المغرب يدعو لبلورة موقف عربي مسؤول يقدم حلولا عاجلة للأزمات القائمة
هوية بريس – متابعة
الإثنين 14 شتنبر 2015
أكد المغرب أن على البلدان العربية استنهاض تضامنها من أجل بلورة موقف عربي مسؤول وهادف يقدم حلولا عملية وعاجلة للأزمات القائمة بكل من ليبيا واليمن وسوريا والعراق.
وجاء في كلمة المملكة المغربية أمام الدورة 144 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس الأحد بالقاهرة، والتي ألقاها سفير صاحب الجلالة لدى مصر والمندوب الدائم للمملكة لدى الجامعة، السيد محمد سعد العلمي، أن البلدان العربية مطالبة أكثر من غيرها بـ”التحرك الفعال والفوري من أجل الحد من التداعيات المرعبة للاعتداءات المسلحة وبالعمل على دعم كل توجه سلمي في تدبير هذه الأزمات، مع السعي الحثيث إلى إيجاد حلول عاجلة لأزمة نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين هربا من الحروب وبحثا عن الأمن والأمان وأملا في عيش لائق كريم”.
وقال السيد العلمي، إنه يتعين التزاما بالمبادئ الإنسانية وما يفرضه واجب التضامن العربي، الإسراع ببذل جهود مشتركة ومكثفة من أجل التخفيف من وطأة الأزمات الإنسانية في هذه الدول الشقيقة، وتوفير الحماية المناسبة للمدنيين والسعي إلى تأمين المساعدات الإنسانية ووصولها إلى المحتاجين إليها، وذلك إلى جانب مساعدة دول الجوار على تحمل أعباء الوافدين من اللاجئين.
صون الخصوصيات الثقافية والدينية للاجئين العرب
وأشار في هذا الصدد إلى أنه فضلا عن استقبال الدول العربية المجاورة للبلدان التي تعيش أزمات للاجئين الفارين من العنف والاضطهاد، فإن بلدانا عربية أخرى تبعد جغرافيا عن مواقع النزاع، ومنها المغرب، لم تتردد في استقبال أفواج هؤلاء اللاجئين.
وفي نفس السياق، طالب المغرب بأن تصان الخصوصيات الثقافية والدينية للاجئين العرب في بعض البلدان الغربية التي فتحت أبوابها لهم، وبأن تركز الجهود على الأسباب التي أدت إلى الهجرة واللجوء حتى يتمكن المنتظم الدولي من إيجاد الحلول السلمية اللازمة للأزمات، ويتيح بالتالي للاجئين العودة إلى أوطانهم آمنين.
وقال المندوب الدائم للمملكة لدى الجامعة العربية، إن المغرب اتخذ تدابير عملية في سبيل التخفيف من معاناة اللاجئين من الدول الشقيقة والصديقة، فآوى البعض منهم فوق ترابه، وسوى وضعياتهم وفقا للمبادئ الإنسانية وقيم التضامن والقانون الدولي،كما قدم مساعدات إنسانية لبلدانهم.
إقامة مستشفى عسكري ميداني في مخيم الزعتري
وذكر في هذا الصدد بأن القوات المسلحة الملكية بادرت بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى إقامة مستشفى عسكري ميداني في مخيم الزعتري بالأردن منذ 10 غشت 2012، لمساعدة الأردن الشقيق في جهوده لاستقبال وإيواء اللاجئين السوريين، مبرزا أن المستشفى الذي يضم عددا كبيرا من الأطر الطبية وشبه الطبية يقدم آلاف الخدمات العلاجية المتواصلة لفائدة اللاجئين السوريين.
وأشار من جهة أخرى، إلى أن العالم العربي يوجد اليوم، بسبب ما تقوم به التنظيمات الإرهابية من أعمال إجرامية، أمام تحدي الحفاظ على سيادة الدولة الوطنية، وأمام تحدي التمسك بنقاء العقيدة القائمة على الوسطية والانفتاح والتعايش، مؤكدا أن المسؤولية في مكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تستعمل الإسلام مطية لتبرير عملياتها الإرهابية المروعة، “تعود بالدرجة الأولى إلى البلدان العربية باعتبارها المصدر والضحية”.
ومن هذا المنطلق -يقول المندوب الدائم للمغرب لدى الجامعة العربية- يتوجب الإسراع بإقرار استراتيجية ناجعة لتعزيز التعاون العربي المشترك من أجل القضاء على ظاهرة الإرهاب والتطرف، تأخذ بالاعتبار جميع العناصر والإشكاليات المطروحة.
وأضاف أن المملكة المغربية ترى كذلك أنه من الضروري أن تتضافر جهود المجتمع الدولي من أجل استئصال آفة الإرهاب والقضاء على الإرهابيين أينما وجدوا.
اعتراف المجتمع الدولي
وأكد أن المغرب اعتمد بتوجيهات نيرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مقاربة مندمجة وواقعية واستشرافية، حظيت باعتراف المجتمع الدولي، حيث اعتبرها مجلس الأمن الدولي ممارسة فضلى يمكن للدول الاستئناس بها.
وبخصوص القضية الفلسطينية، أكد مندوب المغرب أن التشبث بالمبادرة العربية كخيار لتحقيق السلام المنصف والعادل، والالتزام بالخيار السلمي وبقرارات الشرعية الدولية وبالحوار والتفاوض، من شأنه تعزيز مساندة المجتمع الدولي للمطالب العربية العادلة بتحرير الأرض الفلسطينية وكل الأراضي العربية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، القابلة للحياة والمتواصلة جغرافيا، على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للقدس الشرقية
وأكد في هذا الصدد أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومعه الشعب المغربي قاطبة، إيمانا بعدالة القضية الفلسطينية، وانطلاقا من رئاسة جلالته للجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، لم يدخر جهدا في الدفاع عن القدس الشريف، سواء من خلال المبادرات والمساعي السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها بشكل متواصل لدى القوى العالمية المؤثرة لتحسيسها بضرورة الحفاظ على الوضع القانوني للقدس الشرقية التي ضمتها “إسرائيل” جورا، منذ سنة 1967، ورفع الاحتلال عنها لتكون عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، أو عن طريق العمل الميداني في القدس الشريف التي تشرف على إنجازه (وكالة بيت مال القدس الشريف)، عبر مشاريع ملموسة تستهدف مساعدة المقدسيين، وتقوية صمودهم، والحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للقدس الشرقية في مواجهة سياسة التهويد التي تفرضها عليها سلطات الاحتلال. وفي هذا الصدد، أكد أن المملكة المغربية تدين بقوة الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم في المسجد الأقصى، وتنبه المنتظم الدولي إلى خطورتها وانعكاساتها على السلم والأمن في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره، وتعتبر أن التمادي في مثل هذه الانتهاكات اللامشروعة لن يثني الفلسطينيين والعرب والمسلمين عن الدفاع عن حرمة المسجد الأقصى.
توقف الاستيطان وتتفاوض مع الفلسطينيين
وأكد أن على المنتظم الدولي،لمواجهة هذا التلاعب بمبدأ الدولتين أن يمارس الضغط على الحكومة “الإسرائيلية” لكي توقف الاستيطان وتتفاوض مع الفلسطينيين على أساس المرجعية المتمثلة في قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، وبهدف إقامة دولة فلسطين المستقلة.
ومن جهة أخرى، جدد المندوب الدائم للمغرب لدى الجامعة العربية موقف المملكة الداعم لحق السيادة الثابت لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى) و(طنب الصغرى) و(أبو موسى)، ودعوة إيران إلى الاستجابة للمساعي السلمية لدولة الإمارات من أجل حل القضية عن طرق المفاوضات المباشرة أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
وأكد في الختام، الحاجة إلى وقفة تأمل لتقييم مسيرة العمل العربي المشترك في نطاق الجامعة العربية، بما يمكن من التوجه إلى المستقبل بعزم وثقة، وقال إنه “بدون إرادة سياسية صادقة سيظل عملنا العربي المشترك محدودا ومتعثرا، وبدون التصدي للخلافات الإقليمية المفتعلة التي تستنزف طاقاتنا وتفوت علينا فرص التعاون والتنمية، لن نؤسس لمنظومة عربية متكاملة ومندمجة اقتصاديا، تجعل من عالمنا العربي قطبا جيو-سياسيا وازنا في العلاقات الدولية، قادرا على حماية السيادة الوطنية والوحدة الترابية لدولنا والدفاع عن قضايانا العربية المصرية”.