الإضرابات والاقتطاعات.. ما الذي يخيف النقابات
هوية بريس – منير الحردول
الإضراب للأسف المبين أضحى مرادفا لتحقيق الاقتطاعات من أرزاق الحائط القصير وفقط.
فالإضراب تكتيك، وفن، وتقدير لظرفية الممكن. فلا يمكك أن نبقى نتجاهل لب مشكل قطاع التعليم بصفة عامة، والعمل النقابي بصفة خاصة. فالزج بالمطالب الفئوية البارزة مقابل تجاهل المطالبة بقانون أساسي واحد، يوحد مسار الترقي للجميع، ويقضي على الفئوية، والطبقية، بين الأسلاك التعليمية، يعد أساسا لوحدة ضمير الشغيلة ككل.
أما الدعوة للإضراب في وقت تمت فيه المصادقة شبه النهائية على القانون المالي، وقرب نهاية الولاية الحكومية الأخيرة، ناهيك عن الإكراهات العديدة التي خلفها الوباء، فيعد على ما أظن عبث نضالي في تقدير الأمور بشكل صحيح، وتمييع للعمل النضالي المسؤول.
فعندما يخرج قانون النقابات للوجود، ونتخلص من الانتهازية الفئوية التي أصبحت ملموسة ويشعر بها من هم في أسلاك تربوية معينة، وتتم أجرأة مسألة التناوب على المسؤولية النقابية مركزيا، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. أنذاك ستكون كلمة، أو النطق بكلمة الإضراب، أقوى من الإضراب بنفسه.
فلا يعقل أن تستمر الاحتجاجات على مطالب الكل يجمع على أنها معقولة، نفس الأمر ينطبق على السياسة الحكومية اتجاه تلبية المطالب الميالة للعدالة الوظيفية والإحتماعية.
فالشارع يحتاج لتأطير، والتأطير ينبثق من نقابات تميل للمنطق التناوبي المبني على المسؤولية. في إطار قانون نقابي يحدد التوجهات، ويلجم الانفلاتات ،ويضع حدا لأسطورة مفهوم الزعامات، والتي باتت مؤسفة في عالم مبدع يتنافس على خلق الثروتين المادية والفكرية، من خلال تغيير الوجوه، والاستفادة من مشورة الوجوه القديمة والمتمرسة!
فكثرة النقابات وتسييس العمل النضالي، وتناسل النقابات، ليس في صالح التطور المنشود. التطور نحو الأحسن يحتاج للعدالة الأجرية، والتوزيع العادل للاستثمارات بين جميع الجهات، وتوسيع الوعاء الضريبي، وتعميم التغطية الإجتماعية على الجميع، وجلب الاستثمارات، وجعل المواطن المغربي في صلب الاهتمام لا غير.
هذا الاهتمام لن ولم يتحقق ما دامت الفئوية والذاتية تطغى على العمل السياسي لبعض الأحزاب، والنضالي لبعض النقابات، التي في بعض الأحيان تفقد البوصلة وتسمح بتمرير إجراءات تؤلم الكثير من الأجراء، سواء في القطاع العام أو الخاص.
فالإضراب ومواجهة الإضراب بالاقتطاعات من أجور المضربين مخالف تماما للقوانين الحقوقية، مادامت الاقتطاعات لا تستند لسند قانوني واضح، ومن أهمه قانون النقابات، والذي للأسف يتم جرجرته للوصول إلى قانون مخيف إسمه قانون الإضراب!