الخارجية الفرنسية تأمر حكومات الدول الإسلامية بمنع حملة المقاطعة.. هل يجوز هذا في الديبلوماسية؟؟
هوية بريس – إبراهيم الطالب
لقد استطاع الغرب أن ينجح في صناعة مفاهيم معينة خلال الحرب الغربية على الإرهاب، والتي وجهها بشكل يجعل هذه الكلمة مرادفة للإسلام، وفرّع عنها أن التطرّف هو طريق الإرهاب، وجعل منهما تهمة تكفي لحل الجمعيات والمؤسسات، هذه المصطلحات والمفاهيم يستعملها الغرب في الحروب الباردة، ولها نفس الآثار للأسلحة في ميادين الحرب الساخنة المشتعلة.
وسعيا منها لإفشال حملة المقاطعة لبضائعها في البلدان الإسلامية قامت وزارة الخارجية الفرنسية، بإصدار حكم على الجهات التي دعت إلى المقاطعة بقولها: “دعوات مقاطعة البضائع الفرنسية صادرة من أقلية متطرفة”.
وذلك للحيلولة دون أن يلتحق بها أغلبية المسلمين، فهي تريد أن ترهب الأحزاب والمنظمات ورؤوس الأموال ومن يمكن أن يدعم الحملة بجاه أو بفكر. هي رسائل للحكومات والدول بأن يهاجموا من يدعو إلى المقاطعة؛ فما معنى أن تقول خارجية فرنسا:
“هذه الدعوات للمقاطعة لا أساس لها ويجب وقفها فورا، مثل كل الهجمات التي تستهدف بلادنا والتي تدفع إليها الأقلية المتطرفة”.
من الذي يجب عليه أن يوقف حملة المقاطعة؟؟
فرنسا ارتكبت خطأ ديبلوماسيا فظيعا له ما بعده.
الآن هي تحرج الدول والحكومات الإسلامية، فإن تعرضت أي جهة أو شخص لمضايقة أو متابعة بسبب المقاطعة في بلد ما، سيفهم الجميع أن حكومة تلك البلاد ليس لها قرار سيادي وتأخذ الأوامر من حكومة فرنسا.
يا لها من عنترية، ذكرتنا بزمن الاحتلال الفرنسي، لما كان الجنرالات يجبرون الملوك على قرارات يقتلون بموجبها القبائل التي ينتمي إليها المجاهدون المقاومون لاحتلالها وظلمها وجبروتها.
فلتحي الحرية! ولتحي الديمقراطية!
من جهة أخرى تريد فرنسا أن ترسل رسائل لضعاف القلوب الخائفين على مصالحهم الدنيوية، والتي هي في الغالب مرتبطة باللوبي الفرنكوفوني لكي يهاجموا القائمين بالحملات في البلدان الإسلامية.
هي أيضا رسائل إلى المنظمات والهيئات المستفيدة من أموال البعثة الثقافية الفرنسية.
إننا فعلا في بلدان الإسلام نحيا حياة لا قرار لنا فيها، لا زلنا نعيش في استعمار جزئي، أو لنقل في استقلال منقوص.
كلما دخل عليه الجزم من غيره حذف حرف علته.
فمتى يصبح الجزء المعلول في بنية الأمة صحيحا لا يؤثر فيه جزم غيره ولا حزمه.
ملحوظة:
كتبت هذا الموضوع ثم قرأت بلاغ وزارة الخارجية المغربية، مما جعلني أكتب هذه الملحوظة، لأثمن موقف الدولة المغربية، وهو موقف شريف، خصوصا عندما قارنت بين حجم الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وبين أعمال العنف الظلامية؛ في قولها:
“وبقدر ما تدين المملكة المغربية كل أعمال العنف الظلامية والهمجية التي تُرتكب باسم الإسلام، فإنها تشجب هذه الاستفزازات المسيئة لقدسية الدين الإسلامي”.
وكذلك عندما مارست المملكة حقها الشرعي في الدفاع عن مقدسات المسلمين وأكدت على أن “هذا الاحترام هو شرط أساسي للعيش المشترك والحوار الهادئ؛ وذلك في قولها في البيان: وتدعو المملكة المغربية، على غرار باقي الدول العربية والإسلامية، إلى الكف عن تأجيج مشاعر الاستياء وإلى التحلي بالفطنة وبروح احترام الآخر، كشرط أساسي للعيش المشترك والحوار الهادئ والبناء بين الأديان”.