ميرندينا.. من بيع الحلوى إلى الإغراء الجنسي.. أين الدولة والعلماء والمجتمع المدني من استهداف الطفولة؟

09 فبراير 2022 11:34

هوية بريس – محمد عوام

لا يخفى أن الطفولة مرحلة حساسة في حياة الأمم والشعوب، بل هي أخطر مراحل العمر، إذ فيها يتشرب الطفل كل القيم والمبادئ الدينية والفكرية والأخلاقية، فكل الأمم تسعى إلى بناء أطفالها وفق عقيدتها ومبادئها، وتعمل جاهدة على حمايتها من كل دخيل، قد يعكر صفوها.

والطفولة في عقيدتنا الإسلامية، ومبادئنا الحضارية، وقيمنا المجتمعية الأصيلة، ليس مجرد مرحلة عابرة، وإنما هي مرحلة لصياغة مشروع إنساني للمستقبل، يحمل في عمقه عقيدة إسلامية أصيلة، وأخلاقا رفيعة سامية، وتفكيرا سويا ناضجا، كل ذلك لتحقيق مقصد أصيل، بل يعتبر أم المقاصد وأسماها على الإطلاق، وهو مقصد العبودية لله تعالى، والخضوع له، في كل مجالات الحياة، وبناء العمران الذي لا يخفى أنه من مقاصد هذا الدين.

غير أن هذه الطفولة البريئة، في ظل أوضاع متردية، وتخلف فظيع، وحرب علمانية متغطرسة تنقض كل القيم والمبادئ، ما فتئت تتعرض لحرب شرسة لتدميرها، والقضاء عليها، وصياغة كائنات منفصلة عن دينها، وقيمها الاجتماعية، ومقوماتها الحضارية، حتى يتسنى للمستكبرين الذين علوا في بلدان العالم، لا سيما عالمنا الإسلامي، أن يحققوا مآربهم الخبيثة من جراء سياسة الهيمنة، وجعل الكيانات والدول تابعة لهم، خاضعة لأوامرهم، متبعة لملتهم.

في هذا السياق اطلعت علينا شركة مريندينا، بصورها الخبيثة، التي تسعى من ورائها إلى الترويج للجنس، والدعوة إلى العلاقات الجنسية عن طريق التحرش، ورسائل الحب والتغزل، فتحولت بذلك من شركة لبيع الحلوى إلى شركة للقوادة في أبشع صورها، وتدمير لأخلاق الأطفال والشباب، بالتطبيع مع الفاحشة، وإحداث خلل في تصوراتهم ونفسيتهم البريئة، فهذه بمثابة حرب على قيم المجتمع الدينية والحضارية، وضرب من خلف لمبادئ الدستور، الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، والإسلام يحرم مثل هذه الأعمال الشنيعة ويجرمها، ويضرب على أيدي المفسدين.

ونحن نتساءل أين هي الدولة المغربية المسلمة مما يجري؟ أليس هذا تدميرا لرصيد المجتمع والدولة وهو الطفولة؟ أليس هذا حربا على قيم المجتمع المغربي بالترويج لجنسانية خبيثة ملغومة من خلال الحلوى؟

أين جمعيات حماية الطفولة؟ أين الذين شنوا حربا على إيقاظ الأطفال لصلاة الفجر، وتعليمهم مبادئ دينهم؟ لماذا أصبتم بعقدة في ألسنتكم أم أن تدمير الأطفال والشباب بالجنس لا حرج فيه على مذهب إبليس وأزلامه؟ وأين ما يسمى بالمجتمع المدني الذين يصدعون الرؤوس، ويدندنون حول قضايا العنف ضد المرأة؟ أليس هذا من قبيل العنف الذي تمارسه شركة في حق ملايين أطفال وشباب المغرب؟

وأين حماة الدين وحراس العقيدة من علماء ومرشدين ودعاة، ألا يعنيهم ما يحدث ببلدهم؟ إلى متى السكوت عن هذا المنكر الفظيع، والجريمة الشنعاء، أليس أنتم أحقاء بحماية الطفولة مما يدمرها، ويقضي عليها؟

إن شركة مريدينا لم تعد مجرد شركة تبيع الحلوى فحسب، وإنما أصبحت شركة لتسويق منتوج الجنس، لتخريب الطفولة المغربية، وتدمير أصالة المغرب، وتقويض المقومات الوجودية والحضارية والأخلاقية والعقدية للمغرب، وهنا يكمن الخطر، فهي ذات معول تخريبي خبيث، فالأحرى بها أن تسمي نفسها مريجنسيا.

وحقيق بالدولة المغربية، إن كانت تعتز بدينها وأصالتها، وتاريخها، ولها حرقة على أبنائها، أن تقف في وجه هذه الشركة المقيتة، وتكون لها بالمرصاد، ويتصدى لها حماة الطفولة، ويقاطعها المجتمع المغربي قاطبة، إذ لا تسامح مع من يخرب بناء الدولة ورصيدها المستقبلي، وهو الطفولة والشباب، فهذا من العدوان الأكبر، ومن أخطر أنواع الإرهاب والعنف على نفسية الأطفال والشباب.

وإذا كانت الجهود المبذولة من الدولة المغربية محمودة للقضاء على الإرهاب، فلا جرم أنه لا يكتمل ذلك إلا بالقضاء على الإرهاب الجنساني، فإنه دمار ما بعده دمار، وطوفان ما بعده طوفان، فكم من حضارات أبيدت عن بكرة أبيها، لم يكن سبب ذلك إلا إطلاق العنان للجنس، بدون ضوابط، ولا أخلاق، ولا دين أن يفتك بها، فكانت الكوارث تتلوها كوارث، والانتكاسات تعقبها انتكاسات، فحل الدمار “إن ربك لبالمرصاد”

نحن في حاجة إلى وعي عميق، وعقل سديد لإدراك ما يراد لنا من قبل أعداء أمتنا، فكل خطواتهم محسوبة ومدروسة، للقضاء علينا، فأين نحن من المعركة الحضارية؟ فأول شرط للنهوض هو بناء الوعي، وإيقاظ النفوس من سباتها، وتنبيهها بالخطر المحدق بها، وإن التصدي لمثل هذه الأعمال الخبيثة لهو من الأهمية بمكان. إن حماية الطفولة والشباب حماية مستقبل الأمة، ولا تكون الحماية إلا بترسيخ عقيدة الإسلام الصافية النقية، وغرس الأخلاق الحميدة النبيلة، وزرع المبادئ الأصيلة الطيبة. وصدق الله تعالى في قوله عز وجل: “أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان كمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين” [التوبة:109].

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M