سوء التدبير وضعف الحكامة أبرز عناوين تسيير جامعة ابن زهر بأكادير
أحمد الشقيري الديني*
هوية بريس – الأربعاء 01 يوليوز 2015
جاء في جريدة الأخبار عدد 809 ليوم الأربعاء فاتح يوليوز، تحت عنوان “معطيات تفضح سوء التدبير وتزوير النقط والشهادات بجامعة ابن زهر، تحرج بنكيران والداودي”، بعض الاستنتاجات الغير دقيقة، خصوصا فيما يتعلق بانتماء أحد المرشحين لرئاسة الجامعة لحزب العدالة والتنمية، يقول:
(أشارت مصادر مقربة إلى أن عمر حلي حصل على تطمينات من نبيل بنعبد الله لنيل هذا المنصب لولاية ثانية؛ أما منافسه القوي عبد اللطيف مكريم الأستاذ بكلية العلوم بأكادير، فقد امتطى صهوة حزب العدالة والتنمية، محاولا الاستفادة من عطف هذا الحزب والدفع بملفه لنيل هذا المنصب.. كي يحسب لحزب بنكيران)..إلى أن قال: (فالتنافس الآن على منصب رئيس الجامعة هو تنافس بين حزبين كبيرين يشاركان في تحالف حكومي..).
والحقيقة أن الأستاذ عبد اللطيف مكريم لم يسبق له قط أن انخرط في حزب العدالة والتنمية، ولم يقدم طلبه للانخراط في الحزب، لا اليوم ولا قبل اليوم، ويمكن التأكد من هذا الأمر بسهولة من خلال الاتصال بالكاتب المحلي للحزب بأكادير أو بالكاتب الجهوي للحزب.
الصراع الدائر هو ضد الفساد:
تعيش جامعة ابن زهر أزمة بنيوية، عنوانها غياب رؤية لدى المسؤولين لتدبير مشكل الاكتضاض الناتج عن ارتفاع معدل رسوب الطلبة السنوات الأخيرة، وعدم السهر على تطبيق دفتر التحملات في ما يخص عدد التسجيلات المسموح بها للطلبة.. (انتقلت الجامعة من 45 ألف طالب سنة 2011 إلى أكثر من 90 ألف هذه السنة)، وما يواكب ذلك من ظواهر خطيرة: (حسب التقرير الذي قدمه وزير الداخلية أمام البرلمان بتاريخ 06 ماي 2014 فإن جامعة ابن زهر بأكادير تتصدر الجامعات المغربية في الانفلات الأمني سواء فيما يتعلق بعدد حوادث العنف أو فيما يتعلق بطبيعة الحالات المسجلة).
ـ إضافة عدد من البنايات والملحقات والمدرجات للجامعة، على أهميته، يلتهم جزءا ضخما من الميزانية على حساب تطوير الجامعة، ولا يخضع لمعايير الاستجابة لحاجات التكوين العلمي (نموذج الملحقة الجديدة بأكادير التي شيدت بما يزيد عن 10 مليار سنتيم ولا تتوفر على قاعات الأشغال التطبيقية في حين توقفت الدراسة بشعبة الكيمياء في هذه الدورة الأخيرة من سنة 2015 لمدة شهر ونصف، وقد تم تحويل الأزمة للدخول الجامعي المقبل).
– محاضر مجلس الجامعة تخلو من مخططات عملية للتتبع وعقلنة الإمكانيات المتاحة، مثل الساعات القانونية وضبط حقيقة الساعات الإضافية التي لا ينجز جلها، في غياب إدارة تسجيل الحضور، وبالتالي هدر ميزانية صخمة.
ـ تأجيل الدخول الجامعي قد يصل الى شهرين ونصف، بحيث يتم التخلي عن نسبة مهمة من حصص التدريس وخاصة التطبيقية، وبالتالي فالسر في استيعاب الطلبة يتم عبر تقليص حصص التدريس، وما ينتج عن ذلك من ضعف التكوين وقدرة الطالب على الاستيعاب والنجاح في الاختبارات.
ـ على مستوى تنوع التكوينات البيداغوجية، كانت مؤسسات الجامعة خلال موسم 2010-2012 تعرض 30 إجازة مهنية و20 ماستر متخصص، في حين تراجع هذا العرض إلى إجازتين مهنيتين فقط ، بكليات أكادير ، بعدد لا يتجاوز 81 طالبا من مجموع 86.000 ؛ وعلى المستوى البيداغوجي لم تنجح الجامعة في جعل الكلية المتعددة التخصصات بتارودانت قادرة على جذب الطلبة، بسبب التراجع عن مسالك مشجعة..
نتج عن ذلك إهمال الشراكة مع القطاع السوسيو/اقتصادي ، في ما يتعلق بالتكوين والبحث العلمي، وضيع على الجامعة موارد مالية مهمة والقيام بإحدى مهامها الرئيسية و فرصة الدفع بالبحث العلمي والتكوين في اتجاه خدمة المحيط.
– الصفقات المرتبطة بالتكوين البيداغوجي و البحث العلمي تتعرض للتأجيل، فتصبح عرضة للإلغاء بحيث يصعب على الشركات الانخراط في طلبات العروض، وفي حالة ما أعيد طلب العروض وتمت الصفقة بقبولها، فإن عدم إعطاء الأمر باقتناء المعدات يؤدي إلى بطلانها (مثل Marché 82- CDMT 2011 matériel scientifique FSA-UIZ)، في حين صفقات تجديد المكاتب وقاعات الاجتماعات، ومداخل المؤسسات والتنقل بالطائرة والحفلات والإيواء في أضخم الفنادق تكون ناجحة.
ـ يفرض أحيانا على رؤساء المؤسسات، رغما عنهم، تسلم التجهيزات المكتبية دون طلبها، حيث تكون التجهيزات المتوفرة صالحة لا تحتاج استبدالا.. مما دفع بعض المسؤولين لتقديم استقالاتهم والبعض الآخر تمت إقالته (استقالة نائب الرئيس، استقالة عميد كلية ، إقالة مدير مدرسة عليا بالنيابة، إقالة عميد كلية بالنيابة، إقالة مديرين مساعدين، استقالة مدير مدرسة عليا بالنيابة).
– لم يتم شراء أي عتاد علمي لبداية تجهيز مبنى البحث العلمي بكلية العلوم طيلة الأربع سنوات ( 2011 – 2014)، في حين فقدت هياكل البحث العلمي اعتمادها القانوني مند سنتين بالجامعة، كما تم التخلي عن دعم الإنتاج العلمي وتمويل مشاريع البحث العلمي؛ وبحسب تصنيف ويبومتركس 2014، فجامعة ابن زهر أصبحت تحمل أسوأ تصنيف، وتحتل المراتب الأخيرة في الجامعات المغربية والدولية.
في ما يخص تدبير الميزانية السنوية ( سنة 2013 نموذجا)
تمّ تخصيص حصة ضئيلة من ميزانية التسيير للبيداغوجية والبحث العلمي على حساب كل ما له طابع الأسفار أو الأنشطة الاحتفالية والإشهار، الحجز بالفنادق والمطاعم، الساعات الإضافية الغير المراقبة من حيث الإنجاز.
ـ ميزانية المؤسسات الجامعية مجتمعة لا تتعدى 16% من الميزانية العامة للجامعة؛
ـ تراجع قيمة الميزانية المخصصة للتكوين والبحث العلمي إلى 18%؛
ـ تراجع حصة الميزانية المخصصة للمصاريف المتعلقة بالطلبة التي أصبحت لا تتجاوز 5%.
ـ الجزء الأكبر من الميزانية تلتهمه: الساعات الإضافية (14 مليون درهم برسم 2013)،تعويضات التنقل (5 ملايين و880 ألف درهم برسم 2013)، تنظيم الملتقيات والمطاعم والفنادق والإشهار (7 مليون ونصف درهم برسم 2013)، الحراسة والمجالات الخضراء( 4 مليون ونصف درهم برسم 2013)؛ أشغال الصيانة (4 مليون ونصف برسم 2012)، وجل هذه المجالات عرفت تطورا وزيادات في الميزانية بحسب السنوات.
ـ في حين لم تحظ ميزانية المؤسسات بأي تغيير أو زيادة حتى بعد أن تضاعف عدد الطلبة المسجلين أربع مرّات، خصوصا بالكليات ذات الاستقطاب المفتوح، حيث فاقت طاقتها الاستيعابية بصورة مهولة (في ما يتعلق بالميزانية السنوية التي تقدر ب12 مليار سنتيم، لا يوزع منها على تسع مؤسسات جامعية إلا ما مجموعه 2 مليار سنتيم رغم أن هذه المؤسسات تؤطر حوالي 90 ألف طالب).
والحاصل أن كل المعطيات و المؤشرات، وهي متوفرة رهن إشارة العموم، توضح مدى تدهور الوضع التربوي بجامعة ابن زهر خلال الأربع السنوات الأخيرة؛ وارتفاع نسبة الرسوب، وارتفاع نسبة الهذر الجامعي، تفاقم المشاكل المرتبطة بالاكتظاظ، ضعف نسبة الخريجين، إغلاق التكوينات المرتبطة بسوق الشغل، تدهور نسبة التأطير البيداغوجي والإداري وكذا نسبة استعمال الطاقة الاستيعابية ، رغم كل ما خصصته الوزارة من دعم وإمكانيات، خلال السنوات الأخيرة -مناصب مالية وميزانية للبناء…الخ ـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأكادير ـ جامعة ابن زهر ـ *الكاتب المحلي لكلية العلوم.
النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي.