بلومبيرغ: إقحام ماكرون المسلمين الفرنسيين في الحياة السياسية سينفر أتباع ثاني أكبر دين في البلاد
هوية بريس – متابعات
حذر تقرير في موقع “بلومبيرغ” من محاولات إقحام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسلمين ووضعهم على الخط الأول من السياسة في فرنسا. وأكد أن محاولة ماكرون محاربة الإسلام المتشدد قد تنفر وتهمش أتباع ثاني دين في فرنسا.
وجاء في التقرير الذي أعدته “أنيا نيسباوم” أن نجيب أزرقي كان يأمل باختفاء العنصرية التي عانى منها عندما نشأ في ضاحية من ضواحي باريس. ورأى في ماكرون الرئيس القادر على معافاة فرنسا من الانقسام ويقدم خطابا مضادا لخطاب ترامب. لكن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا كان مخطئا.
فقد وصف ماكرون الإسلام بأنه دين يعاني من أزمة وأغلق مساجد اتهمها بنشر الكراهية. وفي الأسبوع الماضي قدمت حكومته مسودة قانون لمكافحة “الانعزالية”، وهو مصطلح اخترعه لوصف من يفشلون في الاندماج أو عرضة للتطرف. وقال أزرقي، 41 عاما: “تعب المسلمون من استخدام السياسيين لهم ككبش فداء وحرف النظر عن المشاكل الحقيقية”.
وقال أزرقي المهندس بالمهنة والذي تعود عائلته إلى المغرب إنه لا يزعم تمثيل المسلمين في فرنسا، ولا يتجاوز أعضاء حزبه الألف، ولم يحصل في الانتخابات الأوروبية العام الماضي إلا على نسبة 0.13% من أصوات الناخبين. إلا أن سياسات ماكرون أحيت هدفه لمحاربة إسلاموفوبيا وتشجيع المواطنين من أبناء دينه التوقف عن الاحتجاب.
وفي الخارج بنى الرئيس الفرنسي منذ وصوله إلى السلطة عام 2017 صورة المدافع عن الليبرالية مقارنة مع القيادة في أمريكا وبريطانيا وأوروبا الشرقية. لكنه في داخل فرنسا تقرب من المحافظين بعد سلسلة من الهجمات الإرهابية التي نفذها متشددون، بشكل يهدد بتنفير المسلمين الذين وإن لم يمثلوا كتلة متجانسة إلا أنهم يمثلون ثاني أكبر دين بعد الكاثوليكية. ومع بدء الحملات الرسمية لانتخابات 2022 هناك شعور بالخيانة بين مسلمي فرنسا البالغ عددهم 5.6 ملايين نسمة والغالبية العظمى منهم مندمجة وترفض الإرهاب.
ولم يقل ماكرون إنه سيرشح نفسه مرة ثانية لكن من الواضح أنه يقدم نفسه كمرشح النظام والقانون في انتخابات ستضعه على أكبر احتمال أمام زعيمة التيار اليميني ماريان لوبان. وقتل في الهجمات الإرهابية 250 شخصا منذ 2015 منها قتل مدرس في أكتوبر عرض على طلابه صورا كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد. وتحتوي أجزاء من خطة ماكرون على خلق ما أسماه “إسلام التنوير” وفي الوقت الذي أكد فيه مرارا على ضرورة عدم وصم المسلمين جميعا إلا أن أحاديثه عن الأزمة داخل الإسلام أغضبت الكثير من المسلمين الفرنسيين. وكذا تعيينه المتشدد جيرار دارمانين، وزيرا للداخلية.
وفي الوقت نفسه استبعد رئيس وزرائه جون كاستكس الاعتذار عن ماضي فرنسا الاستعماري في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء التي ينتمي إليها معظم المسلمين الفرنسيين. ومن الصعب التعرف على مواقف المجتمع المسلم الفرنسي بسبب الحظر على جمع المعلومات القائمة على الدين والعرق.
ويقول حكيم القروي من معهد مونتين في باريس إن رغبة فرنسا في العالمية والاندماج تجعل من الصعوبة بمكان على من يعرفون أنفسهم من خلال الهوية الدينية الدخول في الحياة العامة. وبحسب الاستطلاعات التي أجرتها الأسبوعية الفرنسية مجلة دو ديمانش والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول التي نشرتها مجلة “شارلي إيبدو”، فإن نسبة 60% من الفرنسيين يرون أن الإسلام لا يتوافق مع قيم الجمهورية الفرنسية. وقال القروي إن “المجتمع يضع المسلمين أمام منعطف مزدوج، تحدثوا بصراحة لكن لا تظهروا دينكم في الحياة العامة”.
ويشير التقرير إلى أن القروي هو نموذج عن الاندماج فوالدته مسيحية بروتستانتية ووالده مسلم من تونس وعمل سابقا في القطاع المصرفي ومؤسسة روتشيلد في الفترة التي عمل فيها ماكرون. وتولى عمان من أعمامه مناصب وزارية في تونس قبل الربيع العربي.
وعمل القروي مستشارا لرئيس الوزراء السابق جان-بيير رافارين. وتحدث من مكتبه الأنيق في المركز التجاري في باريس حيث قال إن نظام الاندماج في فرنسا ناجح مشيرا إلى نسبة الزواج المختلط العالية. ويدعو إلى مؤسسة تجمع المال لتشجيع المسلمين على البحث وتدريب الأئمة.
وقال: “بعد كل هجوم إرهابي ترتفع نسب التمييز ضد المسلمين” و”ما أقوله لهم: ليس ذنبكم ولكن من مصلحتكم تنظيم أنفسكم”. ولكن المشكلة أنهم عندما يحاولون تنظيم أنفسهم توضع العراقيل أمامهم.
وتقول فاطمة بنت، رئيسة جمعية نسوية معارضة للعنصرية “لالاب” وتصف نفسها بأنها “مع حرية الاختيار” من الإجهاض إلى الحجاب، إنها اتهمت بقربها من الإخوان المسلمين، مع أنها أنشئت عام 2016 ورفض البنك طلبها لفتح حساب.
وقالت إنها تخشى من عنف الشرطة والذي أثر على المسلمين في الضواحي ولوقت طويل. وهي ناقدة للقانون الذي دفع به ماكرون ويجرم من يشارك لقطات فيديو عن انتهاكات الشرطة. وتقول بنت إن المسلمين يشعرون بالإحباط من الأحزاب اليسارية التي عادة ما يصوتون لها. وفي الوقت الذي يراهن فيه أزرقي على منظمته التي أنشأها قبل 8 أعوام عندما بدأ الرئيس السابق نيكولاي ساركوزي يناقش الهوية الوطنية والهجرة ترى بنت أن الطريقة المثلى لتنظيم المسلمين هي عبر إشراك المرأة المسلمة في المبادرات المحلية. وقالت: “لا أصدق أننا لا نزال نسأل إن كان الإسلام متوافقا مع العلمانية مع أن لدينا ملايين المسلمين متوافقين مع هذه الهويات ويعيشون بسلام” و”خطاب الحكومة خطير ويوسع الفجوة بين “نحن” و”هم”.
وبحسب قانون الانعزالية الذي نشر في 9 ديسمبر فسيعاقب أي شخص ينشر الكراهية ويهدد عمال الخدمة المدنية بمن فيهم المدرسون، مع أنه لم يشر صراحة للإسلام أو المسلمين. وستتم ملاحقة الأطباء الذين يقدمون شهادات العذرية والتدقيق في تمويل الجمعيات الدينية. ويمنع التدريس في البيوت للأطفال تحت سن الثالثة في محاولة لمنع المدارس السرية. ويريد ماكرون إنهاء عقلية الغيتو في الضواحي مع أنه لم يقدم خططا واضحة.
ويخشى أزرقي من تداعيات القمع على الشباب ودفعهم نحو التطرف. وهو مع تفسير العلمانية التي تحترم كل الأديان لكنه يريد الحرية للمرأة لارتداء ما تريد من غطاء الرأس. ويمنع منذ 2004 ارتداء الرموز الدينية في المدرسة وهو حظر تدعمه نسبة 44% من المسلمين حسب استطلاع إفوب. ويقول أزرقي: “نحن هدف سهل” و”عندما يتحدث ماكرون عن الانفصالية فهو يقصد المسلمين وليس الانفصاليين في كورسيكا ولا الأغنياء الذين يبنون حياتهم على الهامش”.