د.الودغيري: ما حدث في لبنان يحدث شبيهٌ به في المغرب.. وفرنسا تحصد ثمار ما بذرته منذ عقود
هوية بريس – د.عبد العلي الودغيري
تحلَّق الناسُ حول الرئيس ماكرون خلال زيارته إلى بيروت بعد الكارثة التي فَجَعت تلك العاصمة العربية العزيزة على قلوبنا. هتَفُوا باسمه، واستقبلوه بالأحضان، وقبَّلوه وعانَقُوه، ثم ناشَدوه إنقاذَهم وتخليصَهم مما هم فيه من مِحَنهم وكوارثهم وما جنَته الطبقة السياسية عليهم.
ولم تقصِّر فئةٌ منهم، فذهبت إلى حد توقيع عريضة حشَدت لها آلاف الأسماء، تطالب فرنسا بالعودة لاحتلال بلادهم وتخليصها من شر الفساد والمُفسِدين. تأثَّر الرئيس بهذه المشاعر التي عبَّر عنها المتحلِّقون حوله، وبحرارة الاستقبال الذي لم يكن ليحظى به زعيم عربي لو أنه كلَّف نفسَه أن يقوم بزيارة تفقُّدية على غرار زيارة ماكرون، فألقى خطابًا حمَّلَ فيه حكّام البلاد وساستَها المسؤوليةَ، ولم يعبأ بكونه مجردَ ضيف لا يليق به التدخل في الشؤون الخاصة ببلد مستقل. لكن الواضح أن الرجل كان يتصرّف وكأنه الرئيس الفعلي للبلاد، فانتقد، وأمَرَ ونَهَى وتوعَّد كما شاء.
يتلخّص من هذه الواقعة التي شاهدها الملايين، وعلَّق عليها الكثيرون، أن فرنسا تحصد اليوم ثمارَ ما كانت قد بَذَرته في البلاد التي احتلتها منذ عقود. كان الاحتلال الفرنسي يركِّز على الغزو اللغوي والثقافي والروحي قبل أي شيء آخر. ليس خلال مرحلة وجوده الاستيطاني المباشر فحسب، ولكن أيضًا بعد مغادرته ومنحه استقلالاً صوريّا لمستوطناته القديمة.
فهو لم يغادر إلا بعد أن استوثَقَ من تثبيت وُكلائه على الأرض، ولم يسلّم المفاتيح إلا لمن تأكَّد أنهم مُستَأمَنون على وديعته. ولم يفعل إلا بعد أن رأى أن تحكُّمَه في مصائر مستوطناته من الخارج أفيد له وأرخصُ وأنفع من بقائه في الداخل. ولم يخرج من الأبواب إلا بعد أن ضمن عودتَه من النوافذ. هذا إن كان قد خرج فعلاً. والحق إنه لم يخرج وإنما شُبِّهَ لهم. خرج جُثمانُه وبقيت روحُه ساكِنةً راسِخةَ الوجود في البلاد والعباد. فمدارسُه ومؤسساتُه التعليمية ومراكزُه الثقافية، ولغتُه ومناهجُه ومقرَّراتُه، ظلت تعمل عملها أحسنَ مما كان من قبل، ازدادت توسُّعًا وتطاوُلاً وتعمُّقًا في جذور المجتمع وتُربته وأنسِجته وخلاياه. وكل ذلك وغيرُه أديا إلى بسط هيمنته الاقتصادية والسياسية والثقافية على أوسع نطاق. ولم تمضِ إلا عقود قليلة حتى نشأت أجيال لا تُخفي تعلُّقَها به روحيّا ولغويّا وثقافيّا وسلوكيّا. بل لا ترى بأسًا من أن يعود لاحتلالها بجيوشه وشُرطته وحكامه الفعليّين. وترى فيه المنقِذَ والمُخلِّصَ من كل الآفات.
فبعد أن كنا نستغيث بصلاح الدين الأيوبي ونعتبره بمثابة المهدي المنتَظَر، صار الجيلُ الذي تربَّى على لغة فرنسا ورضع لبانَ ثقافتها ولم يعرف تاريخًا أمجدَ، ولا حضارةً أنصعَ من تاريخها وحضارتها، يخرج مستغيثًا بحكام فرنسا ويتعلق برموزها وأبطالها وزعمائها.
وما حدث في لبنان يحدث شبيهٌ به في المغرب. فبعد أن رأينا فئةً من أهله تعلن حنينَها إلى عهد ليوطي وترحُّمَها على قبره وتَمثاله، وتعتبره أرجحَ في ميزان الفضائل من موسى بن نُصير. برزت فئةً ثانية، أو هي نفس الفئة، تصارع بلا هوادة لإعادة فَرنَسة التعليم في أغلبية مواده الدراسية بعد مضي حوالي أربعين سنة من تجربة التعريب. وقريبًا سنرى هذه الفئة ذاتها، أو فئة من نَسْلها، تخرج للشارع مطالبةً بترسيم الفرنسية في الدستور، بعد ترسيمها في واقع الحال في الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة.
وإذ ذاك ستكون الغلَبة لها، طالما أن المغاربة في غالبيتهم لا يشعرون بأهمية المسألة اللغوية، ولا يهبّون للدفاع عن لغة وطنهم وأمتهم التي تجمعهم بأشقائهم المسلمين والعرب في كل أنحاء المعمور. وبعد تحقيق هذا المطلب، وترسيم الفرنسية، لا شك أنه سيأتي من بين صفوفنا من يخرج إلى الشوارع ويوقِّع العرائض من أجل عودة الاحتلال إلى سابق عهده وسيطرته العسكرية على ترابه بعد السيطرة على عقول أبنائه.
ألا فاعتبروا يا أولي الألباب!
مقال بعيد عن الواقع. مادخل التاريخ والاستعمار في أحداث اليوم شعب مقهور وجد في ئييس دولة أخرى ضالته للاستغاثة. تتحدث وكأن هذه الاستثغاتة ستجعل فرنسا تحشد قواتها للعودة للبنان واستعمارها.واللذين حدا وثيقة المطالبة بعودة فرنسا شرذمة لاتفهم شيئا
بل أنت يا سعيد من هو بعيد عن الواقع.مقال غاية في الأهمية. رحم الله الحسن الثاني إذ قال يوما: أن أرى مغربيا يخلط بين العربية والأمازيغي خير من أن يخلط بين العربية والفرنسية. وحالنا اليوم أكبر من هذا.لقد تجاوزنا خطر الخلط إلى ماهو أخطر وهو التكلم بالفرنسية وحدها.ووووانظروا كم من مسؤول اليوم لا يتكلم باللغة العربية. .!
ألف تحية للدكتور عبد العالي الودعيري،
كلام دقيق في الصميم و شجاع من رجل مناضل مثقف.
شعبنا أصبح من فرط استيلابه لا يفكر إلا في مأكله و مشربه بل وحتى الطائفية تسللت إلى أوصاله
تعليم مفرغ من المحتوى موجه لشعب يراد منه أن يكون كما هو الآن، افتضح المستور إلا على من عميت بصيرته..