وطني مستهدف فلا تقل إني أبالغ!!! (لعبة داعشية للأطفال نموذجا)
د. رشيد نافع
هوية بريس – الأربعاء 07 أكتوبر 2015
أخي ولي الأمر أيا كان هو، أنت مسؤول أمام الله عن رعيتك، كن صديقا لولدك وابنيا سويا جسر الثقة وشددا حبل المودة بينكما وارتق بأسلوبك معه حتى يطمئن إليك وابتعد عن لغة التهديد والوعيد واجعله يخبرك بكل ما يحويه جهازه الذكي.
أيها الموهوبون.. راقبوا ألعاب فلذات أكبادكم المدمرة للدين والأخلاق ولنصمم لهم ما يثري عقولهم بالعقيدة السليمة والمُثل السامية.
إن مجرد دردرشة بريئة مع أحدهم ستصدم عند سماع أو مشاهدة نوعية الألعاب التي تحملها الهواتف والأجهزة لأنها منتقاة بعناية فائقة قصد إفساد الطفولة في مهدها وقبل أن يشتد عودها ما دامت غير محصنة ومهيأة لكل ما يلقى في عالم الألعاب من جديد بدعوى التسلية والترفيه.
هذا واقع مرير ولا ريب أسماء غريبة لألعاب والله لا أعرف واحدة منها.
جرب بنفسك وحاور أحد أبنائك واسأله هل ممكن تعلمني بعض الألعاب المخزنة في جهازك؟؟ وبحماااس الطفولة الشديد سيطلعك على بعضها ويحكي لك بصراحة كيف يمارسها ساعتها ستعرف حجم خطر هذه الألعاب.
ليس مهما أخي ولي الأمر أن أذكر لك أسماء الألعاب ولكن الأهم أن أذكر لك الهدف الذي ترمي إليه هذه الألعاب واكتشفها بنفسك.
وأكتفي بنموذجين وأترك لك الحكم عن أهدافهما.
بنت تقول: أمارس لعبة وأتحدث إلى أطفال يدعونني للانضمام إليهم ويزينون لي أفعال الدواعش.
وآخر: عن لعبة الصليب وأنه سبب كل نصر وسعادة.
ما رأيك عزيزي الولي؟
الله سائلك عن رعيتك.
لا يكن همك توفير ما يطلبه أولادك فقط بل تنقيح ما يُقدم لهم من برامج ومواد تعليم ورحلات ووو…
سأركز على النموذج الأول لخطورته وعموم بلوى بعض شبابنا به.
فلقد أصبح من الواضح جدا أن تنظيم “داعش” الإرهابي، يركز جهوده وبات يسدد سهامه الفكرية المنحرفة لاختراق عقول وقلوب الأطفال والمراهقين، من خلال وسائل محببة بل معشوقة هذه الفئات وتوظيفها لترسيخ مفاهيمهم، إنها وسائل التقنية الحديثة، والألعاب الإلكترونية الجذابة، وخصوصا بعد النجاح الكبير الذي حازه إصدارهم الأول الموجه للأطفال من الفئات العمرية 8 إلى 12 سنة، حيث أشارت إحصائيات دقيقة ومسؤولة أنه تم تحميل لعبة “صليل الصوارم الجزء الأول” في نسختها الأولى أكثر من أربعين ألف مرة، بعبارة أوضح أنه أضحى لدينا ما يفوق أربعين ألف داعشي صغير ومشروع إرهابي محتمل، هذا عبر التحميل ثم زد على العدد ما شئت لأن هذا الفكر لن يقف عند الُمحمِّل للعبة فقط، بل سيتبناه مشروعا ويعمل على بثه في إطار علاقاته مع أفراد عائلته وزملائه في الحي والمدرسة والنادي ممن هم في عمره، وعندها سيحاولون تجسيد هذه المفاهيم إلى واقع بدعوى البطولة والشجاعة إلى أن تترسخ فيهم وتصبح معتقدا لامناص منه.
وفي هذه الأيام يتبجح الدواعش عن نيتهم إصدار الجزء الثاني من ألعابه القذرة، وسيتم إطلاقها قريبا “صليل الصوارم الجزء الثاني” والموجهة للفئة العمرية من 12 إلى 19 سنة، حيث لم تمض سوى سنة واحدة على الإصدار “صليل الصوارم الجزء الأول” على موقع “يوتيوب”، والتي أعادت نشرها ست قنوات عبر “يوتيوب”.
والملاحظ أن الجزء الأول تضمن عدة مراحل مرتبة مما يدل دلالة قطعية أن القائمين على هذه الإصدارات من ذوي الخبرات الميدانية، حيث ركزوا في البداية على القتال، ثم التفجير ومن ثم تحرير المدن والقرى، ويظهر المجسد للعب دور أحد أفراد داعش الإرهابي.
شكلا ولباسا ينفذ تسديدات صائبة أي قنص الهدف بدقة من خلال سلاح آلي عليه منظار تحديد الهدف، واشتباكات، وسرقة السيارات، وفك القنابل، والذبح، وتفجير المساجد والمنازل، وخلال ذلك يقوم عناصر داعش بتنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات عسكرية أو بوليسية على اعتبار أنهم أعوان للظلمة وأدوات بأيدي الطواغيت، واستهداف منشآت حيوية اقتصادية بصنوف من الأسلحة الفتاكة أشبه ما يكون بأفلام المغامرات “الأكشن” والمافيا أوهي إلى الرعب أقرب، واللعبة تمضي على إيقاعات عالية الجودة بـ“صليل الصوارم” النشيد الرسمي للدواعش الذي يدعو للقتل والتنكيل والإبادة، فماذا يُرجى من نشيد وضع كلماته إرهابي خارجي صفق عنونه بـ”صليل الصوارم”.. نشيد بهذا العنوان والكلمات تعكس صورة تنظيم اختار لنفسه اسم “داعش”، ولجريدته اسم “دابق”، فاختيار لهذه الأسماء الغليظة -كقلوبهم- هو دينهم وديدنهم وطريقتهم، وهذه تعريفات مقتضبة لعنوان نشيدهم:
فـ”الصوارم” في اللغة جمع “صارم”، وتعني عند العوام الرجل الحاسم، بينما في المعجم المعنى الدقيق للـ”صارم” هو السيف الحاد القاطع، أما “صليل” فهو صوت السيوف وهي تضرب بعضها بعضًا.
لا تستصغروا هذه الأشياء أو تحتقروها، فلابد من الحزم وعدم التهاون في مواجهات هذه الوسائل التي بين يدي الشباب، والسؤال المطروح والذي يفرض نفسه بعد هذه الإصدارات، وبدعوى التسلية والترفيه للأطفال والمراهقين هو:
كم من طفل أو شاب هو مشروع إرهابي محتمل سيكون معادلة صعبة بعد “الصوارم الجزء الثاني؟!”، إذا علمنا أن المستهدف منها هم ممن خلت عقولهم من حصانة فكرية شرعية تقيهم شر هذه السموم، بل الأدهى من ذلك أن من يتأثر بهذه الألعاب أوسع من الفئات المستهدفة من التنظيم كما حددها المختصون.
وهنا لا بد أن يدق ناقوس الإنذار أو الخطر بقوة لكل أم وأب، ولكل أخ وأخت، ولكل معلم ومعلمه، أن افتحوا عقولكم وأعينكم على سلوكيات الأطفال والمراهقين.
وفي الختام لا بد من طرح السؤال على اتصالات المغرب وتقنييها:
أين أنتم عن حجب هذه المواقع الإرهابية وبالمناسبة حتى الإباحية؟!
لأن الأولى ندمر الدين، والثانية تهدم الأخلاق والحياء.
ما هو واجبكم نحوها وهي تعمل ليل نهار على التحريض والغش الثقافي؟!
هل تقتصر مهامكم على إصدار الفواتير وقطع الخط على الزبون حتى تتم تسوية وضعيته وتطوير بعض الخدمات؟؟
إن الحلول واضحة، فلا ينبغي القفز عليها.
أقول: واأسفاه، ما زال المحرضون منهم يسرحون ويمرحون في مواقعهم على هواهم بلا حسيب ولا رقيب على مواقع التواصل الاجتماعي، ويهدمون أكثر وأسرع مما نحاول أن نبني، في ظل غياب قانون يجرم تحريضهم وعقوبات رادعة تلجمهم.
والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.