تركيا تدشن نفقا تحت البوسفور يربط آسيا بأوروبا
هوية بريس – أ ف ب
الثلاثاء 29 أكتوبر 2013م
دشن القادة الأتراك في مراسم احتفالية اليوم الثلاثاء في إسطنبول، أول نفق للسكك الحديد تحت البوسفور يربط بين الضفتين الأوروبية والآسيوية للمدينة، في مشروع عملاق تعتبره السلطات “ورشة القرن”.
فبعد أعمال استمرت تسعة أعوام، سيتيح نفق مرمراي الذي يبلغ طوله 14 كلم من بينها 1,4 كلم تحت الماء، الربط بين القارتين المطلتين على البوسفور.
وسينقل القطار عبر هذا النفق أول الركاب من آسيا إلى أوروبا على أمل تسهيل التنقل بين القارتين، في رحلة يقوم بها يوميا ملايين الإسطنبوليين.
وفي آب/اغسطس (غشت) الماضي، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وهو خلف مقود القطار الذي قام بأولى التجارب في النفق تحت بحر مرمرة أن “حلما عمره عقودا يتحقق”.
وأضاف إن “هذا المشروع حلم عمره 150 عاما (…) أجدادنا فكروا فيه ونحن نفذناه”.
ودشن أردوغان رئيس بلدية إسطنبول السابق النفق في احتفال كبير على الرصيف الآسيوي اوشكودار في الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش.
ومرمراي من المشاريع العمرانية الكبرى التي غذت في أغلب الأحيان الاحتجاجات على الحكومة في حزيران/يونيو الماضي.
وسيرافقه في يوم ذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 1923، رئيس الحكومة اليابانية شينزو ابيه الذي قدم القسم الأكبر من الأموال لتنفيذ المشروع.
وقد طرح السلطان العثماني عبد المجيد فكرة حفر نفق تحت البوسفور للمرة الأولى في 1860. لكن انعدام الوسائل التقنية والأموال الكافية، حالا دون خروج تلك الفكرة إلى حيز التنفيذ.
وأعيد طرح المشروع في التسعينات، مع الانفجار السكاني لإسطنبول التي تضاعف عدد سكانها منذ 1998 وتجاوز 15 مليون نسمة.
وبفضل الدعم المالي من بنك اليابان للتعاون الدولي (735 مليون يورو)، ثم من البنك الأوروبي للاستثمار، بدأ كونسورسيوم من شركات تركية ويابانية تنفيذ المشروع في ايار/مايو 2004.
وتقدر التكلفة الاجمالية للمشروع اليوم بثلاثة مليارات يورو.
وكان من المفترض أن تنجز أعمال الحفر خلال أربعة أعوام، لكن اكتشاف مجموعة من الكنوز الأثرية، أوقفها فترة طويلة.
وأسفرت أعمال الحفر عن العثور في الإجمال على 40 ألف قطعة أثرية، خصوصا على الضفة الأوروبية لبحر مرمرة. ومنها مقبرة استثنائية لحوالي ثلاثين سفينة بيزنطية تشكل أكبر أسطول معروف حتى اليوم من القرون الوسطى.
وقد حمل هذا الصيد التاريخي غير المتوقع رئيس الوزراء التركي على التساؤل قبل سنتين “تحدثوا في البداية عن قطع أثرية، ثم عن أوان فخارية، ثم عن هذا وعن ذاك. وهل كل ذلك أهم من الناس؟”.
وأخيرا، أنجز النفق الذي هو كناية عن قناة مزدوجة محفورة على عمق 50 مترا تحت مجرى البوسفور. وفي هذه المنطقة التي يكثر فيها النشاط الزلزالي، يفترض أن يتمكن من مقاومة الهزات الأرضية التي تبلغ قوتها تسع درجات على مقياس ريختر المفتوح.
وعبر هذا النفق الموصول بـ75 كلم من الطرق الجديدة، تريد السلطات وقف المعاناة اليومية لمليونين من سكان إسطنبول يجتازون يوميا جسري البوسفور الدائمي الاكتظاظ.
وقال رئيس بلدية أكبر مدينة تركية قادر طوباس الإثنين إن “النفق ينشىء محور طرق بين شرق وغرب المدينة التي سيخفف كما اعتقد العبء عن الجسرين (في المدينة) بفضل قدرته على استيعاب 150 ألف مسافر في الساعة”.
ويعرب البعض عن شكوكهم في ذلك.
فلم تكن الانتقادات التي وجهت إلى هذا النفق أقل من تلك التي انصبت على المطار الثالث للمدينة، والقناة التي يبلغ طولها 45 كلم الموازية للبوسفور أو الجسر الثالث على المضيق. وقد اعتبرت تلك المشاريع “العملاقة” أدلة على الانحراف التسلطي والابتزاز لدى الحكومة الإسلامية المحافظة خلال احتجاجات حزيران/يونيو.
وقال تايفون خرمان رئيس غرفة مهندسي مدينة إسطنبول “إنه مشروع مهم تحتاج إليه المدينة (…) سيقلص كميات غاز الدفيئة”.
لكن ربطه بالأجزاء الأخرى من شبكة النقل المشترك لم يتحقق بعد. وأعرب خرمان عن أسفه بالقول إن “القسم الموضوع في الخدمة محدود جدا. وقد أرجئ كل ذلك إلى وقت لاحق، ويتساءل الناس لماذا الإسراع في التدشين”.
من المقرر أن تجرى الانتخابات البلدية في اذار/مارس 2014.