«المقاربة بالكفايات» نموذج تربوي لنجاح العملية التعليمية التعملية
الحسين باروش
هوية بريس – الأربعاء 18 نونبر 2015
تعددت مناهج الإصلاح والهدف واحد، وتنوعت الآراء والمواقف فيما يخص مداخل إصلاح المنظومة والرقي بها إلى أحسن وجه وأكمل طريق، بواسطة جعل المتعلم مركز ومحور العملية التعليمية التعلمية، وقد اعتمدت منظومتنا في بداية تنزيلها لمشروع الإصلاح على بيداغوجية المضامين التي كانت تحمل في طياتها شحن المتعلمين بالمعرفة مع تغييب تام وواضح لعقل المتعلم ووجدانه، وكذا لطرق التدريس وطرق التقويم، فكانت النتيجة إيجاد متعلم مليء بالمعرفة، وبعيد كل البعد عن تنزيلها.
فتم طرح سؤال الإصلاح من جديد فكان اقتراح بيداغوجية الأهداف التي كانت متقدمة شيئا ما عن الأولى في إدخالها لعلم التدريس في تنزيل المضامين والأهداف سواء على مستوى الكتب المدرسية أو على مستوى داخل الفصل، كما أن هذه البيداغوجية اعتمدت في مقاربتها للتعلم على النظرية السلوكية التي يرتكز مبدأ تعلمها على المثير والاستجابة، وقد حددت هذه البيداغوجية مراتب الأهداف حسب ما أورده الدكتور سعيد حليم في كتابه على الشكل الآتي:
– الغايات ثم الأهداف العامة، والأهداف الصنافية، والأهداف النوعية، والأهداف الإجرائية.
إلا أن هذه البيداغوجية مقارنة مع سابقتها، أبلت بلاء حسنا وأدت دورا مهما في ضبط وتقنين العملية التعليمية التعلمية، وإخراجها من المجال المعرفي إلى المجال البيداغوجي، ومن العمل العشوائي إلى العمل المنظم، وفق أهداف محددة، وطرق معلومة، سواء على مستوى طرق التدريس، أو على مستوى طرق التقويم والدعم1.
إذن فقد آن الأوان اليوم لنتساءل عن مدى تحقيقنا لمبتغى منظومتنا لأبنائنا وهل الأمر يستدعي حلا آخر وتدخلا سريعا كما حصل مع بيداغوجية الإدماج التي مروا عليها مرور الكرام وأنفقوا عليها ما لا يخطر على بال.
لكن هذا كله كان نتاجا لقرارات عشوائية، وسوء تدبير للأطر التي تسهر على هذا الهيكل العظيم؛ الذي إن صلح صلحت سائر القطاعات وإن فسدت فسد المجتمع كله؛ فكان الحل الأخير هي بيداغوجية الكفايات التي لا زال البعض يشتكي منها لعدم الحصول على التكوين الكافي، والبعض الآخر تأقلم معها اعتمادا على التكوين المستمر كالمحاضرات والدورات التكوينية التي يحضرها، وبقي الآخر متشبثا بآرائه وبأسلوبه القديم في التدريس، فعملية التدريس بالكفايات تحاول التركيز على المتعلم وتجعله محور العملية التعليمية التعلمية، وتنهل من جميع نظريات التعلم في جانبها السيكولوجي:
– المدرسة البنائية.
– المدرسة الجشطلتية.
– النظرية المعرفية.
فهي تبحث عن كيفية اشتغال الدماغ وإعطائه الأولوية في التعلم، فالكفايات لم تقتصر على جانب واحد بل اشتملت الجوانب الثلاثة لشخصية المتعلم؛ المعرفي، السلوكي، الوجداني، وحتى نحظى بنوع من المسؤولية والمرونة في العمل لا بد للمدرس أن يتحلى بمجموعة من الكفايات من بينها:
الكفاية الخلقية: ونعني بها أن تكون للمدرس أخلاقا حميدة وصفات حسنة تجعل منه أسوة وقدوة للمتعلمين، لكي ينهلوا من علمه وأدبه ووقاره، ولا ينبغي أن يكون فاحشا في القول، وألا يفضل الذكور على الإناث والعكس.
الكفاية العلمية: ونعني بها أن يكون المدرس ملما بمادته وليس عيبا أن يكون مثقفا في بعض العلوم، وأن يقوم بتشريح المقرر ووحداته حتى يعرف الطريق اليسير لإيصال المعلومة، وأن يكون ملما بالقضايا التربوية لكي تساعده على فهم شخصية المتعلم بصفة عامة، وشحن الجوانب الضعيفة فيه.
الكفاية البيداغوجية: ونعني بها الاطلاع أو قل أن يحاول ابتكار وإبداع طرق جديدة في التدريس والتقويم، وأن يوظفها توظيفا محكما في حصصه.
الكفاية التكنولوجية: ونعني بها أن يستيقظ المدرس من غفلته، ويعي بأهمية استخدام التكنولوجية الحديثة في المنظومة التعليمة، لأنها تيسر العمل وتوصل المعلومة بطريقة سهلة وبسيطة.
وختاما لابد أن نعي بموضوع الكفايات وأهميتها في التدريس، باعتبارها من الركائز المهمة للرقي بمنظومتنا، وأن نحاول تأهيل متعلم قادر على الاندماج في حياته اليومية، وأن ننمي فيه مجموعة من الكفايات التي نراها مهمة ومناسبة له.
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] مدخل إلى علم التدريس، د.سعيد حليم، ص:33/34.