء والمساغب لم توقظ ضمير هؤلاء ولم تبعثهم من سكرتهم، ولازالت الغفلة والحقد الأيديولوجي الدفين تسوقانهم في طريق الغواية.
فحتى الرئيس ترامب، الذي يعرف الجميع أنه رئيس دولة علمانية رأسمالية متوحشة، دعا إلى الصلاة يوم الحد 15 مارس 2020 وقال “إنه لشرف عظيم لي أن أعلن أن يوم الأحد 15 مارس هو اليوم الوطني للصلاة. نحن بلد، طوال تاريخنا، ننظر إلى الله من أجل الحماية والقوة في أوقات كهذه. بغض النظر عن مكان وجودك، فإنني أشجعك على التوجه نحو الصلاة في فعل إيماني. معا، سوف ننتصر”.
حقيقة الإنسان يصيبه الذهول والعجب، ترامب يدعو لمواجهة بلاء كورونا، الذي كشف حقيقة الإنسان وضعفه وافتقاره إلى الله، بالإيمان والصلاة، وفق دينه طبعا، وبنو جلدتنا الذين يحذون حذو الغراب الذي أراد تقليد الحمامة، يستميتون في النضال من أجل ماذا؟ من أجل تعطيل الركن الثاني من أركان الإسلام، وقطع الصلة بين العبد وربه، نسأل الله السلامة العافية.
لا يفوتني أن أعرج في مبادرة جميلة قامت بها بلدية الرمثا شمال الأردن، فعلاوة على النصائح العلمية والطبية، اتخذت البلدية من الأذكار النبوية والتعاليم الدينية، طريقا لحث المواطنين على الوقاية من فيروس “كورونا”.
والفكرة كما قال رئيس البلدية للأناضول هي “نابعة من أن ديننا الحنيف يحث على الطهارة والنظافة بكل نواحيها.. هذه التعاليم نحن على يقين أنها تحث بشكل مباشر على الوقاية من انتشار الفيروسات، والمحافظة على بيئة آمنة صحية ونظيفة.. والوضوء وتكراره من الوسائل الرئيسية التي تؤدي إلى شطف وإزاحة الفيروس عن المصاب.. وشعائرنا الدينية والصلاة التي تتطلب النظافة المسبقة والوضوء المتكرر، تساعد في الرطوبة المستمرة لجسم الإنسان، وخاصة منطقة الفم والأنف، من خلال المضمضة والاستنشاق التي تساعد على غسل الفيروس إن وجد”.
وأضاف “عندما ندعو في اللافتات إلى التوكل على الله، هذا يعطي نوعا من العزيمة والإرادة بأن الله يحمينا، ما يؤدي إلى الاستقرار النفسي..”.
هذا هو تصرف العقلاء، يتخذون الأسباب المادية، ولا يغفلون أبدا عن التوكل على الله ودعائه والتماس مرضاته وإقام شعائره، فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة.