يعتبر الأمير هشام أن المغرب وبسبب الوباء العالمي كورونا فيروس يجد نفسه أمام فرصة تاريخية لا يجب تضييعها نحو انطلاقة جديدة لبناء الوطن، وذلك في مقال تحليل نشره اليوم في جريدة لوسوار البلجيكية بعنوان “أزمة كوفيد-19 يمكن أن تشكل فرصة تاريخية للمغرب”.
ويستعرض الأمير هشام في المقال المطول تحرك السلطات لاحتواء تداعيات الفيروس في إجراءات وصفت بالنموذجية رغم نقاط ضعف كثيرة وعلى رأسها ضعف الفحوصات لمعرفة الخريطة الحقيقية لانتشار المرض وسط المجتمع المغربي، علاوة على عدم إجلاء المغاربة العالقين في الخارج. ويكتب في هذا الصدد: “وعلى الرغم من أن معدلات الإصابة هي من بين أعلى المعدلات في إفريقيا، فإن الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كوفيد-19 لا تزال منخفضة نسبيا، وهو واقع يمكن لجميع المغاربة أن يعتزوا به”.
ويتطرق إلى الواقع الحقيقي وهو أن تحرك الدولة بشكل سريع للغاية يخفي وراءه واقعا مقلقا: “لقد تحركت الدولة بسرعة فائقة لمحاصرة فيروس كورونا لأنها لم تجد بديلا آخر في ظل تدهور قطاع الصحة الذي لا يستطيع استيعاب نسبة عالية من الإصابات وفي ظل تدهور التعليم والشغل. وينسب هذا إلى “تطبيق النموذج النيوليبرالي الجامح الذي اعتمده المسؤولون طيلة عشرين سنة الأخيرة. ويستخلص من رؤيته كمحلل للواقع المغربي: “خلاصة القول أن استجابة المغرب كانت فعالة بالمقارنة مع موارده ولكن دون المستوى بالنظر إلى إمكانياته”.
ويتناول التحديات الكبرى وعلى رأسها الأزمة التي يواجهها الاقتصاد المغربي في ظل وجود جزء كبير من اليد العاملة في القطاع غير المهيكل بسبب النهج النيوليبرالي العنيف الذي فاقم من المشاكل الاجتماعية والفوارق: “نحن المغاربة ما علينا إلا أن نلاحظ ما حدث في منطقة الريف – في هذه المنطقة، أنتجت أوجه القصور المتراكمة ثورة اجتماعية – لنلمح الأحداث الخطيرة التي تنتظرنا”.
ويعتقد أنه في غياب استقطاب سياسي قوي في المغرب، عكس الجزائر بسبب الحراك، سيسمح بتجاوز أوجه القصور السابقة ومواجهة التهديدات من خلال حكامة جيدة، مؤكدا أن “الملك محمد السادس أعلن مؤخرا عن فشل نموذج التنمية الاقتصادية الحالي، ثم لدينا الآن فرصة لتجاوز هذا الفشل، عملا بالمثل الصيني القائل بأن كل أزمة صحية تصاحبها فرصة”. ومن ضمن التحديات تأثر أركان الاقتصاد المغربي بهذه الجائحة مثل التراجع المرتقب للتحويلات المالية للمهاجرين المغاربة وانتظار سنوات لكي يستعيد قطاع السياحة عافيته، علما أن القطاعين يشكلان أكثر من 20% من الناتج الإجمالي الخام. ويرى بضرورة الاستفادة من الاضطرابات في سلسلة التوريد الدولية للانفتاح على أساليب إنتاج وهذا يعني “أن يصبح الاكتفاء الذاتي والإنفاق الاجتماعي من أولويات السياسات الوطنية”.
ولا يرى الحل في التخلص من النموذج النيوليبرالي واستبداله بمخطط ملكي جاهز بقدر ما يجب التركيز على عملية تطبيق الأفكار التي تبنى عليها التنمية الوطنية، مشددا على أن التاريخ يمنح فرصا قليلة للأمم. ويعدد هذه الفرص وهي وفاة الملك الحسن الثاني سنة 1999 والربيع العربي سنة 2011 “وها نحن اليوم نشهد فرصة جديدة، يمكن أن تسمح للمجتمع المغربي بأسره أن يلتقط أنفاسه بعد كل تلك الصدمات والإحباطات ويستجمع قوته للوثوب إلى الأمام”.
ولا يعتبر العملية سهلة بسبب فقدان الشعب للثقة في العمل السياسي. ويرى أنه سيكون من الخطأ “استسلام الدولة للإغراء المتمثل في تشجيع الوطنية الزائفة أو تعزيز طبيعتها الاستبدادية من خلال تحويل الوباء إلى قضية أمنية”. وينهي مقاله: “باختصار، لدينا في المغرب فرصة تاريخية أخرى ولا يجب أن نضيعها”. وكالات