طبيب مغربي: نحن نحصد نتائج سنوات الإهمال.. ومنظومتنا الصحية الهشة دفعت بأكثر من 7000 طبيب مغربي للهجرة إلى فرنسا
هوية بريس – عابد عبد المنعم
كشف الدكتور المغربي أيمن بوبوح أن ما شخصه العارفون حول سبب ارتفاع وفيات الكوفيد بكون “مستشفياتُنا العمومية لا تتحمل كثرة الحالات الحرجة الوافدة على أقسام الإنعاش” وأن “بلدنا يفتقر للأطر الصحية القادرة على مواكبة تغيرات هذا الوباء”! وأن”منظومتنا الصحية هشّة ومُتهرئة ولن تصمد أمام ارتفاع المصابين”.. كل ذلك وفق الطبيب المغربي لا يدعو للاستغراب.
وكتب الطبيب المتخصص في الجراحة الباطنية في تدوينة على صفحته بالفيسبوك “من وُلِد في المغرب يعرف ذلك جيداً… بأن المنظومة الصحية ضعيفة جداً! لا جديد في ذلك البتة!
وهي المنظومة الصحية الهشة ذاتها التي دفعت بأكثر من 7000 طبيب ولد في المغرب للهجرة إلى فرنسا وحدها (تقريباً ثلثي عدد أطباء المغرب) طلبا للعمل هناك، بل جعلت منهم ثاني العاملين في مستشفيات فرنسا بعد الأطباء الجزائرين من حيث العدد.
باش نبقاو غير في فرنسا بوحدها فأطباء الإنعاش والتخدير يشكلون 17% من مجموع أطباء إنعاش فرنسا 38.7% منهم من خريجي المغرب “واجدين” مقابل 54.7% في المائة خريجي فرنسا جزء كبير منهم هاجروا إلى فرنسا بعد إكمال الدكتوراه في الطب العام في المغرب ليكملوا تخصصهم في تخصص الإنعاش والتخدير هناك.
هذا في الوقت الذي يقاتل فيه مئتي طبيب مغربي مختص في الإنعاش فقط في كل مصالح إنعاش المستشفيات العمومية المغربية! أي بمعدل طبيب إنعاش لكي 200.000 مواطن… يعني خمسة أطباء لكل مليون شخص … علماً بأن من هؤلاء من أصيبوا بالوباء ومنهم من أصيب بانهيارات عصبية وأزمات نفسية جرّاء ظروف العمل القاهرة.
أخذنا فرنسا كمثال بسيط فقط لأن أطباءنا هاجروا ومنذ زمن طويل إلى كل بلدان أوروبا خصوصًا إسبانيا وبلجيكا وهولندا ومؤخراً ألمانيا التي فتحت الأبواب على مصراعيها أمام الأطباء المغاربة … أعرف شخصياً خيرة الأطباء الذين درسوا معي وهاجروا إلى كندا وآخرون ذهبوا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا ومنهم من يعمل في أستراليا ناهيك عمّن يعمل في دول الخليج أو من بقي في روسيا ودول أوروبا الشرقية!
مع الأسف هذا العدد سيرتفع كثيراً نظراً للتسهيلات التي تمنحها هذه البلدان للأطر الطبية بحيث ألغت الكثير من هذه الدول مُعادلة دبلوم الطِب مكتفية بشهادة تثبت تحدث لغة البلد المُضيف ونظراً للتدهور الحاد -أكثر مما كان- في منظومتنا الصحية وغياب إرادة حقيقة للنهوض بهذا القطاع!
لا أظن أن هُناك حل على المدى القريب لاحتواء هذه الأزمة لأنه كما يُقال: “البكا مور الميت خسارة”! العويل لن يفيد في شيئا… من المستحيل أن نبني منظومة صحية قوية بين ليلة وضحاها ولن نعيد أطباءنا الذين هاجروا إلى دول أخرى في الأسابيع القديمة ولن نُفرّخ أطباء في الإنعاش والتخدير في غضون الأيام المقبلة!
نحن الآن نحصد كل هذه السنوات من الإهمال! نحصد عدم الاستثمار في القطاع الصحي العمومي… أمّا عدم الاستثمار في الإنسان أي في تربيته وتثقيفه وتحضّره فهذا موضوع آخر، فليس من الغريب أن يخرج علينا الناس بنظريات من قِبل أن كوفيد مؤامرة، ولا غريب أن لا يضع الناس الكمامات في الأماكن العامة، وليس غريباً أن يستهتر الناس بهذا الوباء وأن لا يتحلوا بروح المسؤولية!
المسؤولية كاتعّلم من الصغر وفي الشارع وفي المدرس
والناس تصبح غير مسؤولة عندما يرون غياب المسؤولية في كل المجالات والقطاعات والمستويات.
بلادنا خاصها جُهد جهيد ونَفس جديد وعمل طويل وتكاتف الجهود بما نتوفر عليه الآن لاجتياز هذه الأزمة … وبلادنا خاصها أولاً وقبل كل شيء إعادة الاعتبار للطبيب في القطاع العمومي وتشجيعه وتكريمه لكي يستطيع مواصلة عمله خلال هذه السنة… وربما السنة المقبلة كذلك.اهـ