منع تمليك الأراضي الجماعية للنساء.. إحدى جرائم فرنسا الباردة بالمغرب
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
ملخص العرض:
يعالج الموضوع، إشكالية حرمان تمليك الأرض الجماعية للنساء، باعتبار المتحكم فيها هو العرف، الذي لا يورث المرأة، حسب رأي سلطة الحماية التي درست الموضوع وقننته، فتبين لها أن العرف مصادم للشرع الذي أقر حق المرأة في تملك الأرض، مثلما تتملك نصيبها في باقي متروك من ترثه.
ولما كانت الأرض الموسومة بالأرض المشتركة بين القبائل شاسعة ومنوعة، بين غامر موات، يستخدم في الرعي والاحتطاب وغيرهما، وعامر تستخدم في الزراعة والغراسة والسكن، قررت سلطات الحماية تقنينها، ووضعها تحت وصاية إدارة الأمور والاستعلامات الأهلية، وأحدثت جماعات لاستغلالها كلا أو جزء، وفق ما يتبين لها تقنينه من قوانين، توالى تحيينها لغاية القانون الحالي 17/63 الصادر عن “وزارة الداخلية” وريث “مديرية الأمور والاستعلامات الأهلية” التي لم تلغ الطابع العرفي للأرض، ولا إقصاء تملك النساء لنصيبهن فيها وفق الشرع، ولم ترفع يدها من تذبيرها، وتجعلها تخضع لقانون الأرض الملك، وبالتالي تحررها من قبضة القانون الاستعماري، الذي حول جزء هاما من المواطنين قصرا، ووضعهم تحت وصاية، غير شرعية تتصرف إداريا في أرضهم رغما عنهم.
** الكلمات المفاتيح:
ظهير، ولاية الدولة، الأملاك المشتركة بين الجماعات الأهلية، أرض الحبس، أرض المخزن، أرض الجماعة، عرف، شرع، أهالي، أرض موات، بلاد المحرم، بدائي، التنظيم التونسي، المراقبة المدنية، إدارة الأمور والاستعلامات الأهلية.
** نص الموضوع:
** سبب إقصاء النساء من التملك:
يقول جورج صوردون الأستاذ المحاضر في القانون الإسلامي، والعرف البربري، في معهد الدراسات العليا المغربي بالرباط، وأبرز واضعي قوانين إدارة الحماية-في كتابه la iustice civile indigene et le regime de a propriete immobiliere au maroc 1931 قبل الإسلام، كما هو الحال في العديد من القوانين العرفية كانت النساء تحرم من الميراث، بدعوى عدم تشتت الأرض، وتناقصها بالتقسيم، (ص35) وأضاف ولما جاء القرآن، قرر إعطاء المرأة حقها في الميراث حسب محددات، توجد في آيات الوصية (ص36).
ولما كانت بلاد البربر تدار بقانون عرفي، بعيد كل البعد عن الشريعة الإسلامية، تمَّ إقراره بظهير شريف صدر سنة 1914، جاء فيه:
لما كانت القبائل البربرية تتهارع للدخول في طاعة جنابنا الشريف، بسبب انتشار الأمن فيهم، وكانت لهم عوائد خصوصية، يجرون عليها أعمالهم من قديم، ويصعب عليهم الخروج عنها، وكان غرض جنابنا السعي فيما يسود به الأمن، ويعم به الصلاح والاطمئنان في أرضنا، اقتضى نظرنا إقرارهم على عوائدهم، وتسليم ما يجرونه عليها من أعمالهم (الجريدة الرسمية عدد73/1914).
وتم إتباع هذا الظهير بقرار وزيري، يعين قبائل العرف البربري وهي:
بني امطير، جروان، أخلاون وأيت زكولو، وآيت يعقوب من زيان، (الجريدة الرسمية عدد73/1914).
وتتوالى بعد ذلك الظهائر والقرارات الوزيرية، في إنشاء الجماعات، بعد الانتهاء من كل عملية غزو لجهة من الجهات، وتجميع السكان الخاضعين، في أماكن مختارة من قبل الجهات العسكرية، تحت إدارة الأمور الأهلية، ليسهل التحكم فيهم، ويجعلهم مساهمين في عملية غزو وتهدئة جيرانهم، أو بقية قبيلتهم وفخذاتهم المقاومين لها، لغاية سنة 1919 تاريخ صدور الظهير الأساس، المنظم لولاية الدولة، على الجماعات الأهلية، وضبط تدبير الأملاك المشتركة بينها، وتفويتها في الجريدة الرسمية (عدد329/في18غشت 1919) الذي ما تزال توجيهاته معتمدة إلى اليوم، سواء من حيث الوصي على تلك الأملاك، أو من حيث إقصاء النساء من التملك، أو من حيث إطلاق تعريف أرض الجماعة، على الأراضي المشتركة بين الجماعات collictive والتي يصفها (صوردون) وغيره بأنها مثل أراضي الحبس، وأراضي المخزن، التي تنتمي لكيانات لا وجود قانوني لها، وإن وجدت في الواقع.
** الحماية تخلق الأراضي الجماعية، لتقدمها للمعمرين سابقا، والأعيان بعد الاستقلال:
ولما جاءت الحماية أعطت للأراضي المشتركة بين الجماعات، وضعا قانونيا بعدما أجمع الباحثون أمثال louis milliot وbrand وdalloz وedouard وtassoni على أنها بلاد عرفية خالصة، لا تطبق ما جاء في الشرع -الذي يلزم توريث المرأة في النقير والقطمير- مما يقصي المرأة من تملكها.
كما أن المشرع المغربي لم يقدم لنا ما يمكننا من التعرف على الطابع الجماعي للأرض، بل اقتصر على سلسلة من التدابير التعسفية لنقل الملكية، غير ملائمة ولا لازمة، لمن يدقق النظر فيها، بحيث اعتبر تحملات الأهالي فيها كما هو الأمر بالقاصرين، يستوجب وضعهم تحت طائلة قانون الجماعة الأهلية، التي بدورها محتاجة لوصي، ألا وهي: (مديرية الشؤون الأهلية)، التي يرأسها الوصي، الذي هو مديرها (ص 46)
وعليه فالقاصر لا يمكن أن يبرم وحده، سوى العقود الإدارية البسيطة، أما عقد التحملات، والإدعانات الملزمة للطرفين أو الأطراف المتعاقدة، فتحال على الوصي وممثليه المحليين، الذين لهم حق مراقبة المتعاونين (ص47).
فبتوقيع معاهدة الحماية، تخطى المغرب زمن الفوضى العميقة، فيما يتعلق بوضعية الأرض بالمغرب، التي كانت إما عرقية، أو سياسية، أو جغرافية (ص5 صوردو).
ونفس القول يردده جون لوكوز في كتابه (le rharb ,fellahs et colons)، حيث يقول:
نظام ملكية الأرض بالمغرب قبل إنشاء الحماية لها قانونا عصريا، كان عبارة عن أنماط مختلفة وملتبسة هي: أرض ملك، أرض موات، بلاد المحرم، المشهورة بعدم وجود مالك لها، بلاد المخزن، أرض جماعية ترجع للقبيلة أو أجزاء منها، أرض الأحباس.
لقد أدى التعارض القائم بين الشرع، أي القانون الإسلامي، والعرف المحلي، ونقائص وقصور البنية السياسية، والإدارية، والقضائية، للعديد من الالتباسات في مفهوم الملكية، لأن الشرع لم يكن على دراية بالملكية الجماعية، أو بالتنظيم اللازم للمجتمع، في شكله القبلي الملائم للشكل البدائي، في حين أن نظام الملكية الخاصة هو أقرب لـdominium الروماني.
وقد سعى الشرع جاهدا، سواء على مستوى القانون العام، أو على مستوى القانون الخاص، لدمج معطيات بلاد الجماعة، التي كانت غريبة عن كل منهما.
فعدم القابلية للتصرف في الأرض الجماعية، يشرح استحالة العثور على حيازة فردية، في أرض موروثة تعاقب عليها الورثة، مما جعلها تنطبع بعدم التحديد النهائي والثابت، كما كانت في البداية، قبل التقسيمات المتتالية عليها، بين أعضاء الجماعة الوارثة، وبالمثل ما يقع بالأرض الجماعية التي تأخذ أحيانا شكل مراع، وأماكن احتطاب، والتي قد تختلط بشكل سهل مع أرض الحريم، التي هي عبارة عن أرض ميتة مجاورة لأرض ملك، توقف تمدد المالكين المجاورين للانتفاع الفردي بها، فيستعملونها في الرعي والاحتطاب، قبل أن يبدأوا في انتهاشها من الأطراف، مما يعرضها للتناقص مع ازدياد كثافة السكان، وحاجتهم للتوسع بها، لعدم وجود حدود واضحة لها، الأمر الذي يحولها لأرض ملك مع الوقت (ص277).
** كيف سلت الأرض من أصحابها بهدوء:
وقد وضعت الحماية يدها على هذا النوع من الأرض بموجب قانون الأرض الجماعية الصادر سنة (1914)التي جمعت فيها الأراضي المشتركة بين القبائل في الرعي والاحتطاب والحرث، والأرض الموات الموصوفة بالحريم أو الغامر، والأرض الملك التي تعدد وارثوها من غير أن يفردوا تملكها بقسمة باتة، وأوكلتها لنظر “مديرية الأمور”.
من أجل ذلك تم تشكيل لجنة لوضع نظام يضبط القوانين العقارية في 1913/1/1 اعتمادا كما جاء في الظهير المنظم لها، على مثال قوانين الإيالة التونسية في تقنين تمليك الأرض، والذي كان جاريا بعضه في الشاوية تحت إدارة المراقبة المدنية المنظمة في 31يوليوز1913 نقلا عن المراقبة المدنية بتونس الموضوع في 4 أكتوبر1884 والتي سويت بقرار مقيمي في 31 ماي 1929 ص33 في (precis de legislation marocaine:p.louis riviere/1942).
جاء في الظهير المشار له:
بما أن لحالة الأملاك بمملكتنا كثير ما ينتج منها النزاع بسبب الشك والاسترابة في صحة حقوق الملكية، حتى ظهر لنا من الهين البحث في أمر ضبط القوانين العقارية بمراعات القواعد المبنية عليها تلك القوانين بالإيالة التونسية، وبعده مستعمرات فرانسوية وأجنبية وكذلك بقصد أن يمكن كل من يريد شراء ملك، من رسم ملكية، لا يترك سبيلا للطعن فيه، مع إبقاء ذوي الحقوق على حقوقهم الثابتة، ومحافظة مصالح رعيتنا السعيدة باتخاذ ما من الاستنباطات الشرعية، وعليه فنامر ب:
الفصل الأول:
أسست لجنة مركبة من رئيس وهو وزير عدليتنا، ومن أعضاء وهم: الكاتب العام لدى دولتنا الشريفة، ومدير المالية العام، ورئيس إدارة الأملاك المخزنية، ورئيس إدارة الاستشارة السياسية، ونائب مدير المالية العام، ومن كاتب وهو أحد موظفي إدارة الأملاك.
الفصل الثاني:
تحتوي أعمال اللجنة المشار إليها على تحرير مشروع ظهير في ضبط القوانين العقارية بإيالتنا.
في 13 جمادى الأولى عام 1331 الموافق يبراير 1913(الجريدة الرسمية عدد 35/سنة1913)
وفي سنة 1914 صدر بالجريدة الرسمية (عدد45).
منشور وزيري للعمال، والقواد، والقضاة، في شأن الأراضي المشتركة فيها القبايل جاء فيه:
يعلم الواقف على هذا المنشور من سائر العمال والقضاة بالحواضر والبوادي، أنه لا يخفى بعد الاطلاع على الفصل الأول من الضابط الوزيري الصادر سابقا في شأن بيع الأملاك، أنه لا يجوز شرعا للجماعة بيع الأراضي المشتركة في القبائل.
وحيث كان لا يجوز بيعها، فكذلك لا يجوز كراؤها للغير لأنها تساوت حقوق القبيلة فيها، وإذا كان هذا النهي غير مصرح به في ضابط بيع الأملاك المشار إليه أعلاه، فمن الأليق أن يحافظ كل المحافظة على إجراء العمل به.
وبناء عليه، فلا يجوز لأحد في المستقبل إعطاء الإذن في كراء ما ذكر على مدة أزيد من خمس سنين، إلا إذا كانت الأرض المعروضة ليس فيها اشتراك، وثبت ذلك بالبحث الواجب مثله في بيع الأملاك المشتركة في القبائل(في 4مارس 1914الجريدة الرسمية عدد45).
لذلك يحق لـ(جون لوكوز) القول بأن تواجد مصطلح (أرض الجماعة) يرجع لظهير(27 أبريل 1919) بالفصل الأول الذي يقول:
لا يمكن للقبائل، وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر الأهلية، أن يتصرفوا بحقوق الملكية على الأراضي -المعدة للحرث، أو لرعي المواشي- المشتركة بينهم حسب العوائد المألوفة في الاستغلال، والتصرف إلا تحت ولاية الدولة، وحسب الشروط المقررة في ظهيرنا الشريف هذا.
وبذلك يكون هذا الفصل قد أنهى ما سبق إقراره، من أن القبائل تبقى على حال أعرافها، في تدبير أمورها من غير تدخل خارجي، بجعل أراضيها المشتركة تحت وصاية مدير إدارة الأمور الأهلية الذي هو عنصر خارجي معادي.
جاء في الفصل الثالث من الظهير السالف الذكر:
يعهد بولاية الجماعات إلى مدير إدارة الأمور الأهلية الذي يجب عليه أن يؤلف مجلس ولاية في الأحوال المذكورة بظهيرنا هذا، الذي تلزم فيه مداخلته، ويمكنه أن يستشير في أي وقت كان، المجلس المذكور الذي يتألف تحت رئاسته، من مستشار الدولة الشريفة، أو ممن ينوب عنه، من الموظفين الفرنسويين، ومن أحد أعضاء المحاكم الفرانسوية، يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، ومن اثنين من الأعيان المسلمين يعينهما وزيرنا الصدر الأعظم (الجريدة الرسمية؛ عدد329/1919).
للتذكير فقط فإن هذه القوانين تستحوذ على حوالي 15 مليون هكتار، لعشرة ملاين نسمة موزعة على 60 عمالة وإقليم، شكلت لإدارتها 5043 جماعة، ينوب عنها 6563نائبا، وأن من له الحق في اقتنائها هي:
الدولة، أو المؤسسات العمومية، أو الجماعات، أو الفاعلون العموميون، أو الفاعلون الخواص (مدونة القانون العقاري) وليسوا ذوي الحقوق المكونين للجماعة.
فإذا كان هو الوضع اليوم بعد مائة عام من ظهور هذا النوع من التسمية للأرض بالمغرب، فهذا يعني أن أغلب التراب المغربي غير مملوك للمغاربة، تكفي الإشارة لأراضي المغرب الشرقي، التي وصفتها معاهدة لالة مغنية (سنة 1845) بأنها عبارة عن مراعي لقبائل الرحل المغربية والجزائرية، تبقى مفتوحة للجميع، مما جعل السلطان يرفض المصادقة عليها، حتى يُزال هذا التعريف من المعاهدة، الذي يفصل بين السكان والأرض والسلطان، مما يمهد لاستعمارها واقتطاعها من المغرب، وهو ما تم بالفعل بعد نصف قرن من المدافعة والمواجهة المسلحة، كما تم مثيله في الأرض الجماعية التي فوتت للمعمرين والأعيان والنافذين قبل وبعد الاستقلال.
** اخراج العرف من الشرع للقضاء عليه:
وبذلك يكون تقنين الأراضي الجماعية ليس لصيانة الأعراف القبلية، وإنما لفصلها عن أصحابها بدعوى حماية الأعراف، من الذوبان في الشرع الإسلامي، وتذويبه في القانون الفرنسي
يقول فيكتور بيكي في خلاصة كتابه (le peuple marocain ou le bloc berber):
{يجب أن يتبع برابرة المغرب نفس طريقة القبائل بالجزائر، ومن الواجب علينا مساعدتهم حتى لا يبقى لقانونهم (أزرف) أي ارتباط بالقرآن}.
وطبعا لن تُمَلك النساء في الأرض الجماعية بعد هذا الفصل، بل حتى لا يبقى من ينكر على من لم يورثها بصفة عامة، ويعتبره خارقا للشريعة التي تأمر بتوريثها، في الجليل والحقير، والنقير والقطمير
يقول (صوردون) في محاضرة له سنة 1927:
لقد حان الوقت للعمل من أجل الوفاء بالوعد الرسمي الذي قطعناه لكل قبيلة خضعت لنا باحترام عاداتها، لذلك يجب إعداد القانون التشريعي الأساسي الذي يفوض السيادة للمثلي الإدارة الفرنسية لإدارة بلاد البربر، لذلك هناك حاجة ملحة لمعرفة القانون العرفي البربري، ليس من أجل الحفاظ عليه، لأنه يجب أن يختفي من أمام قانون أسمى منه، ألا وهو القانون الفرنسي، حتى يتيح لنا إمكانية تطوير العرف في السياق الذي نريد.
لقد كان العرف ذائبا في الشريعة الإسلامية ونحن اليوم نفضل رؤية إذابته في القوانين الفرنسية، بذلا من الشريعة الإسلامية، التي بيننا وبينها خندق غائر، ثابت يصعب تجاوزه (ص290).
من خلال ما تم استعراضه من آراء وقوانين صادرة عن سلطات الحماية، والتي تواصلت بعد الاستقلال، يتبين أن ما عبرت عنه ورقة (أرضية اللقاء العلمي حول “الدولة، الإصلاح، وعملية تمليك الأرض بالمغرب، حالة النساء السلاليات”) في حاجة كما قالت الورقة لاستحضار المرجعيات المحركة لذلك، وهي غزو المغرب المعنوي، من خلال إلباس مصادرة أرض المغاربة لبوس الإصلاح، لمصادرتها من أصحابها، وجعلها أداة إكراه وتطويع، تطبيقا لمقولة عراب الحماية ليوطي (سياسة الواجهة).
فالمعيار المرجعي لحرمان المرأة تملك أرض الجامعة، هو إخراجها من دائرة الشرع، بدعوى الحفاض على العرف، مدعين أن الشرع لم يكن له عل بوجود ذلك النوع من الأرض، فتقسيمات الشرع للأرض بالمغرب لا تزيد عن نوعين من حيث طبيعتها، فهي عامر، أي قابلة للحرث والغرس، أو غامر يدخل فيها الحريم والموات، ومن حيث الاستعمال، فهي إما ملك لأصحابها الذين قد يحبسونها على منافع المسلمين باعتبار أنه لا يجوز تحبيس إلا ما هو مملوك للمحبس، أو عائدة للسلطان، أي بيت مال المسلمين، يتصرف فيها بما يقتضيه الشرع، وبهذا التقسيم لا تقصى المرأة من التملك، وقد طال مفهوم الأرض الجماعية تعاونيا ت الإصلاح الزراعي، المقامة على الأراضي المسترجعة من المعمرين، فكان المستفيد لا ينتقل مستفاده بعد موته لورثته، بل يعطى لابنه الأكبر وحده، لغاية صدور قانون بتريث ورثته حسب الشرع (سنة 2018) وهو ما يجب أن يتم لإنهاء إشكالية حرمان النساء من تملك الأرض الجماعية، ورفع يد خليفة “إدارة الأمور الأهلية” “وزارة الداخلية” عن ممتلكات الناس، وتحريرها من القانون الاستعماري، بعد ما صار المغرب مستقلا منذ أمد.
————
ملحق
-1- ظهير شريف بشأن تنظيم العدلية الأهلية وتفويت الملكية العقارية
الحمد لله وحده،
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره، أنه لما كان تنظيم العدلية الأهلية من أهم الأمور العايدة بالمصلحة على رعيتنا وعلى الرعايا الأجانب الذين تجري عليهم الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعقار طبق الاتفاقات السياسية الموقعة بين الدول، وأنه بجب تكميل الضابط الوقتي المدرج بالعدد الأول من الجريدة الرسمية ليزداد اتساعا، وإيضاحا، أصدرنا أمرنا الشريف بما يأتي:
الجزء الأول في العقار
الباب الأول في الأملاك التي لا تقبل التفويت (منها).
ثانيا: الأراضي المشتركة بين القبائل التي لا زالت تحت العوايد القديمة بحيث لا تباع ولا تقسم.
ثالثا: جميع الغابات التي على ملك المخزن بالإيالة الشريفة مع إبقاء الحق في الاستغلال الذي ربما أعطي للقبائل المجاورة لها، سواء بالرعي أو بالتحطيب.
رابعا: الأراضي التي منحها المخزن الشريف لقبايل الجيش للسكنى والاستغلال، بدون تفويت.
خامسا: الأراضي الخالية التي لا تصلح للفلاحة، والأراضي المهملة التي ليس لها مالك، وعلى العموم سائر العقارات، التي تسمى بالأراضي الموات، طبق الشريعة الإسلامية، لأن ملكيتها ترجع للمخزن قانونا، فلا يمكن احياؤها، ولا إشغالها إلا برخصة من جنابنا بمقتضى التفضل المقرر في الشرع.
أنظر: الجريدة الرسمية عدد 63 في 23 شعبان عام 1332موافق 17 يوليو سنة 1914.
-2- ظهير شريف في تنظيم ولاية الدولة، على الجماعات الأهلية، وفي ضبط تذبير الأملاك المشتركة بينها وتفويتها
يعلم من كتابنا هذا ما يلي:
الفصل الأول: لا يمكن للقبائل وفصائل القبائل، وغيرهم من العشائر الأهلية أن يتصرفوا بحقوق الملكية في الأراضي المعدة للحرث، أو لرعي المواشي المشتركة بينهم، حسب العوائد المألوفة، في الاستغلال والتصرف إلا تحت ولاية الدولة، وحسب الشروط المقررة في ظهيرنا الشريف هذا.
الفصل الثاني: إن لسائر الجماعات النائبة عن عشيرة من الأهليين، ذات أملاك أو مصالح مشتركة بينها ما للأفراد من الحقوق المدنية، كالجماعات الرسمية المحدثة، بمقتضي ظهيرنا الشريف، الصادر بخامس وعشرين محرم عام 1335الموافق لواحد وعشرين نونبر سنة 1916، وأن الجماعات لها مليء الحق في تذبير الأملاك ومصالح العشائر التي تنوب عنها، ولاسيما فيما يتعلق بقبض الأموال المستحقة لها، وبالإبراء لها إبراء قانونيا، وذلك مع مراعاة ولاية الدولة، المشار إليها، ويمكن لها في كل حال أن تنيب عنها من تنتخبه لذلك، وأن توكله توكيلا قانونيا على الكيفية المعتادة، بعد الترخيص من الدولة.
الفصل الثالث: يعهد بولاية الجماعات إلى مدير إدارة الأمور الأهلية الذي يجب عليه أن يؤلف مجلس ولاية في الأحوال المذكورة بظهيرنا هذا، الذي تلزم فيها مداخلته، ويمكنه أن يستشير في أي وقت كان المجلس المذكور، الذي يتألف تحت رئاسته من: مستشار الدولة الشريفة، أو ممن ينوب عنه، من الموظفين الفرنسويين ومن أحد أعضاء المحاكم الفرانسوية، يعينه الرئيس الأول للمحكمة الاستئنافية، ومن اثنين من الأعيان، المسلمين يعينهما وزيرنا الصدر الأعظم.
الفصل الرابع: إن الأراضي المشتركة بين القبائل، لا يمكن حجزها قانونيا، ولا بيعها صفقة، ولا إجراء القسمة عليها، إلا إذا كان الغرض من ذلك هو توزيع استغلالها حسب العوائد المرعية، لكن إذا وقع الاتفاق بين أعضاء الجماعة على مباشرة القسمة بينهم، وإعطاء قطعة أرضية معينة لكل رب عائلة من عيال القبيلة، فتصدر لهم الرخصة بذلك من مجلس الولاية، على أن قطع الأراضي المجزأة كما ذكر لا يمكن تفويتها، ولا رهنها، ولا حجزها لأشخاص خارجين عن القبيلة، إلا بعد مضي عشر سنوات، وإلا كان التفويت ملغي على الإطلاق، غير أن مجلس الولاية يمكنه بنوع استثنائي أن يرخص بالتفويت المذكور في نهاية السنة الخامسة.
إنما تقيد الرخصة المعطاة التفويت في الرسوم التي تسلم بعد إجراء القسمة، وأن الأراضي المشتركة بين القبائل لا يسقط حق من ملكيتها، بمضي المدة، إلا قطع الأراضي التي حازها وأحياها أعضاء القبيلة، طول المدة المعينة للحيازة برضى أهل القبيلة، وكذلك لا يمكن حجز ثمن الأكرية، ولا قدر الإيرادات الدائمة المؤسسة على الأراضي المذكورة ما لم يكن الأمر راجعا لصائر تنفق في صيانة حقوق القبيلة، أو استغلال أو تحسين أراضيها.
الفصل الخامس: لا يمكن للجماعات المرافعة لذى المحاكم في أمور عقارية بقصد المحافظة على مصالحهم المشتركة، أو طلب تقييد عقار إلا برخصة من مدير إدارة الأمور والاستعلامات الأهلية، أو نائبه، وذلك بواسطة وكيل عنهم، ينتخبونه من بينهم، ويمكن للجماعات المشار إليها أن تعارض بلا رخصة في تقييد العقار المطلوب تقييده من شخص أجنبي، غير أنه لا يقع رفع المعارضة المشار إليها إلا بإذن مدير الأمور والاستعلامات الأهلية، وإذا وقع تقييد أرض مشتركة فيحرر محافظ الأملاك العقارية الرسم باسم الجماعة مع ذكر اسم جد أو أجداد القبيلة، وإذا اقتضى الحال فاسم القبيلة التي تنتمي إليها الجماعة، وكذلك أسماء أهل القبيلة الأحياء، عند التقييد، ونسبتهم المثبتة برسم قانوني، وعلى كل حال، فيمكن عند الاقتضاء لمدير الأمور والاستعلامات الأهلية، أن يباشر وحده إجراء الأمور باسم الجماعات المتولى هو أمرها، أما صائر المرافعة فتدفع مسبقا من الجماعات، وإذا اقتضى الحال فتتكفل هي بدفعها نهائيا، ويجب مصادقة مجلس الولاية على كل عقد يجري بين جماعة أو نائبها وبين الغير.
الفصل السادس: يمكن للجماعة أن تعقد بالتراضي أكرية لا تتجاوز مدتها ثلاث سنين، ويحرر بشأن هذه الأكرية رسوم ثابتة، على أنه لا يمكن تجديدها، لنفس مكتريها بلا مصادقة مجلس الولاية، وكذلك يمكن للجماعات أن تعقد بالشروط المذكورة أكرية لا يتجاوز أجلها سنة واحدة، تتعلق بحقوق الاستغلال كرعي المواشي أو تخصيص بعض الأراضي بأنواع الكلاء وتجدد هذه العقود بلا رخصة لغاية ثلاثة سنين وللجماعات أيضا أن تعقد مع الغير عقدا يتعلق بالمخالطة، وذلك برخصة من مدير الأمور والاستعلامات الأهلية.
الفصل السابع: يمكن للجماعات أن تعقد أكرية لأجال طويلة لا تتجاوز مدتها عشر سنين، وذلك بإذن مجلس الولاية وبحسب الشروط الآتية: ترفع الجماعة إلى حكومة المراقبة طلب الرخصة بإجراء العقود المشار إليها، والحكومة المذكورة توجه هذا الطلب إلى مدير الأمور والاستعلامات الأهلية، مصحوبا بتقرير منها مفصل، وهو يقدمه إلى مجلس الولاية للبحث فيه، وإذا رخص المجلس المذكور بعقد الكراء لأجل طويل فتهتم حكومة المراقبة المحلية بتحديد العقار بمحضر الجماعة والنازلين فيه، والمجاورين له، وذلك بدون صوائر، وتحرر حكومة المراقبة تقريرا في أعمال التحديد تضاف إليه خريطة العقار المذكور، ويتضمن المطالبات الممكن تقديمها، ويمكن لمجلس الولاية إذا اقتضى الحال أن ينزع الرخصة بعد اطلاعه على الأوراق المشار إليها، وإلا فيباشر حالا جعل الكراء بالمزايدة حسب كراس الشروط الذي يحرره مجلس الولاية، والثمن الذي يعينه لافتتاح المزايدة، بناء على قدر الكراء السنوي ويمكن للمجلس المذكور أن يستشير في ذلك مدير إدارة الفلاحة، وسيصدر من وزيرنا الصدر الأعظم قرار تعيين الكيفية والشروط التي يتمشى عليها في المزايدة والسمسرة المتعلقة بكراء الأملاك المشتركة الغير المقيدة، تجرى عليها، إما قواعد الشرع المطاع، وإما مقتضيات الملحق السابع من ظهيرنا الشريف المؤرخ بتاسع رمضان عام 1331 الموافق لثاني عشر غشت سنة 1913 الذي هو مجلة العقود والالتزامات، وذلك حسب جنسية من وقعت عليه السمسرة.
الفصل الثامن: يمكن للجماعات أن تفوت مؤبدا من حق التصرف والتمتع بالأملاك المشتركة حسب الشروط الآتية، وذلك بإذن مجلس الولاية المرفوع إليه مطلب الجماعات، بالتفويت بواسطة مدير الأمور والاستعلامات الأهلية وهي:
الشرط الأول: أن يكون العقار المراد تفويته مقيدا باسم الجماعة، في كناش إدارة المحافظة على الأملاك العقارية،
ثانيا: أن يضمن برسم ثابت رضى أغلبية أعضاء الجماعات بالتفويت،
ثالثا: أن يقع التفويت بالمزايدة العمومية طبق كراس الشروط وحسب الثمن الذي يعين لافتتاح السمسرة طبق الشروط المتعلقة بالكراء لمدة طويلة، المبينة في الفصل السابق، وطبق القرار الوزيري الذي سيصدر في هذا الشأن،
رابعا: إن الثمن الذي تقف السمسرة فيه يكون دخلا سنويا يدفع مؤبدا، وإذا زيد وقت السمسرة خمسون بالمئة على الثمن الذي افتتحت به المزايدة، فيقف الدخل عند هذا القدر، وما زاد عنه بعد المزايدة يعتبر رأس مال ويدفع تماما وقت الإمضاء على عقدة الكراء، وأما حقوق الجماعة صاحبة الدخل وحقوق السمسرة له الذي يترتب عليه دفعه فتطبق عليها منذ يوم السمسرة الشروط المتضمنة بظهيرنا الشريف المؤرخ بتاسع رمضان عام 1331الموافق لثاني عشر غشت سنة 1913 التعلق بتقييد الأملاك العقارية وفي الفصل 197 وما يليه من ظهيرنا الشريف المؤرخ بتاسع عشر رجب عام 1333 الموافق لثاني يونيو سنة 1915 الصادر في ضبط الأملاك العقارية التي يقع تقييدها وذلك زيادة على الشروط الخصوصية المضمنة في كراس الشروط.
الفصل التاسع: يمكن أن يضمن في كراس الشروط المتعلق بكراء لأمد طويل، شرط يرخص فيه للمكتري بأن يطلب في كل آن أثناء مدة الكراء بعد تقييد العقار إبدال عقدة الكراء بتفويت التصرف فيه بصورة نهائية على أن يدفع في مقابلة ذلك دخلا مؤبدا، وذلك بشرط أن يكون قد وفى بسائر الفصول المقررة في كراس الشروط، ويحرر عندئذ فيما ذكر بينه وبين الجماعة رسم على الصورة القانونية بمحضر مدير الأمور الأهلية أو من ينوب عنه، من أعضاء مجلس الولاية، وإذا خول للمكتري بناء على كراس الشروط أن يطلب تفويت التصرف إليه بالعقار مؤبدا كما قررنا بالفقرة السابقة ورفعت يده عن قسم من العقار بناء على ادعاء قام به الغير في أثناء أعمال التقييد، وحكمت بصحته المحكمة التي لها النظر فيقوم القسم المذكور بواسطة أهل الخبرة ويسقط الدخل السنوي مبلغ يقدر بحسب ما نقص من العقار، وإذا وقع خلاف بين المتعاقدين فيما يرجع لانتخاب المقومين فيقع تعيينهم بواسطة الحاكم الراجع له النظر في القضية بحسب جنسية المكتري.
الفصل العاشر:
إن الأراضي المشتركة المذكورة لا يمكن لأحد أن يشتريها سوى الدولة فقط، ولا يقع هذا الشراء إلا إذا كان القصد منه إعداد بعض الأراضي المشتراة للاستعمار هذا ما عدا الأحوال التي يمكن فيها نزع الملكية لأجل المصلحة العمومية، حسب الشروط المقررة في ظهيرنا الشريف المؤرخ بتاسع شوال عام 1332 الموافق لواحد وثلاثين غشت 1914ويباشر عندئذ الشراء بقصد الاستعمار، مدير إدارة الأملاك المخزنية بعد استشارة مدير إدارة الفلاحة متبعا في ذلك الضوابط المتعلقة بنزع الملكية لأجل المصلحة العمومية والكيفية المبينة فيها مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في الفصل الحادي عشر بعده.
الفصل الحادي عشر:
يطلب من الجماعة ومجلس الولاية إبداء رأيها كتابة مع بيان العلل والأسباب، وذلك قبل التصريح بالمصلحة العمومية المشار اليها في الفصلين الثاني والثالث من ظهيرنا الشريف المؤرخ بتاسع شوال عام 1332 الموافق لواحد وثلاثين غشت سنة 1914 المتعلق بنزع الملكية غير أنه لا يمكن أن يقع التراضي بين الجماعة أو وكيلها وبين الإدارة المكلفة بنزع الملكية طبق الشروط المقررة في الفصل العاشر من ظهيرنا الشريف المذكور إلا بعد موافقة مجلس الولاية.
وإذا لم يقع تراض مصادق عليه من قبل مجلس الولاية فإن أعمال نزع الملكية يباشرها بالنيابة عن الجماعة وكيلها مع مدير الأمور الأهلية بصفته محافظا على حقوق الجماعات ورئيس مجلس الولاية.
الفصل الثاني عشر: يجتمع مجلس الولاية بطلب من رئيسه في الأسبوع الأول من كل شهر للنظر في سائر المشاريع وفي المطالب المبينة فيها الأسباب المعروضة كتابة على مدير الأمور الأهلية في خلال الشهر المنصرم، وللحكم في المطالب التي لا تستوجب زيادة البحث في شأنها، ويمكن اجتماع المجلس أيضا للنظر في الأمور المعجلة، ويحضر اجتماعات المجلس مترجم وكاتب يعينهما الرئيس، ويقع التأمل في سائر الأوراق والبحث في كل قضية من غير إشهار، ويحرر الكاتب الأحكام الصادرة من المجلس، ويمضيها الأعضاء كلهم بدون إيراد الأسباب التي بنيت عليها، ولا يقبل الرجوع فيها أصلا، وتقع المرافعة لذى مجلس الولاية مجانا وتعفى المطالب والتقييدات التي يقدمها الفريقان وكذلك الرسوم والحجج المدلى بها وأحكام المجلس من أداء التمبر والتسجيل، غير أن سائر الصواير اللازمة لانتقال عضو أو أكثر من أعضاء المجلس، ولانتقال مترجم لعين المحل المتنازع فيه، وكذلك صوائر التقويم إذا ظهر لمجلس الولاية لزوما لما ذكر يتحملها أحد الفريقين، ويقع تسبيقها، إما من الإدارة التي تطلب نزع الملكية، أو من الجماعة صاحبة الدعوى، ويحدد الرئيس مبلغها حسب التعريفة الجاري العمل بها في انتقال الأعضاء والمترجمين وأرباب البصر والخبرة لذى المحاكم الفرنسوية، وتودع أوراق مجلس الولاية وكنانيشه، بإدارة الأمور الأهلية وتحفظ بها
الفصل الثالث عشر:
يجب على مجلس الولاية أن يمعن النظر في المشاريع أو المطالب المعروضة عليه عاجلا موضوع اهتمامه بالخساير على اختلاف أنواعها، أو بالفوائد التي يمكن حصولها للجماعة، وعليه أن يتحقق هل أن للجماعة الأراضي الكافية لإنماء أحوالها وأمورها أم لا، ويعتبر الفوائد التي تحصل للأهليين من تعمير ناحيتهم بالأورباويين أو بأحدث محلات فلاحية أو صناعية فيها، وإذا اقتضى الحال فيتخذ المجلس كل الوسائل اللازمة لإجراء البحث في ذلك، ويسمع لاسيما مقال نواب الإدارة المكلفة، أو نواب كل الإدارات التي لها علاقة بما ذكر، وأعوان حكومة المراقبة وأعيان أهل الجماعة، وسائر الأشخاص الذين يرغبون في المزايدة طالبين من المجلس أن يسمع مقالهم، وإذا عقد عقدا في التصرف لمدة مؤبدة أو طويلة فيضمن المجلس في الكراس سائر الشروط التي يراها مناسبة للجماعة لاسيما فيما يتعلق بكيفية قبض الدخل، ومبلغ الكراء واستعماله، وإحياء الأرض وحرثها وغرس الأشجار، وبالخاصة فيما يتعلق بالأرباح، سواء كانت معروفة من قبل أم لا، وبالضمان الواجب على الجماعة، وذلك بعد استشارة مدير الفلاحة والتجارة والاستعمار، إن احتيج لذلك، وبالجملة فيقوم المجلس مقام الجماعة، ويكون لها أحسن مذبر ومحافظ على صوالحها.
الفصل الرابع عشر:
ينظر مجلس الولاية في كل مسألة، ويأمر بكيفية استعمال أو استيعاض رأس المال المتحصل، إما من التفويت بالمراضاة عند نزع الملكية، أو من التعويض المنفذ في مقابلة نزع الملكية، وكذلك استهمال الزيادة المتأتية عنه التي تحول إلى رأس المال، وأما المبالغ المنفذة عند نزع الملكية، أو المتحصلة من الأكرية، أو من أي تفويت التصرف مؤبدا، فلا يخصصها مجلس الولاية في الأشغال العايدة بالمصلحة العمومية، التي تؤخذ صوائرها من خزينة الدولة كإحداث الطرق والآبار وموارد البهايم وحسن تهيئة عيون الماء، وما يرجع لتحسين الصحة العمومية، إلا إذا طلبت الجماعة ذلك طلبا صريحا كتابيا، وأما المبالغ المتحصلة من المداخيل المؤبدة أو الأكرية المنعقدة لمدة طويلة، فتوزع إن أمكن، وظهر أن في ذلك فوائد حسنة على أرباب عائلات القبيلة، وإلا فتنفق في الأمور العايد نفعها للقبيلة فقط، كإكرام الضيوف وإعانة الفقراء، وصوائر العدلية، والأشغال العايدة لتحسين أملاكهم العقارية، وأما المال المتحصل من التفويت بالمراضاة، أو من التعويض المنفذ في مقابلة نزع الملكية، أو من القدر الزائد عن الدخل، الذي يحول إلى رأس مال كما أشير إلى ذلك بالفقرة الرابعة من الفصل الثامن أعلاه، فلا تنفق إلا في الأمور العايدة نفعها للجماعة فقط، حسبما قرر اعلاه، وسيصدر قرار من وزيرنا الصدر الأعظم في ضبط مراقبة سائر الأعمال المذكورة.
الفصل الخامس عشر:
يلغى القرار الوزيري المؤرخ بثالث ربيع الأول عام 1333 الموافق لثالث وعشرين يناير سنة 1915 والقرار الوزيري المؤرخ بسادس عشر شعبان عام 1336الموافق لسابع وعشرين مايو سنة 1918 المتعلقان بالمحافظة على الأملاك المشتركة بين القبايل وبمراقبتها، كما يلغي ما يخالف نص ظهيرنا الشريف هذا من المقتضيات الصادرة سابقا، ولاسيما المضمنة في ظهيرنا الشريف المؤرخ بثالث عشر شعبان عام 1332الموافق لسابع يوليو سنة 1914 وظهيرنا الشريف الصادر بخامس وعشرين محرم عام 1335 الموافق لواحد وعشرين يونيو1916.
الفصل السادس عشر:
لا تجري مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا على الأراضي المختصة بالجيش ولا على الغابات التي تتصرف فيها القبايل على وجه الاشتراك بينها، بل تبقى هذه الأراضي قابلة للتفويت، وسيصدر إذا اقتضى الحال قرار من وزيرنا الصدر الأعظم في ضبط حق التصرف فيها لمن ذكر والسلام.
وحرر برباط الفتح في خامس وعشرين رجب الحرام عام 1337 الموافق لسادس وعشرين أبريل سنة 1919.
قد سجل هذا الظهير الشريف في الوزارة الكبرى بتاريخ خامس شعبان عامه الموافق لسادس مايو سنة 1919 صح به محمد المقري.
اطلع عليه وأذن بنشره.
الرباط في سابع وعشرين أبريل سنة 1919 ليوطي.
انظره في الجريدة الرسمية عدد329/18 /غشت/1919الموافق 20 قعدة عام 1337 السنة السابعة.
-3- ظهير شريف يصبح بموجبه قانونيا مطابقا للأصول المرعية، سير شؤون العدلية الحالي في القبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره، أنه حيث أن والدنا المقدس بالله، السلطان مولاي يوسف، أصدر ظهيرا شريفا مؤرخا في 20 شوال عام 1332 الموافق 11 شتنبر 1914 يأمر فيه باحترام ومراعات النظام العرفي الجاري العمل به، في القبائل التي استتب الأمن فيها وذلك حبا في مصلحة رعايانا، واطمئنان دولتنا الشريفة وحيث قد صدر للغرض نفسه، ظهير شريف مؤرخ في 19 شوال عام 1340 الموافق 15 يونيو 1922 بتأسيس قواعد خصوصية متعلقة بتفويت العقارات للأجانب بالقبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق الشريعة، وحيث أن قبائل عديدة قد أدرجت منذ ذلك الحين، بطريقة قانونية من طرف الصدر الأعظم، في عدد من القبائل التي ينبغي احترام ومراعات نظامها العرفي، وحيث أنه أصبح الآن من المناسب، تعيين الشروط الخصوصية التي ينبغي اتباعها في مباشرة العدلية والقضاء بين من ذكر مع احترام العوائد المذكورة،
أصدرنا أمرنا الشريف بما يأتي
الفصل الأول:
إن المخالفات التي يرتكبها المغربيون في القبائل ذات العوائد البربرية بإيالتنا الشريفة، والتي ينظر فيها القواد في بقية نواحي مملكتنا السعيدة يقع زجرها هناك من طرف رؤساء القبائل، وأما بقية المخالفات فينظر فيها ويقع زجرها طبق ما هو مقرر في الفصلين الرابع والسادس من ظهيرنا الشريف هذا
الفصل الثاني:
إنه مع مراعات القواعد المتعلقة باختصاصات المحاكم الفرنسوية بإيالتنا الشريفة، فإن الدعاوي المدنية أو التجارية، والدعاوي المختصة بالعقارات، أو المنقولات تنظر فيها محاكم خصوصية، تعرف (بالمحاكم العرفية) ابتدائيا أو نهائيا، بحسب الحدود (المقدار) التي يجري تعيينها بقرار وزيري.
كما تنظر المحاكم المذكورة، في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية، أو بأمور الإرث وتطبق في كل الأحوال العوائد المحلية.
الفصل الثالث:
إن استئناف الأحكام الصادرة من طرف المحاكم العرفية، يرفع أمام محاكم تعرف بالمحاكم العرفية الاستئنافية، وذلك في جميع الأحوال التي يكون فيها الاستئناف مقبولا.
الفصل الرابع:
إن المحاكم الاستئنافية المشار إليها، تنظر أيضا في الأمور الجنائية، ابتدائيا ونهائيا، بقصد زجر جميع المخالفات التي يرتكبها أعضاء المحاكم العرفية التي يطوق باختصاصها الاعتيادية رئيس القبيلة.
الفصل الخامس:
يجعل لذى كل محكمة عرفية ابتدائية، أو استئنافية مندوب مخزني مفوض، من طرف حكومة المراقبة بالناحية التي يرجع إليها أمره، ويجعل أيضا لذى كل واحدة من المحاكم المذكورة، كاتب يكون مكلفا أيضا بوظيفة موثق.
الفصل السادس:
إن المحاكم الفرانسوية التي تحكم في الأمور الجنائية حسب القواعد الخاصة بها، لها النظر في الجنايات التي يقع ارتكابها في النواحي البربرية، مهما كانت حالة مرتكب الجناية.
ويجري العمل في هذه الأحوال بالظهير الشريف المؤرخ في 12غشت1913المتعلق بالمرافعات الجنائية.
الفصل السابع:
إن الدعاوى المتعلقة بالعقارات، إذا كان الطالب أو المطلوب من الأشخاص الراجع أمرهم للمحاكم الفرنسوية، فتكون من اختصاصات المحاكم الفرانسوية المذكورة.
الفصل الثامن:
إن جميع القواعد المتعلقة بتنظيم المحاكم العرفية وتركيبها وسير أعمالها، تعين بقرارات وزيرية متوالية تصدر بحسب الأحوال، ومهما تقتضيه المصلحة والسلام.
وحرر بالرباط في 17حجة عام 1348 الموافق 16 ماي سنة 1930.
قد سجل هذا الظهير الشريف في الوزارة الكبرى بتاريخ 17حجة عامه الموافق 16 مايو سنته محمد المقري اطلع عليه وأذن بنشره الرباط في 23 مايو سنة 1930 القومسير المقيم العام: لوسسيان سان.
الجريدة الرسمية عدد 919/ في 8 محرم عام 1349 موافق 6 يونيو سنة 1930.