خرق معاهدة 1845.. دائما بالنسبة للفرنسيين “الخطأ عند الآخرين”

23 أغسطس 2021 22:33
خرق معاهدة 1845.. دائما بالنسبة للفرنسيين "الخطأ عند الآخرين"

هوية بريس – ذ.ادريس كرم

ملخص:

طرحت معاهدة لالة مغنية بين فرنسا المحتلة للجزائر والمغرب سنة 1845 إشكالا حقوقيا، كان المغرب يدافع به، تحركات القوات الفرنسية أثناء محاولاتها احتلال أراضي مغربية، جنوب وهران، حيث نصت بوضوح على مغربيتها، الاتفاقية السابق ذكرها، والتي لم تجد بدا من دفع الدبلوماسيين الفرنسيين بفاس وطنجة، للعمل على تعديلها بأي شكل من الأشكال، وأمام عجزهم، حركت قواتها للإغارة على القبائل المغربية التي جابهتها وعاملتها بالمثل، مما جعلها تفكر في وضع برتوكول مكمل وقع في 1901 بباريس كما سنرى لاحقا.

مفاتيح النص:

لا ينبغي توزيع معاهدة 1845 في المغرب -مذكرة فلورين- ملاحظات وزارة الحرب -احتياط الحاكم العام للجزائر- حول الغزوات والاخطاء التي نستفيد منها، مقتطفات من التقارير التي أعدها (دولمرتينيير) حول مختلف عمليات الغزو -التعويض عن قضية الغرفة- بعض التأملات…

النص:

لم يصرح السيد فلورنز وزير الشؤون الخارجية بصيغ موجزة كتلك التي صرح بها وادينجتون، ولكنه حدد الخلاف الذي تدرع به خليفة فكيك عند استظهاره بمعاهدة 1845 حيث كتب:

…في الوضع الحالي، سيكون من المستحسن أن نتجاهل إن أمكن، المناقشة التي لم تبدأ بشكل جيد على هذا الأساس الدبلوماسي… وتسوية القضية على الفور، دون التشكيك في مسائل مبدئية، ليس لدينا فيها مصلحة، لرؤيتها تثار من قبل ديوان بلاط فاس.

…في كثير من الأحيان ننطلق في فاس من مناقشة مسائل الحدود.. نحن تعلمنا من الحكومة المغربية الاستناد من جهتها على تدابير الأحكام الدولية التي تعرف تحديد قيمتها اليوم مثلنا.

حسنا أليس مؤكدا إجادة الكيدورسـي إخضاع الوزير للتقليد المجهول للمكتب الخاص، الذي يحمل في الوزير، مسؤولية مماثلة التصريحات للاتفاقيات بالرغم من أن الكيدورسي نادرا ما يعرض بشكل صريح الاتفاقيات التي تخدم مصالح القوة.

لم يستطع السيد فلورنز اللامع، أن يعترف بأن المغرب احتج بمعاهدة 1845 وما إن كان هذا مسموحا به لنا.

في قضية بني كيل هذه، الاتفاقية رسمية، المغاربة على حق، وهذا محزن بالنسبة لوزيرنا في الشؤون الخارجية.

يجب أن أضيف أنه إذا قاموا في الكيدورسي بتتبع

“توقيع فرنسا” بمثل هذا التقلب في وزارة الحرب -كان السؤال واضحا للغاية- فقد اعترفنا بحقوق المغاربة.

وزير الحرب لاحظ بأن:

…صياغة المادة الرابعة 4 من المعاهدة، دقيقة للغاية، ولا تترك أي مجال للشك فيما يتعلق بحقوق كل من البلدين، وأضاف أنه قد يحدث أن خليفة عامل وجدة بفكيك، يطالب مواطنيه بالمرور الحر للمراعي الصحراوية التي ترتادها قبائلنا عمليا، فإنه يكون قد خضع للتأثير المعادي لنا، لكن من الصحيح مع ذلك أنه يدعي حقا معترفا به رسميا بموجب قانون دولي، وبغض النظر عن الطريقة التي ننظر بها السؤال، فإننا نعارض هذه المعاهدة.

من جهته انتهز الحاكم العام للجزائر الفرصة، ليؤكد الأطروحة القديمة لحكام الجزائر، وهي الصعوبات التي سببها غياب حدود جنوب ثنية الساسي، لذلك يطالب الكيدورسي مرة أخرى، بالموافقة في الأخير على تسوية المسألة، وبناء عليه فقد كتب:

….لا يمكننا أن نتجاهل أهمية وقيمة أسباب النظام الأعلى، الذي يفرض علينا في علاقاتنا مع المغرب، حذرا جادا، وعلوّا صحيحا تماما؛ لكن هذا التصحيح سيكون أقل وضوحا للدواوين الأوربية، فيما إذا كانت هناك حدود حقيقية، بذلا من هذه الاتفاقيات تتعارض مع ما يعتبره الدبلوماسيون معاهدة ترسيم الحدود، وما تقتضيه تقاليد الحقوق والعادات المقبولة عند الرحل، والرعاة، في كلا البلدين، علاوة على ذلك يؤدي هذا التصحيح، إلى فقداننا في الممارسة اليومية لكل المنافع، التي يمكن أن تجنيها دولة قوية، ومنظمة جيدا، نظريا من جارتها الأضعف، من حدود لا نهائية التحديد.

نحن دائما ما نضع في البديل، ما يتسبب في تشكي دواوين أوربية خلال استخدام المغرب وجها لوجه حقوقا مفرطة، وغير منطقية، عفا عليها الزمن، والتي لم نكن نعتبرها نصا مثيرا للاعتراض عام 1845 حيث شرع قادتنا الإقليميين، في إقامة وضع خاطئ ومهين، مضر في نفس الآن بشرعية العمل الفرنسي جنوب التل الجزائري، وكذلك بالحضارة الأوربية، في مواجهة أنصاف المتوحشين.

هناك طريق واحدة للخروج من هذا المأزق، وهي أن يكون لذينا حدود، لأنه لا يبدو أنه يمكننا اليوم كما في الماضي تفويض الجنرال قائد منطقة وهران، ليتصرف كما لو كانت الحدود موجودة معترف بها.

هذه التسوية المؤقتة تعتبر من جهة جد عملية، ومن جهة أخرى، حلا يقدم امتيازات حقيقية، لكن منذ مدة اعتبرت بأنها غير عملية، لأنها تقدم للمغرب ومن هم في حكم أعدائنا من الأوربيين إيحاءات في الحق باتهامنا في انتهاك اتفاقية 1845 وعليه فمن الحكمة تتميم هذه الاتفاقية بتثبيت خط الحدود.

أثير الانتباه بوجوب قراءة هذا التقرير لحاكم الجزائر، الذي يقول بأن الاعتبارات المتعلقة “بموقفنا الصحيح” تجاه المغرب الخ …من الأحسن أن نتوقف عند هذا الحد.

إن الدراسة المعمقة لمستندات الحاكم العام تقدم تفاصيل عن عملنا اليومي منذ عام 1845 على الحدود الفرنسية المغربية والصحراء غير المقسمة، هذه الدراسة توضح أن الحق كان قائما بالنسبة لرجالنا خاصة عند تناولهم “أسباب الأوامر العليا” بالتصحيح “المطلق”.

فيما يلي ثلاث إضافات تبدو مهمة بالنسبة لي، إنهم يظهرون مدى إساءة استغلالنا للضرر الحقيقي الذي يتسبب به الرُّحل المغاربة لرُحَّلِنا، وحتى في إدانة الغارات المغربية، التي مارسنا نحن أيضا مثلها في بعض الأحيان.

خرق معاهدة 1845.. دائما بالنسبة للفرنسيين "الخطأ عند الآخرين"

إنه أولا وقبل كل شيء مقتطف من تقرير لمارتنيير (مستندات الحاكم العام) المتعلق بأمر شن غارة على عمُّور المغاربة من قبل لخضر الجزائري:

لم تضطرب الأوضاع حتى نهاية 1875 أي قبل الغارة التي تمت في 31 أكتوبر من قبل جلُّول ولد لخْضر على عمُّور، بواسطة 44 فارس و80 راجل من مِيرْ اعْوِيليَا فجأة، وقد نجحوا في أخد قطعان تلك القبائل البالغ حالي 5000 رأس من الغنم عنوة، بالرغم من كل التوصيات المقدمة، بعض الفخذات من حميان لديهم عديد من القطعان، غامروا بالتوغل في الجنوب تم افتكاكها من أصحابها من قبل فرسان عمور الذين لاحقوا جلول ولد لخضر ومجموعته.

ملاك هذه القطعان استعظموا لحد كبير هذه الخسارة التي تكبدوها، فتابعوا بحيوية المعتدين، لكن هؤلاء الأهالي استمروا عندئذ في دفع الثمن، ولو أنهم لم يشاركوا جلول في عدوانه، الذي كان تنفيذا لأوامر صدرت له عن السلطة الفرنسية، وذلك يتوالي غارات المغاربة حتى تم إرضاؤهم، برد قطعانهم المنهوبة في تيوت.

وزير الشؤون الخارجية يؤكد في رسالة (14 ماي 1885) عندما قمنا بالغزو كان ذلك (تمتعا بحقنا).

…إذا رفضنا من جانبنا أي مطلب للسلطان لصالح قبائله، وإذا حرمناه تماما من حقه في الأخذ بيده مصالح الأشخاص الذين خالفوا أوامره، فإنا أيضا علينا أن لا نقوم بنفس الممارسة الانتقامية ممن تمردوا علينا، مع العلم أنا انتقمنا من كل سالك تلك الطريق فقد هاجمت كتائبنا تباعا قبائل عمور، والشرفاء وبني كيل، وقبائل مغربية أخرى، وفرضنا عليها غرامات لصالح قواتنا الغازية لها.

معاهدة 1845 لا تمنح لقواتنا الحق في الإغارات ولو للانتقام، لأن الإغارة سطو مسلح، فعندما مارستها توركيا وصفناهم بالصوص، واتفقنا على ضرورة وضع حد لعمليات قطع الطرق، لإضفاء الشرعية على عملنا عندما طردناهم من الجزائر، لذلك عندما يقوم المغاربة بغارة نقول عنهم بأنهم قطاع طرق، نحن نقول عنا نفس الوصف عندما نقوم بنفس الفعل.

نحن نقوم بذلك فقط انتقاما، وهذا ممكن لدرجة يمكن الاعتراف بصوابه، ولكن مهما كان الدافع فإن الغارة تظل مع ذلك غارة على الدوام، ولا شيء يمكن أن يغير من حقيقتها الإجرامية.

من خلال القناة الدبلوماسية ومن خلال ذلك السبيل الوحيد المعروف، لدينا الحق في الحصول على ترضية من الغارات المغربية؛ نقوم بغارات مضادة بأنفسنا، وبذلك نكون قد خرجنا من المساواة، كما أنه صحيح أيضا أننا نطالب في غارات مضادة بتعويضات مماثلة لما فقدناه.

ومن الصحيح أيضا أننا عندما تصرفنا باستخفاف، كانت لدينا أحيانا مسؤولية فردية في إعداد مذكرات التعويض المقدمة للسلطان، ومرة أخرى هاك مقتطف أكثر إثارة للاهتمام حول هذا الموضوع من التقرير المذكور أعلاه لمارتينيير:

في ذلك العام قرر حميان إرسال قافلة لشراء التمور من تافلالت، ابتداء من 26 نونبر 1891 قافلتهم انقسمت لمجموعتين، لما وصلت الغرفة، رجالنا الذين كانوا يرافقون في الطريق قافلة دوي امنيع، استقبلوا بحفاوة من قبل سكان هذه القرية المتعاملين معهم، لكنهم أخبروا السكان بأنه من غير الممكن الشروع في عملية تجارية معهم، بسبب الأوامر التي أعطاها مولاي رشيد العم الأكبر لمولاي عبد العزيز المقيم بتافلالت، في الوقت نفسه علم أهلنا أن رسائل مولاي رشيد قد تمت قراءتها في جميع المساجد بالمنطقة، تحت طائلة أقصى العقوبات، تحث على الامتناع عن بيع أي شيء لحميان، الذين يتعاملون مع “مِزَنات” يعني الكفار، والانتباه لتواجد ضباط فرنسيين متنكرين مندسين في قافلة حميان.

في 10 دجنبر تكونت عصابة من 1000 إلى 1200 راجل من جميع النواحي، وأغلبهم من البرابر، خرجوا من مضيق الدار البيضاء، وقاموا بمهاجمة رجالنا، وقد شوهد من بينهم نحو 60 فارسا، لكن تسليحهم كان سيئا: بنادق حجرية، فؤوس، وسكاكين، حَمْيانُنا سارعوا لأخد جِمَالهم في اتجاه الشمال الشرقي، في حين تأهب 70 أو 80 فارس لمواجهة الهجوم، في أول مواجهة سادت الفوضى في صفوف المهاجمين: قتل منهم فارسان، وفضل الباقون الفرار، فارتبك المشاة إلا أنهم قاوموا أحسن، لكن تسليحهم كان رديئا فاضطروا للتراجع عن مواقعهم، في هذه المعركة قتل لنا فرد وجرح آخر، وقتلت عودتان، وفقدت أخرى، أما خسائر البربر، فكانت قيمة، فقد عَدَّ رجالنا قبل انسحابهم 140 قتيل، انتهى القتال وخشي حميان تجدد القتال ومعاودة الهجوم عليهم، فتراجعوا نحو واد كير، ومن هناك توجهت مجموعة لبشار، لقنادسة، وودكة، ومجموعة أخرى توجهت لبني كومي وثالثة قصدت فكيك.

الجنرال كومندار فيلق وهران أحصى خسائر حَمْياننا فوجدها كالتلي:

بالنسبة لتجارة غرفة بلغت 215249 فرنك

بشار……………………. 18406 ……..

المجموع …………………233745 فرنك

بالنسبة لأي رجل يتمتع بفطرة سليمة ولديه أدنى لمحة من العقل، من الواضح أن مسؤولية إراقة الدماء تقع على عاتق من هم أقوياء جيدوا التسليح متموقعون في مكان يمكنهم من قتل 140 شخص بفقدان رجل واحد منهم، مثل هذا التفاوت لا يمَكِّننا من القول بأن حَمْيَانِنا تَمَّ مهاجمتهم، وطبعا هم فقط ردوا الهجوم بإتقان وانضباط، لا نستطيع تفسير ولا فهم كيف تم قتلهم 140 شخص مقابل سقوط شخص واحد منهم.

حقا في عملية الغُرفَة هذه، من وجهة نظر دبلوماسية فقد طالبنا للسلطان بـ215249 فرنك من التعويضات وسنحصل عليها.

هذه حقيقة، حقيقة لم أخترعها، حقيقة استقيتها من مستندات الحاكم العام بالجزائر، في دعايتنا كُتَّابنا ومتحدثونا عندما يحللون المسائل الدولية، يكونون متفوقين، دئما يَرَوْن الخطأ عند الآخرين… (ص :177-187) la question du maroc.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M