رسالة إلى السيد رئيس الحكومة في شأن تقنين القنب الهندي
هوية بريس -الدكتور عدنان لخليفي
تحية وسلاما وبعد،
تعتزم حكومتكم مدارسة قانون يقنن الاستعمالات المشروعة لنبتة القنب الهندي(الكيف)، ولأنني لست من أهل الدراية ولا من العالمين بمقدار الفائدة التي ستجنيها بلادنا من هذا التقنين بالمقارنة مع المشاكل التي سيصحبها والاكراهات التي سيطرحها هذا الأمر، فلن أناقش الأمر من هذه الزاوية.
ولكن أحب أن أنير رأي سيادتكم بمجموعة من الإشارات في الموضوع بحكم اطلاعي على بعض المناطق التي تقوم بزراعة هذا السم منذ وقت ليس بالقصير،وساقدم نموذجا من منطقة بشمال المغرب.
تغزوت منطقة تابعة لنفوذ عمالة الحسيمة سكانها يتكلمون لهجة مزيج بين الريفية والدارجة والامازيغية، عرفت المنطقة قبل عقود بأمرين أساسيين:
الأول إتقان أبنائها للصناعة التقليدية وخاصة الجلدية منها، حتى انها من أوائل المناطق التي أنشئت فيها دار للصانع بالمغرب. والأمر الثاني بكثرة حفظتها للقرآن، حتى كاد لا يخلو بيت من حافظ أو أكثر.
ومن الناحية الجغرافية كانت جنة في الأرض دائمة الاخضرار، لجأ إليها العديد خلال فترات الجفاف بالشمال المغربي، كانت تقوم المعيشة فيها وتمتاز بزراعة التين والزيتون والجوز واللوز والعنب وبعض الخضروات.
وعند ظهور زراعة الكيف فيها والذي دخل إليها لأسباب ارتبط فيها ما هو سياسي بما هو استغلالي القصد من ورائه تشويه الشمال المغربي بصفة عامة، تغيرت أحوال المنطقة خلال ثلاثين سنة، نتيجة الاهتمام بهذه الزراعة.
فبلاد حفظة القرآن صارت خالية من الحفظة إلا ما تبقى من الشيوخ،
وارتفعت نسبة الهدر المدرسي بشكل مأسوف عليه في مرحلة الابتدائي والاعدادي،
ولم تعد هناك صناعة جلدية ولا صناع إلا في النادر الاندر،
وقلّ انتاج محاصيل التين والزيتون واغلب الزراعات الاخرى، نتيجة عدم الاهتمام بها فالزراعة الجديدة اخذت كل الجهد،
وانتشرت بكثرة حشرات وانواع من القوارض لم يكن لها وجود منتشر في المنطقة،
زادت نسبة الامراض في صفوف الاطفال والكبار،
ازدادت نسبة المدمنين على المخدرات والتدخين والخمر في صفوف الشباب،
وزادت نسبة الهجرة في اتجاه المدن في صفوف الشباب والأطفال نحو المدن بحثا عن مصادر رزق وهربا من جحيم الحياة،
وصار سكان المنطقة مستغلين من طرف تجار المخدرات، فلا هم مستفيدين من ثمنها الحقيقي ومجهود زراعتهم لهذا السم، ولا هم بقوا على فطرتهم،
وخلاصة دمر الكيف المنطقة من الناحية الاخلاقية والصحية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية بسبب هذه الزراعة.
فأتمنى منكم وانتم تطرحون هذا المشروع للنقاش أن تأخذوا بعين الاعتبار هذه الجوانب في نظركم، اضافة الى صعوبة التحكم في تقنين الاستعمالات “بالجوانب المشروعة”.
وان تسهموا في إضفاء شرعية على ما هو مجرم وقبل ذلك محرم. وقد قال تعالى: “والذي خبث لا يخرج إلا نكدا”.
والسلام.
زريعة القنب ….لا تأتي إلا بالشر