د.العلام: غالب الظن أن الكثير ممّا في حكومة أخنوش يشبه ما تتصف به الحكومات المؤقتة!
هوية بريس – د.عبد الرحيم العلام
بإعلان برنامج الحكومة التي يتزعمها حزب التجمع الوطني للأحرار ومن معه، ربما يكون المغاربة قد وقفوا بشكل جلي على النموذج السياسي المنشود خلال السنوات الأخيرة:
– اجتمعت الأحزاب وأعلنت عن حكومة تشبه شركة برئيس ورؤساء أقسام (يمكن مراجعة مقال مطول في الموضوع: “ملاحظات على تركيبة حكومة ما بعد 8 شتنبر”).
– لم تستطع الحكومة أن تجتمع حضوريا، بينما كان وزراؤها يحشرون أنفسهم في بيىوت ضيقة خلال الحملات، وإنما فضل رئيسها عقد اجتماعا عن بعد شبيه باجتماعات التط يعقدها رؤساء الشركات مع رؤساء المصالح. في الوقت الذي يدرّس الأساتذة -مثلا- في أقسام ضيقة، أكثر من خمسين تلميذا، ويدرس أساتذة الجامعات في مدرجات مكتظة، بينما يخشى رئيس الحكومة الاجتماع مع 24 وزيرا في قاعة مريحة، وكأن حياته أغلى من حياة آلاف الذين يشتغلون في أوضاع صعبة؛
– فضلا عن خلو الحكومة من أي حقيبة وزارية تعنى بتنمية حقوق الإنسان، والسهر على تطوير قيم الديمقراطية، فإنه حتى برنامج إعلان النوايا الحكومية، قد جاء شحيحا في الموضوع، وكأن الحكومة لم تجد من يكتب لها بعض الأفكار في الموضوع (ولو مجرد نوايا)، أو ربما ينطبق عليها المثل: ” فاقد الشيء لا يعطيه”!
– لم تمر على وعود المحطة الانتخابية إلا أسابيع قليلة، حتى تبخّرت أرقامها الدقيقة في كلمات إنشائية قرأها عزيز أخنوش بصعوبة أمام ملايين المغاربة.
حتى وإذا قمنا بمنع الأنامل عن كتابة العبارة التقليدية والمملة “تمخّض الجبل فولد فأرا”، فإنها تأبى إلا أن تلتف حول الموضوع وتكتب: ” تبخّرت الوعود فولدت حكومة يجمع وزراؤها بين المناصب، ويُصبغ بعضهم بألوان حزبية على الورق، و تتحول أرقام برامج الحملات الانتخابية إلى كلمات إنشائية من دون سقوف زمنية، ومن غير أرقام دقيقة.
ومن أغرب مفارقات هذه الحكومة التي رمت في بحر اللامبالاة، كل الدعوات التي ترفض الجمع بين المسؤوليات، أنه لأول مرة يمكن لرئيس حكومة أن يرأس عامل مدينة أكادير بصفته رئيسا للحكومة، وفي نفس الوقت يمكن أن يفرض عليه نفس العامل إدراج نقطة في جدول أعمال مجلس الجماعة أو يرفض التأشير له على الميزانية.
كما يمكن للوكالة الحضارية لمدينة مراكش مثلا أن ترفض للمجلس الجماعي – الذي ترأسه وزيرة التعمير – رخص البناء التي يمنحها المجلس، غير أنه يمكن للعمدة أن تفرض على الوكالة الحضارية قبول التصميم أو الرخص لأن العمدة هي في نفس الوقت وزيرة للإسكان، أي رئيسة مجلس إدارة الوكالة الحضارية [مثال آخر: إذا تضرر مواطن من تصميم التهيئة، الذي تعده الوكالة الحضرية بتعاون مع المجلس الجماعي (أخذ من أرضه أكثر من اللازم مثلا)، فإنه يقدم شكوى بالمجلس الجماعي، أي ضد العمدة، وهذه الشكوى تدرس في الرباط داخل اللجنة المركزية الموجودة بوزارة التعمير والاسكان التي ترأسها الوزيرة العمدة، أي أنها في نفس الوقت مشتكى بها، وفي نفس الوقت هي من ستبث في الشكوى!]
ويمكن لوزيرة الصحة أن توقع اتفاقية مع عمدة الدار البيضاء، وأن تسهر بنفسها على مساو تنفيذ الاتفاقية، بمعنى أنها تراقب نفسها بنفسها.
غالب الظن أن الكثير ممّا في حكومة أخنوش يشبه ما تتصف به الحكومات المؤقتة!