المعدل المرتفع والوهم الكبير!!
هوية بريس – عبد الحميد بنعلي
ذكرت سابقا أن اشتراط المعدلات المرتفعة للولولج إلى بعض الكليات العلمية مثل كلية الطب هو تعسف ليس له أي معنى، وأن هذه العلوم يبدأ اكتساب المهارة فيها من حين مزاولتها على أرض الميدان وليس في الكليات.
واليوم كنت في مراجعة لطبيب وقد مارس هذه المهنة سنين طويلة ونال فيها أعلى الرتب، فأردت التأكد من هذا الذي قلته، فسألته:
هل هناك أية علاقة بين مهنة الطب وبعض العلوم التي يشترط فيها معدل مرتفع مثل الرياضيات؟!
أطرق الطبيب قليلا، وتأمل السؤال جيدا، ثم رفع بصره إلي وقال:
أنا أقول لهم دائما: إن الولوج الى أي تخصص مهني يجب ان يكون طبقا لميول الانسان ورغبته وليس لمدى تحصيله العلمي؟!
إن جواب هذا الدكتور كان موفقا جدا، وهو قد تجاوزني في (التيسير) بفارق كبير جدا، أنا على الأقل اشترطت ادنى معدل لولوج هذه التخصصات، أما هو فلم يشترط شيئا من ذلك إنه نظر الى رغبة الانسان وميوله، لأن هذا هو الشرط المؤكد للحصول على النتائج المرضية، وقال لي بالحرف:
كم من شخص معدلاته الدراسية مرتفعة لكنه فاشل جدا في الطب، والعكس صحيح!!
ثم قال: تأمل مثلا في بعض الوظائف العسكرية يشترطون طولا معينا، مع أنه هذا الطويل قد يكون من أجبن خلق الله، وقد تجد الرجل النحيل القصير اسدا لا تقدر عليه الاسود!
قلت في نفسي: يا لذكاء هذا الطبيب وبراعة قوله!
ثم قلت للاستاذ: أعيد عليك السؤال الأول: هل هناك أية علاقة للرياضيات مثلا بالطب؟ بعبارة أخرى: هل يحتاج الطبيب الى استعمال الالة الحاسبة لاجراء عملية جراحية، او كتابة وصفة طبية؟؟
قال لي: أبدا، ليس بحاجة لذلك.
قلت: من هنا تدركون كيف تم حرمان المغاربة من الكوادر الطبيبة الكثيرة بسبب هذا الشرط السخيف جدا الذي ليس له أي معنى في الواقع؟
حتى رأينا عجزا كبيرا في الطواقم الطبية اثناء جائحة كورونا.
في حين هناك فائض في دكاترة العلوم الانسانية حتى فشت في صفوفهم العطالة والبطالة، علما بأن هذه التخصصات (الإنسانية) هي الأحق باشتراط المعدلات المرتفعة، ولكن العكس هو الذي حصل، ولا قوة الا بالله.