الكنبوري: التفاهة ليست مرتبطة بالأشخاص التافهين فقط..
هوية بريس – متابعات
قال د.إدريس الكنبوري “أصبحت التفاهة في هذا العصر الجديد سلوكا عاما؛ فهي موجودة في السياسة والثقافة والفن والإعلام وغيرها من المجالات. غير أننا نعتقد أنها ظاهرة؛ لكنها ليست ظاهرة بل ثقافة؛ لأن الظاهرة هي الحالة العابرة التي تشكل استثناء من القاعدة؛ بينما التفاهة اليوم هي القاعدة”.
ووأضاف المحلل اليسياسي المغربي “قد يبدو لنا أن هذه التفاهة مرتبطة فقط بالأشخاص التافهين؛ والصحيح أنها مرتبطة بنظام الإنتاج العالمي للقيم؛ وهو نظام الرأسمالية؛ وهذا النظام هو الذي يصنع الأشخاص ويدفعهم نحو التفاهة باعتبارها القيمة الوحيدة المطلوبة Valeur.
يعمل هذا النظام اليوم من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؛ فالشركات الغربية التي تقف وراء هذه الوسائل هي منتجة التفاهة؛ فهي تقصف العقول والعيون وتعيد ترويج هذه القيم المنحطة عبر استراتيجية دقيقة للتسويق؛ فأنت مثلا عندما تفتح أي موقع جاد على الإنترنت تجد هذه الشركات قد وضعت لك صورا أو فيديوهات للنساء العاريات أو المغنين أو غير ذلك؛ ومعنى هذا أنك تعيش داخل نظام عالمي شبكي يحاصرك من كل مكان؛ ويفرض عليك تحويل الانتباه إلى ما يريده هو”.
والسبب الرئيسي لانتشار التفاهة، وفق الكنبوري دوما، أن العالم اليوم لم يعد فيه أي مشروع. قبل ثلاثة عقود مثلا كان المشروعان الاشتراكي والليبرالي يتصارعان؛ فكانت الأفكار طاغية لأن المشروعين كانا يتنازعان على العالم؛ لكن بعد انتصار الليبرالية والرأسمالية انتشرت التفاهة لأنه لم يعد هناك مشروع يمكن التنافس معه.
المشروع الوحيد اليوم لإعادة إنتاج القيم الإنسانية في العالم هو الإسلام؛ إنه الدين الوحيد الذي بقي صامدا ويختزن القيم الثابتة التي لم يغيرها منذ خمسة عشر قرنا؛ ولذلك نرى حركتين كبريين تسيران في اتجاهين متعاكسين؛ الحركة الأولى هي موجة العداء للإسلام؛ والحركة الثانية هي موجة اعتناق الإسلام. وللحيلولة دون امتداد هذا المشروع تم وضع استراتيجية عالمية خطيرة وذكية لتشويه هذه القيم عبر ربط الإسلام بالإرهاب؛ واختزال أكثر من مليار ونصف مسلم في بضع مئات من الإرهابيين؛ واختزال نحو 56 دولة مسلمة في دولة داعش؛ واختزال جميع القيم الإسلامية في واحدة هي الجهاد”.
وختم الكنبوري تدوينة على صفحته بالفيسبوك بقوله “بينما نجحت هذه الخطة الجهنمية نرى أن هناك حربا ضد اختزال الغرب في العنف أو الغزو أو الربح أو الاستغلال أو الحروب؛ فالاختزال هنا ممنوع حتى وإن كانت تلك القيم هي قيم الغرب نفسه غير القابلة للاختزال؛ لأنه لا يمكن اختزال ما لا يختزل.