زواج القاصرات في أمريكا.. أرقام مفزعة تحت مظلة القانون
هوية بريس – وكالة
تزوجت “كورتني كوسنيك” في صيف عام 1993 داخل كنيسة “رويال أوك” في مقاطعة أوكلاند الأمريكية ولم تكن قد بلغت السادسة عشرة من عمرها بفستان أبيض دون حمالات وحذاء استعارته من والدة إحدى صديقاتها.
“كورتني” هي واحدة من آلاف القاصرات اللواتي تم تزويجهن في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث لم يعد السن مانعاً من الزواج على عكس الأسطوانة المشروخة التي يرددها الأمريكيون والأوربيون إذا ما تعلق الأمر بالعرب أو المسلمين تحديداً.
إذ غالباً ما يصفون هذا النوع من الزواج عند المسلمين بأنه اعتداء على الطفولة واتجار بالأطفال في ازدواجية مقيتة ومفارقة غريبة.
وفي الولايات المتحدة تحدد قوانين الزواج حسب الولاية، وهناك 6 ولايات على الأقل تسمح بزواج الفتاة تحت 16 عاما وبموافقة الوالدين.
وبحسب دراسات وتقارير فإن ولاية “ماساشوستس” تسمح بزواج الفتاة القاصر التي تبلغ من العمر 12 عاما، فيما يحدد القانون في ولاية نيوهامشر سن الزواج للفتيات بثلاثة عشر عاما وللذكور بأربعة عشر عاما.
وتسمح ولاية المسيسبي بزواج الفتاة البالغة من العمر 15 عاما وكذلك ولايات جورجيا وهاواي وأيداهو وميزوري.
300 ألف قاصر تزوجوا بشكل قانوني
وأفادت دراسة احصائية لمنظمة “unchained of lost” المعنية بالزواج القسري، أن ما يقرب من 300 ألف قاصر تزوجوا بشكل قانوني في الولايات المتحدة بين عامي 2000 و 2018. من بينها ما يزيد على 150 حالة زواج لفتيات قاصرات تزوجن في عمر الـ 15 عاماً أو أقل.
وأشارت الدراسة إلى أرقام صادمة فقد تم تسجيل 3500 حالة زواج لفتيات قاصرات في “نيوجيرسي” بين عامي 1995 و2012.
بينما تم تسجيل نحو 4000 حالة زواج لقاصرات في نيويورك بين عامي 2000 و2010.
فيما سجل في ولاية تكساس 718 حالة زواج لفتيات قاصرات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 عاما وذلك خلال الفترة بين عامي 2009 و2013.
وأشارت الدراسة التي عززت بأرقام ووقائع إلى أن حوالي 60.000 حالة زواج وقعت منذ عام 2000 بفارق سن بين الزوجين كان ينبغي اعتباره جريمة جنسية. ولكن قوانين الاغتصاب غالباً ما تتستر على مثل هذه الجرائم وتغض الطرف عنها.
زواج قانوني!
ونوهت الدراسة إلى أن القوانين الأمريكية هي التي تدعم هذا النوع من الزواج، على عكس البلدان التي يكون فيها زواج الأطفال غير قانوني ولكنه مستمر على أي حال.
ولا تزال معظم الولايات الأمريكية تسمح بالزواج قبل سن الثامنة عشرة بينما قامت ولايات أمريكية بحظره قبل أربع سنوات.
“بين الزواج والاغتصاب”
وبحسب المصدر يحظر القانون الجنائي الفيدرالي ممارسة الجنس مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا. ولكنه يستثني على وجه التحديد أولئك الذين يتزوجون أطفالاً وهذا يحفز زواج الأطفال ويؤيد ضمنيًا اغتصابهم.
وتأسست منظمة Unchained At Last عام 2011، بعد اكتشاف أن الولايات المتحدة لديها مشكلة زواج الأطفال من قبل إحدى الناجيات من الزواج القسري وتتمثل مهمة المنظمة في تقديم خدمات قانونية واجتماعية مجانية لمساعدة الأفراد في الولايات المتحدة على الهروب من الزواج القسري.
ولكن المزيد والمزيد من الفتيات، تحت سن 18 عامًا، كن يتواصلن مع المنظمة للمطالبة بنفس المساعدة في ذات الموضوع أي تزويجهن في سن مبكرة.
مشكلة زواج الأطفال في أمريكا
وأطلقت منظمة Unchained حملة لإنهاء زواج الأطفال بدأت بمقال افتتاحي في صحيفة “نيويورك تايمز” بعنوان “مشكلة زواج الأطفال في أمريكا”.
ومنذ ذلك الحين شكلت منظمة “Unchained” وحلفاؤها ائتلافًا وطنيًا لإنهاء زواج الأطفال وائتلافات حكومية مختلفة، وعملوا مع المشرعين في الولايات والمشرعين الفيدراليين على وضع حلول سياسية بسيطة، ودرسوا وزادوا الوعي بزواج الأطفال في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، لا يزال العديد من الأمريكيين غير مدركين لانتشار زواج الأطفال في بلادهم، ربما بسبب نقص كبير في البيانات. إذ لا يوجد قاعدة بيانات مركزية ترصد سن الزواج الوطنية في الولايات المتحدة.
وتأتي دراسة Unchained الممولة من مؤسسة “بيل ميليندا جيتس” لملء فجوة البيانات بخصوص زواج الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة مابين عامي 2000 و2010.
ويذكر أن دراسة سابقة للمنظمة استندت إلى البيانات المتاحة من 38 ولاية بالإضافة إلى تقديرات الولايات الـ 12 الأخرى بناءً على سكان الولاية فقط.
إجبار الفتيات على الزواج من مغتصبيهن
وأوضحت الدراسة أن كل ولاية أمريكية تحدد سن الزواج الخاصة بها. في حين أن معظم الولايات تحددها عند الـ 18 سنة ، إلا أن الثغرات القانونية في معظم الولايات لا تزال تسمح للأطفال بالزواج”.
ولا تزال قوانين خمس ولايات تسمح للفتيات الحوامل على وجه التحديد بالزواج، وهي ثغرة تم استخدامها للتستر على الاغتصاب وإجبار الفتيات على الزواج من مغتصبهن.
المشكلة في القوانين
وأرجعت الدراسة فشل الحد من هذه الظاهرة إلى القوانين الأمريكية فعلى العكس من دول مثل الهند، حيث زواج الأطفال غير قانوني ولكنه لا يزال واسع الانتشار بسبب عوامل أخرى، فإن المشكلة في الولايات المتحدة هي القوانين نفسها. حيث تزوج ما يقرب من 300 ألف طفل في الولايات المتحدة بين عامي 2000 و 2018 جميعًا تحت مظلة القانون.
ويحدث زواج الأطفال في أغلب الأحيان بين 16 و17 سنة وحوالي 96٪ من الأطفال الذين تزوجوا بحسب الدراسة كانوا في هذه السن 16، وقلة منهم كانوا في سن العاشرة.
وبحسب صحيفة الواشنطن بوست، فقد تقدمت النائبتان عن ولاية فرجينيا جيل هولتزمان -الحزب الجمهوري- وجنيفر ماكلين -الحزب الديمقراطي- بمشروع قانون لرفع سن الزواج.
وهو يشابه مشاريع قوانين مماثلة قدمت في ولايات (كاليفورنيا وماريلاند ونيوجيرسي ونيويورك)، في وقت سابق من العام الجاري، بحسب المؤتمر الوطني لمشرعي الولايات.