هوية المغرب: أمنه واستقراره
عبد العزيز الرهواني
هوية بريس – الجمعة 24 يوليوز 2015
الثوابت التي ترتكز عليها المملكة المغربية الحديثة هي ثوابت جعلت منه بلدا مستقرا رغم الاضطرابات المحيطة به، والمقصود بالثوابت الإطار الذي استقر عليه العمل في هذ البلد وتوافقت عليه جميع مكوناته في ظل الدستور.
ويمكن حصر هذه الثوابت في ما يلي:
– الثابت الديني: المتمثل في الدين الاسلامي.
– الثابت الجغرافي: فهو جزء من أفريقيا وجزء من الوطن العربي والعالم الاسلامي بالإضافة إلى قربه من القارة الأوروبية.
– الثابت اللغوي: فهو متعدد في لغاته مع اعتبار اللغة العربية اللغة الرسمية الأولى إضافة إلى اللغة الأمازيغية والصحراوية الحسانية.
– الثابت التاريخي: والذي يتجلى في تاريخ عريق يزخر به بلد المغرب.
بالإضافة إلى الثابت والطابع التقليدي والأعراف والعادات..
كل هذ الثوابت اختزلها الدستور أو صاغها وسبكها في نصوص صريحة وواضحة ولعل أهمهما النص الذي يحدد هوية هذا البلد:
“المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة متشبثة بوحدتها الوطنية الترابية وبصيانة مقوماتها وهويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الإسلامية الأمازيغية والصحراوية الحسانية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبويء الدين الإسلامي الديانة الرسمية للبلاد..”.
فحين نريد أن نتكلم عن الهوية وخاصة الهوية المغربية لا يمكننا أن نتجاوز عدة محطات حتى يتسنى لنا وضع المفهوم الحقيقي للهوية المغربية وليس بالرجوع إلى القواميس الأدبية والفلسفية والاجتماعية لأن مفهوم الهوية هنا حتما سيتغير وبالتالي سيغير خصوصيات هذا البلد. والهوية بمفهومها العام تقوم على أربعة أسس وعناصر: الدين، التاريخ، اللغة والأرض.
وحين يندمج المجتمع مع مبادئ وأسس هويته ويمثلها واقعاً ومنهج حياة، يكون هذا المجتمع بهذه الصورة معبِّراً عن مصطلح هويته، محافظا على مميزاته. فإن تكونت هذه العناصر في المجتمع عبَّرت بمجموعها عن الهوية المقصودة.
لذلك استمد الدستور المغربي هذا المفهوم لترسيخ هويته نظرا لحساسية هذا الموضوع حتى يتسنى له الحفاظ على مميزاته وخصوصياته وبالتالي الحفاظ عل وحدته وأمنه واستقراره وشرّع بندا لذلك.
ويعد هذا البند أحد ثوابت الدولة، إن لم نقل حامي أمنها واستقرارها مهما تعددت مؤسساته واختلفت أيدولوجياتها من أحزاب وجمعيات وهيئات، وتناقضت مع مبادئها وأهدافها. أو أخفت حقيقة توجهها. لكن حقيقة أمرها أنها عملت ومنذ نشأتها على مراوغة وسياسة الأمور باعتبارها مؤسسات أسست في ظل هذا الدستور لتضمن لنفسها الشرعية السياسية والتعاطف الشعبي وفي الوقت نفسه تعمل جاهدة لفرض أيديولوجياتها وتوجهاتها من خلال عدة آليات تعتمد عليها سواء كانت هذه الآليات مؤسسات تابعة لها كجمعيات وهيئات حقوقية تتخذ من قضايا ومشاكل داخلية غطاء لها كحقوق المرأة والطفل و… والمساواة…
أو من خلال تعاطفها مع قضايا فردية لأشخاص ذوي التوجه العلماني أو المعادي للتوجه الإسلامي.
حتى أصبحت ترى مدى التناقض المعاش أو الواقع المغربي الذي أصبح يوما بعد يوم يفقد هويته وبالتالي يولد بؤر حرب أيديولوجية أو فكرية بين ما هو إسلامي أي الهوية الإسلامية وبين ما هو دخيل على هذا البلد وهو الطرف العلماني.
وما حدث مؤخرا (فيلم عيوش ومهرجان موازين…) خير دليل على هذا التوجه والاستهداف لهوية وأمن واستقرار هذا البلد وذلك بزعزعة أمنه الروحي والاخلاقي وكذا التحدي الصارخ لهبة الدولة وفي مؤسساتها من خلال الطعن في قوانين الدستور من طرف شواذ جنسيا. والطعن في المؤسسة الدينية حتى أصبح لهؤلاء صوت يدافع عنهم داخل المؤسسات المنتخبة من قبل الشعب.
والمتتبع للشأن الداخلي يرى مدى التحولات المتسارعة..
والمثير للاستغراب رغم أنه ليس استغرابا هو الصمت المعهود من طرف المؤسسات الوصية وفي الجهة المقابلة الدفاع المستميث للطرف العلماني بكل أطيافه من أجل فرض الأمر الواقع من نخب ومؤسسات وهينات.
والأسئلة التي تطرح نفسها بإصرار:
ألا تعد هذه الفئات أفرادا كانوا أو مؤسسات مثيرة للفوضى ومهددة لأمن هذا البلد؟!!
أليس هذا عملا سافرا بأقدس ثوابتنا المغربية واستفزازا صريحا لمشاعر المغاربة المتمسك بهويته الإسلامية ووحدة أرضه منذ آلاف السنين، ومساسا واضحا بإمارة المؤمنين؟!!
أليست إيثار الفتن والمس بأمنها عملا يعد من الأعمال التي لا يمكن التهاون فيها وإلا غرقت السفينة بأكملها؟!!
أليس المس بالهوية المغربية خط أحمر لا يمكن المساس به؟!!
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا إنك غفور رحيم.