قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحق تعظيمه وتوقيره
هوية بريس – د.إدريس ابن الضاوية
لم يُعَرِّف القرآن الكريم بنبي من الأنبياء مثل ما عرف بسيد الأنقياء ومقدم الأصفياء صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كشف لنا عن مِنَّة نبوته، وشرف نسبه، وقوة شخصيته، وعظمة وقاره، ووفور عقله، وشرح صدره، ونظافة جسمه، وعلو فضله، وتفرد منزلته، ومعرفته بربه، بخوفه وخشيته، وتعلقه برحمته، والتماس مرضاته، ووفائه بحقه، وإجابة دعوته، وسمو أخلاقه، وظهور حلمه، وكمال محاسنه، وطيب حياته، وعصمة اجتهاده، وطهارة بيته، ونفاذ حجته، ورفعة ذكره، ونباهة عشرته، وتأثير حكمته وتربيته، وبراءة أزواجه وبناته، ومراتب وحيه وتنزلاته، وعُدة اصطباره وتحملاته، وفضل عشرته، وتنوع آلامه وأحزانه، ومسار انتشار دعوته وتوجيهاته، وبيان تصرفات أَلِدَّائِه، وتنوع مكر أعدائه، وشدة كيد من تهالك فنافق، وقوة عناد من أشرك وفارق، وصلابة محاربة من تحانق، رفضا لرسالته، وطعنا في بلاغه، وصدا عن سبيله، وصدوفا عن منهجه، وحربا لأصحابه، وأذية لأتباعه، واتهاما لمقامه وسني منزلته، مما تَرَفَّعَ عنه بشهادة ربه، وتعالى عنه بحفظه وعصمته، طمعا في إيقاف مد دعوته، ورغبة في تقليل حجم نصرته، في أفق الظهور على ملته،و تقليص امتداد نور سراج حنيفيته.
ولعل من أجل مقاصد هذا التسميع القاصد، وأشرف غايات هذا التنويه الماجد، تقدير اصطناع الله للرسالة، وتعظيم تأهيله لمهمة الدلالة، بما خصه به من الحسن في الخَلق والكمال في الخلق، والنهاية في العلم والتمام في الفهم، والجمال في العمل، والخضوع الذي لا يحتمل، والتربية السديدة والسياسة الحميدة وحسن البلاغ بالبرهان، والحجاج بقوة السلطان، الذي كان به نموذج رحمة رب العالمين، ومثال اصطناع الله للمبتعثين، التي يجب الاقتباس من أنواره، والاستظلال بظله، والارتسام لنهجه، والتسليم لنسجه، الذي يحقق للمقتدي به الإسعاد، ويضبط له المسار على السداد، الذي يحمي من سوء الانتقاد، ويصون أن يضيع معه حق الانقياد، لحججه التي جعلها الله تعالى غالبة، وسيرته التي أظهرها باسقة، وللهداية الشاملة لكل مناحي الحياة المنضبطة بالوحي، الذي أسماه الله تعالى أن يكون مفتقرا لِأَتْيٍ، أو قائما على نوع احتياج.
إن أجل غايات هذه النموذجية المتفردة العاصمة للتصرف النبوي في الأحوال، وأسمى تشوفات هذه المثالية المسددة المؤيدة في الأقوال والأفعال، أن يحيط علم المحبين من خلص الموحدين بمقام شهادته، ومحل هيمنته، وكمال خاتميته، ونهاية حاكميته، وإعجاز أُمِّيته، ويستيقنوا تقدم نبوته، ويدركوا الضروري من فضله، ويعلموا أسباب استحقاق تفرده، ويستشعروا مكانته في العالمين، التي كان بها سيد المخلوقين وإمام أئمة المهتدين؛ ليكون ذلك مفتاح محبته، وأساس خلته، الموجبة لاتباع أمره، والتحاكم إلى شرعه، والتمثيل لهديه، والتخلق بسمته، والتحقق بمكارمه، والتشبث بمحكم نظامه، كل على قدر علمه ووسعه،وأي على حسب جهده ودرعه في أفق أداء حق حنيفيته، وتوفية واجب نصرة شرعته والتنزيل لسماحة ملته، المجتمعة مفرداتها في تصرفاته المُنَزَّهَة، وتمريناته المُمَثَّلَة، الجامعة لمعاني تخلقه العظيم، والحاوية لشواهد تَرَحُّمِه العميم، الذي ابتعث به صلى الله عليه وآله وسلم ابتعاثا كان به سيدا على الناس أجمعين.
ولما جعل الله عز وجل الإيمان به فرضا لازما لمريدي رضوانه، وحقا ثابتا على مبتغي حسن جزائه، نثر جميل أوصافه التي جعلت كثيرا من المتقدمين ممن أوتوا الكتاب على علم بظهوره ويقين بتمام علمه وحسن خلقه ميزة مهمته الختامية التي طبعت تلقينه، وميزت تمثيله، وأنجحت تمرينه الذي قوم به مختلف سلوك المستجيبين، وقوى حجج المتكلمين حتى جسد مقاصد بعثته، وحقق غاية مكارمه، فكملت به الملة، وتمت به النعمة، وظهرت مفردات التدين الصحيح، وانتصرت معالم التعبد النجيح، الذي ارتضاه الله تعالى للعالمين بعيدا عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وقد نبأ الله تعالى بعلم من مضى ممن صح لهم النظر فيما أوحاه إلى أنبياء أزمانهم، و أخبر بِوَعْيِ من سلف بحق تناقل الخبر عن أئمة أوقاتهم، بوجود بعض أوصافه الخلِقية والخُلقية، وسماته العلمية والعلمية، وسياسته المنهجية والحِكْمِيَّة، في طاهريات إدريس ـ عليه السلام ـ، ومقولات زرادشت، وتصريحات جَمَاسَاب نَامِج[1]، وفي مزمورات الزبور، وفي احتجاجات إشْعِيَاء، وفي أنباء دانيال، ونبوءات حَزْقِيَال، وفي مناظر أرميا[2]، وفي نصوص ملاخم… [3].
وقد أخبر الله تعالى في القرآن الكريم على وجود نماذج لكمالات سمات نعته، وشواهد لخصائص عظمة قدره، في نص التوراة بأسفاره، وفي بشرى الإنجيل بأنواعه في قوله:… ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون، الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون [الأعراف: 156 ـ 157 ].
وقد حصل للموفقين من أهل الكتابين، اليقين بما سلم لهم من آيات الوحيين، التي لم تطلها يد التحريف، ولم تبلغها آلة التزييف، أن الله تعالى المتفرد بحق الاصطفاء، والمتحكم في مسار الاجتباء، قد قال مخاطبا أولي الأبصار: ” وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون [القصص: 68]، الذي بمقتضاه ” جعله إمام الأنبياء، وسيد الأتقياء، وأرحم الرحماء، ومعلم الحنفاء، وملهم العظماء، وأول البشراء، وخاتم الأولياء، وأتقى الأصفياء، وأحكم الحكماء، وأكرم الكرماء، وأسخى الأسخياء، وأطب الأطباء، وأفصح الأبيناء، وأبلغ الفصحاء، وأكثر الناس وفاء، وأوسعهم إحياء، وأشرفهم قضاء، وأحظاهم حباء وعطاء، وأوسعهم سماحة وسخاء، وآمنهم في يوم القضاء، وأشفعهم زمن الجزاء، حيث يتميز بخصوصية الولاء، ويتقدم الخلق بمحمود اللواء.
وقد نص الله في كتابه بتقدمه على غيره من خاصة خلقه بأولية نبوته التي جعلت كل مبتعث تحت رايته مهيأ لاقتفاء أنوار هدايته لحصول المعرفة بكامل أوصافه، وإحاطة العلم بشريف نعوته في محكم قوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ. آل عمران 81.
قال سيدنا على بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء، إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه[4]. “فجعلهم كلهم أتباعا له يلزمهم الانقياد والطاعة له لو ادركوه” ـ كما قال أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني رحمه الله ـ[5]“.
وقد دلل على ذلك الإمام السبكي رحمه الله بقوله: فقد حصل البحث في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ..[ آل عمران: 81]. وقول المفسرين هنا أن الرسول هو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه ما من نبي إلا أخذ الله عليه الميثاق أنه إن بعث محمد في زمانه لتؤمنن به ولتنصرنه، ويوصي أمته بذلك ؛ وفي ذلك من التنويه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة ويكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته ويكون قوله :..بعثت إلى الناس كافة..[6] لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضا، ويتبين بذلك معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد[7] … ؛ لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله، فلا بد من خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأجلها أخبر بهذا الخبر إعلاما لأمته ليعرفوا قدره عند الله، فيحصل لهم الخير بذلك[8].
ولأجل ذلك جعل الله عز وجل سننه مهيمنة على ممارسات الهداة السالفين، وتصرفاته مقدمة على تقريرات المبتعثين، بقوة وجوب الاقتداء به عليهم، وبحكم لزوم نصرته وترك ما لديهم، حتى صارت سنته صلى الله عليه وآله وسلم في هيمنتها على هدي من سبقه، ونسخها لشرعة من تقدمه كهيمنة القرآن الكريم على الكتب السابقة، واحتوائه على مضمون الألواح السالفة ـ استيعابا وإحاطة ونسخا وحفظا واستمرار حجة ثابتة عبر التاريخ الطويل وحيا محكما، مطلقا، غير قابل للتحريف ولا للتزييف. قال الله تعالى: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون [التوبة: 33 ]. ليدل بذلك على مطلق الهيمنة التي جمعت مواصفات الحق، القائم بالعدل، المكسو بوصف الرحمة التي تعطيه طابع الظهور التي يظهر به عوار الإنتاج الإنساني المضاهي الناقص الذي دخل في وحي الله بالتصرف لتحقيق الأغراض العاجلة بسلطة امتلاك الحق في الاستحفاظ على الوحي غير المحفوظ، دون باقي المكلفين الزمنيين.
فكان من أجل ثمار هذا التخصيص الذي لم يبلغه أحد ممن اصطفاه الله وقدمه، ولم يدركه فرد ممن اصطنعه لدينه وسوده، أن خصه الله بمقام المحبة المتفرد الذي لا ينبغي إلا له، أصل جميع المقامات والأحوال، ومقوم المطلوب من الأقوال والأفعال،… ولتحققه بهذا المقام السني، وتبوئه هذا المحل العلي، جعل الله طاعته عين طاعته، وموافقته نفس موافقته، ومحبته شرطا لمحبته، فأوجب اتباعه، وفرض اقتفاءه، فقال سبحانه: “من يطع الرسول فقد أطاع الله” [النساء: 80]، وقال تعالى: “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ” [الفتح: 10]، وقال: “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله” [آل عمران: 31].
إن أشرف مقتضى هذه الاختصاص المتفرد في التنويه التعظيم، وأسنى جنى هذا التفريد المتشرف بالتقديم، الدخول في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم القولية والعملية المتوارثة في المدينة النبوية الشريفة، التي تمثل المثال المجتبى، وتدلل على النموذج المصطفى، الذي اصطنعه الله تعالى ليكون قدوة للناس أجمعين، وختمه ليكون مرجعا لكافة المكلفين إلى يوم الدين، مهما تنوعت مداركهم، واختلفت فهومهم، وتعددت وظائفهم، وتباينت رغباتهم، وتخالفت مستوياتهم وأقدارهم في ظرف الحياة الفانية، وَعُمْر هذه المتعة الآنية، ليتحقق التوحيد المُنَزِّه المُمَجِّد المُرَسَّم، ويصدق التعبد الاقتدائي النموذجي المُكَرَّم، الذي أمر الله به في قوله المُحْكَم: لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا [الأحزاب 21]. ونهى أن يختار أمر بعد قضائه واختياره في قوله: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب: 36]. وحذر من مخالفته في قوله، ومباينته عام فعله في قوله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء: 65]. وضمن الهداية بسلوك مسلكه وانتهاج نهجه والتمثل لرسم أخلاقه، وقويم ضرائبه[9]، فيما يجب التقيد به من قوله وفعله في حربه وسلمه، وعهده وفتحه في قوله: قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين [ النور: 54].وبشر بفوز من اتبعه فيما أنزل إليه وبينه ودعا إليه وشرعه، في قوله سبحانه: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم [النساء: 13].
لا جرم أن من أعظم حقوق النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أمته، وأثبت فرض لازم لأتباع حنيفيته، المحبة العليا لجنابه، والإكثار من ذكره والصلاة عليه،والغيرة على شخصه، والثناء على جهاده وبذله، ومحبة آل بيته وزوجه،والقيام بحق نسله وسببه، والتوق إلى لقائه، والشوق إلى زيارة قبره،والطمع في شفاعته، والعمل على مرافقته، والمحاكاة له في مواقفه، والثناء على خاصة صحبه، والتمثل لهديه في سكونه وتصرفه،والتزيين لشرعته، والتخلق بخلقه، والوفاء لصلته،ومحبة خاصته من أتباعه؛ ثم الإحاطة بالضروري من سيرته التاريخية المبينة عن فريدخصائصه، ومعجز دلائله، وخاصة شمائله، وكريم فضائله، التي ميزه الله بها عن العالمين، وسوده على الخلق أجمعين،ثم التعرف على تصرفاته المنهجية، وتطبيقاته العملية والتربوية، التي أظهر بها مراد الله تعالى من مجملاته، وبين ما اتسع لفظه في سياق بيناته، وأسفر بها عن شواهد خلقه العظيم، وفَسَر عن جلالة سلوكه القويم، الذي شهد ربنا تعالى بعظمته، ونوه بعلو رتبته وتَفَوُّق منزلته بين جميع خلقه، في زكي قوله: وإنك لعلى خلق عظيم [القلم: 4].
وما أسعدنا في زمن هذا الحجر الجماعي المشروع، وما أنجحنا في ظرف هذا التوحد الأُسْرِي المجموع، أن نتعرف على هذا النبي الكريم، ونطلع على نهجه القويم، حتى نتوب من تقصيرنا في حقه، ونستغفر من تفريطنا في جنبه ونتعاهد على تعظيم أمره، وتمثيل شرعه، والوقوف عند قطعه، والوفاء بعهده، والأداء لأمانته، ونتحد على ترجمة رحمته وشفقته وشدة حرصه، وتبصر شواهد سماحته وسهولته ولطفه، ولحظ كرمه وبره، وَبَصْر زهده وجوده، والتحقق بتواضعه وطلاقته، والاستمداد من عدله وعفوه، والاستحضار لشجاعته وجسارته، ونتفق على معنى التخلق بسيرته، ونجتمع على تصديق دعوى محبته، ونلهج بالتنويه بسمو قدره، ونتواصى بترطيب اللسان بالصلاة عليه،ونتآلف على التماس الزلفى بها لديه، التي ستكون إن شاء الله مفتاح رفع البلاء، وسبب تفريج الغَمَّاء، وسلاحا لدحر هذا الداء الوباء، الذي أساء ووسع العناء، لقول أبي بن كعب رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: «يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه»، قال أبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي[10] ؟ فقال: «ما شئت». قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلهاقال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك[11].
والحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] في كتاب زند تفسير أوستا كتاب زرادشت، إنباءات عجيبة تكشف للمحققين أنها وحي أو ما يضاهيه. رسول الإسلام في الكتب السماوية للدكتور محمد الصادقي ص: 205
[2] انظر رسول الإسلام في الكتب السماوية للدكتور محمد الصادقي ص: 205
[3] انظر السيف الممدود في الرد على أحبار اليهود ص: 51
[4] تفسير ابن كثير، 1 / 378.
[5] الدلائل لأبي نعيم 46
[6] البخاري برقم 419
[7] ابن أبي شيبة 8/438 والحاكم في المستدرك 9/435
[8] فتاوى السبكي 1/70
[9] الضرائب جمع ضريبة وهي الطبيعة والسجية
[10] قال الإمام عبد العظيم المنذري: قوله أُكثر الصلاة، فكم أجعل لك من صلاتي؟”معناه أُكْثِر الدعاء، فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك.الترغيب والترهيب للمنذري 2/ 327
[11] الترمذي برقم 2457 وقال: هذا حديث حسن، والحاكم في المستدرك 2/457،
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل على هذا المقال الجليل حول أعظم شخصية هو سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم