الكنبوري: مختصر الإصلاح الديني المشوه من “الاستشراق والتنصير” إلى “الحداثة والتنوير”
هوية بريس – عابد عبد المنعم
ذكر د.إدريس الكنبوري أنه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت مجموعة من المجلات الأوروبية المتخصصة في الاستشراق والتنصير؛ منها هذه المسماة “مجلة العالم الإسلامي” التي كان يصدرها رجال الدين المسيحي والمستشرقون في المغرب. ومعلوم أن الاستشراق ظهر في كنف الكنيسة؛ وكان غرضه الأول تنصير المسلمين؛ قبل أن يتطور ويظهر بعض المستشرقين المنصفين.
في تلك الفترة عقد مؤتمر كبير في القاهرة شارك فيه قساوسة ومستشرقون؛ ونشرت المجلة المذكورة عددا خاصا يتضمن جلسات المؤتمر ومداخلات المشاركين؛ هذا العدد موجود في مكتبتي.
حضر المؤتمر قساوسة من مختلف البلدان؛ ممثلون عن جميع الكنائس في العالم الإسلامي أو التي بها أقليات إسلامية؛ حتى من بورما والفلبين والصين وغيرها.
ماذا دار في المؤتمر؟
كشف الكاتب والروائي المغربي أن “الموضوع الرئيسي كان هو تحريف المسلمين عن دينهم. عرض كل مشارك وجهة نظره بناء على معايشته للمسلمين في البلد التي هو فيها؛ وخرجوا بتوصيات خطيرة.
من تلك التوصيات ضرورة القضاء على الأزهر؛ وتكوين نخبة أوروبية تعرف العربية جيدا وتفهم الإسلام للدخول مع المسلمين في نقاشات دينية لتشكيكهم في الإسلام؛ والحرص على المقارنة بين الإسلام والمسيحية بهدف تشويه العقيدة الإسلامية وضرب الأسس التي تبنى عليها.
لكن أخطر توصية هي التالي: تغيير المفاهيم لدى المسلمين كخطوة أولى؛ مثلا وضع مصطلح التجديد الديني والدخول منه لضرب الأسس؛ تعويض كلمة العقيدة بالفكر؛ تسمية الخمر مشروبا روحيا؛ تعويض عبارة الفقهاء برجال الدين. هذه أهم التوصيات”.
وأكد الكنبوري في تدوينة على صفحته بالفيسبوك أنه خلال “تلك الفترة لم تكن هناك نخبة عربية وإسلامية في العالم الإسلامي مقتنعة بالمشروع؛ لذلك كانت هناك توصية بتكوين نخبة أوروبية تعرف العربية والإسلام.
بعد قرن من ذلك الزمان ظهرت نخبة من صلب المسلمين تقوم بالدور المطلوب؛ بعضها ربما بحسن نية. لم تعد أوروبا في حاجة إلى مؤتمرات استشراقية؛ ولم تعد تعقد نهائيا؛ لأن عربا ومسلمين صاروا يقومون بالدور. واليوم نرى الهجوم على الأزهر والعقيدة والأسس تحت شعارات براقة كالتنوير والحداثة. انسحبت الكنيسة وتركتنا نتعارك فيما بيننا. إنه تاريخ مختصر للإصلاح الديني المشوه”.