توظيف «ليون» في «أبوظبي» يثير جدلًا حول دور الإمارات في ليبيا
هوية بريس – متابعة
الخميس 12 نونبر 2015
أثار تولي المبعوث الأممي السابق في ليبيا، “برناردينو ليون”، وظيفة بمؤسسة إماراتية، العديد من التساؤلات حول الدور، الذي لعبته الإمارات في الأزمة الليبية، وذلك على خلفية أنباء ترددت عن تنسيق بين ليون و”أبوظبي” لنزع الشرعية عن المؤتمر الوطني الليبي.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية، الأربعاء 4 نوفمبر، مقالا أوضحت فيه “أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا “برناردينو ليون” أمضى صيفه في التفاوض مع دولة الإمارات على وظيفة براتب 35 ألف جنيه إسترليني شهريا، يشغل بموجبها منصب مدير عام “أكاديمية الإمارات الدبلوماسية”، التي تهدف إلى تطوير علاقات الإمارات مع العالم، والترويج لسياساتها الخارجية، إضافة إلى تدريب الكادر العامل في السلك الدبلوماسي”.
وفي حديث مع الأناضول، ألقى أمين عام حزب الأمة الإماراتي، “حسن الدقي”، الضوء على الدور، الذي لعبته دولة الإمارات العربية المتحدة، منذُ اللحظات الأولى للثورة الليبية قائلا: “شكلت دولة الإمارات فريقا أمنياً عسكريا تمركز في ثلاثة مواقع، الأول اتخذ من إحدى الجزر الإيطالية قاعدة لانطلاق نشاطاته، والثاني على الحدود الليبية التونسية، فيما كان الموقع الثالث على الحدود التشادية الليبية”.
واستدل على ذلك بالضربات الجوية التي نفذها الطيران الحربي الإماراتي، وبدت مبهمة قبل اعتراف “أبو ظبي” صراحة بتلك الضربات لصالح الانقلاب الذي يقوده الجنرال حفتر.
ورأى في سياق آخر، أن حكومة الإمارات “أصبحت طرفا خارجيا يلعب دورا خطيرا في التأثير على اتجاهات الثورة الليبية، من خلال التدخل العسكري وشراء ذمة المبعوث الدولي، وأخيرا استضافة الفريق الليبي المعادي للثوار مثل “محمود جبريل” و”عارف النايض” على أرض الإمارات واتخاذها مقرا لإدارة الصراع”، بحسب قوله.
وتلعب حكومة الإمارات أدوارها تلك، ضمن “أدوات الثورة المضادة، التي كان لها نصيب الأسد في استخدامها وتطبيقها في دعم الانقلاب العسكري في مصر، والضربات الجوية في ليبيا وسوريا والعراق، والاختراقات الأمنية وجمع المعلومات عن قوى ثورة الربيع العربي لأغراض تنفيذ سياسات الثورة المضادة”، بحسب الدقي.
وكان ليون، بحسب الغارديان قد أرسل رسالة إلى وزير الخارجية الإماراتي “عبد الله بن زايد” جاء فيها، “إن خطتي هي تفكيك تحالف غاية في الخطورة بين الإسلاميين وتجار “مصراتة” الأغنياء، وهو التحالف الذي يحافظ على بقاء المؤتمر الوطني العام”.
ولا يخفي ليون في رسالته عمله وفق خطة سياسية لا تشمل كل الأطراف، وإنما وفق استراتيجية تهدف إلى “نزع الشرعية تماما عن المؤتمر الوطني العام”، بحسب الصحيفة.
في جانب آخر، شدد الدقي، على أن التشكيك لا يتعلق بـ “ليون” وأدائه، قدر تعلقه بـ “أداء المنظمة الأممية منذُ المبعوث الدولي الأول في تاريخ فلسطين الكونت “برنادوت” إلى آخر المبعوثين الدوليين إلى سوريا والعراق واليمن”.
وشكك أمين عام حزب الأمة الإماراتي في وضع حقوق الشعب الليبي في نصابها الطبيعي قياسا إلى الأزمة السورية كأخطر الأزمات المعاصرة، طالما يهيمن على رسم سياسات المنظمة الدولية وقراراتها الدول الخمس الكبرى المتسلحة بحق النقض “الفيتو”، حسب قوله.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزاوية الليبية، “خيري عمر”، فقد أكد على الكثير مما اعتبره “شواهد” على أن الإمارات كانت طرفا فاعلا في الأزمة الليبية منذُ بدايتها” مذكرا بالدور “الذي لعبته دولة الإمارات في الهجوم على العاصمة، طرابلس، في غشت 2014”.
وعلى صعيد آخر، اتهم “عمر” السفارة الليبية في الإمارات بـ “الانحياز إلى برلمان طبرق”، مضيفا أنها “كانت على علاقة ما باعتقال الأمن 42 من رجال الأعمال الليبيين المقيمين في دولة الإمارات بتهم تتعلق بدعم الإرهاب”، لافتا إلى أن هؤلاء جميعا من “المقربين إلى ثوار فجر ليبيا”.
وحول الدور الذي لعبه المبعوث الأممي “ليون”، يرى أستاذ العلوم السياسية الليبي أنه “لعب دورا محسوبا على المنظمة الدولية ما كان ينبغي لها أن تلعبه في مسألة تتعلق بنزاع داخلي في بلد مضطرب”.
واعتبر أن “تجاهل ليون لقرار المحكمة الدستورية العليا، الذي قضى بحل البرلمان الليبي، يعد سابقة خطيرة في تجاوز القوانين السيادية للبلدان”.
وأوضح عمر أن “ليون” تعمّد في تقاريره التي يرفعها إلى الأمم المتحدة “الترويج لسياسات خارجية معينة على خلاف مع الجماعات الإسلامية في شرق ليبيا، في محاولة لإقصائها عن أيّ دور مستقبلي في المفاوضات”.
ويرى عمر أن العلة ليست كامنة في قبول “ليون” بالعرض الإماراتي، وإنما في “اتخاذه مواقف منحازة إلى جانب مجلس النواب، كان آخرها ما جرى في مؤتمر “الصخيرات” قبل عدة أشهر حين توصل الفرقاء مبدئيا إلى صيغة اتفاق للخروج من الأزمة، لكنهم فوجئوا بمسودة جديدة قدمها “ليون” لإكراه المؤتمر الوطني على توقيعها، وكان من بين بنودها اعتبار مجلس النواب ممثلا للشرعية، إضافة إلى اعتبار الجيش، بقيادة اللواء حفتر، نواة الجيش الوطني الليبي، بمعنى منح فرصة إضافية لمجلس النواب في إعادة بناء الجيش بالكيفية التي يرونها”، بحسب قوله.
ومن جانبه، لا يرى الباحث في شؤون النزاعات الإفريقية في مجموعة الأزمات الدولية سابقا، “المنجي عبد النبي”، في قبول المبعوث الأممي السابق وظيفة ما في دولة الإمارات “خرقا للقانون الدولي بالمعنى التقني”، لكنها من وجهة نظره، تعكس خرقا “لأخلاقيات التعامل في نزاعات مسلحة داخلية، من شأنها أن تضع الحيادية المطلوبة والنزاهة المفترضة موضع شك من طرف أو أكثر في النزاع”.
وأكد “عبد النبي” أن وساطة المبعوث الأممي السابق وإدارته لعملية التفاوض قد “وصلت إلى نهايتها وبالتالي لا يمكن بأيّ حال العودة للوراء”.
وأضاف أن “دولة الإمارات والأردن ومصر، تدعم سراً أو علانية طرفا معينا ضد طرف آخر”، وهو ما “عرقل عملية حل الأزمة وزاد من تعقيدها، إذ لم تعد مجرد صراع بين أطراف أو كتل على مكاسب سياسية أو عسكرية أو اقتصادية”، حسب توصيفه.
وتساءل الباحث في شؤون النزاعات الإفريقية عن “مدى قدرة دولة صغيرة على أن تتكيف مع كل هذه المعطيات المعقدة، التي لا تتفق مع المصلحة الوطنية الإماراتية”، حسب تعبيره، مستدركا ” أن هذه الرؤية متفق عليها بين العديد من المتخصصين”.
وكشف عبد النبي عن مفاوضات ليبية- ليبية تقودها شخصيات خارج “نطاق الوساطات الدولية تحاول توظيف علاقاتها مع الأطراف المختلفة لإيجاد حل ممكن لمسالة تقاسم السلطة وإنجاز حكومة وحدة وطنية”.
ورأى أن هذه المفاوضات “تتسم بالجدية والقبول من أغلب الأطراف، وهي تمثل حالة نضوج سياسي في التعاطي مع ملفات ذات إثارة فائقة”، بحسب تعبيره.
وحول قبول المبعوث السابق لوظيفة رفيعة في دولة الإمارات، وما أفصحت عنه صحف غربية عن مراسلاته مع وزير الخارجية الإماراتي طيلة توليه المهمة الأممية، وانعكاسات ذلك على مهمة خلفه “مارتن كوبلر”، يعتقد عبد النبي “بصعوبة مهمته في التعامل مع القوى الوطنية الليبية”، مؤكدا أنه “سيجد صعوبة أكبر في إثبات أنه لا يشبه سلفه ليون، وهي مهمة صعبة وبالغة التعقيد”.
واختتم بقوله أن “تعدد اللاعبين المحليين والخارجيين في أزمة داخلية كالأزمة الليبية سوف يدخلها في متاهات لا تخدم أحدا بالنهاية”.
وفي حديث خاص مع الأناضول، قلّل الناطق باسم اعتصامات محافظة نينوى العراقية “غانم العابد” من احتمال نجاح “مارتن كوبلر” في مهمته الحالية كمبعوث دولي إلى ليبيا، واصفا إياه بـ “الشخص غير النزيه والذي لا يمكن ائتمانه على نقل صورة الواقع إلى الأمم المتحدة”.
وأضاف أن كوبلر كان يعد تقارير حول الاعتصامات، وصفها بـ”غير المهنية وتعكس وجهة نظر الجانب الحكومي فقط”، مستدلا على ذلك بمطالبة كوبلر المعتصمين “بضبط النفس دون أن يوجه أيّ انتقاد للحكومة العراقية وقواتها التي قتلت عدد من المعتصمين دهسا بسيارات الشرطة في 7 يناير 2013”.
وشدد العابد على أن “هناك قناعة في العالم العربي والإسلامي بأن المبعوثين الأمميين ليسوا أكثر من ذمم معروضة لمن يدفع أكثر”، بحسب قوله.