التطبيع مع الشذوذ في ثقافة المهجرين العرب في الغرب
هوية بريس – تسنيم راجح
الصورة لقصة أطفال نشرت عام 2020 في أمريكا وكندا لكاتب سوري كندي..
القصة تبدأ بالحديث عن فتاة سورية تهاجر مع عائلتها إلى كندا، ثم تبدأ التأقلم والاندماج في البلاد الجديدة، ومما يساعدها في ذلك حبها للطهي الذي يجمع الأصدقاء الجدد حولها لمساعدتها في عمل الأطباق الشعبية..
إلى هنا قد تبدو القصة بسيطة، النفَس الليبرالي وهدف الاندماج والذوبان في البلد الجديد واضح، لكنه قد يقال أنه من باب الحب والتقبل وأن الكاتب أصلاً يظننا نريد كذلك..
كل ذلك إلى أن تظهر الصفحة الصادمة أدناه والتي تسقط كل الأقنعة وتذهب كل الخدع بالحب واحترام اختلافنا وثقافتنا وديننا..
فسلمى بطلة القصة بحسب الكاتب كانت تطبخ في المطبخ مع صديقيها الجديدين “الرجال البالغين!” وتحمر خدودها هناك وهم يقطعون البصل حين يقبل أحدهما دموع الآخر!
وتستمر القصة بعدها ويحتفل الجميع بالطعام السوري وتنتهي القصة التي نالت الجوائز وقرئت على التلفزيون الحكومي الأمريكي وتوجد مصدّرةً في غالب المكتبات العامة الأمريكية (التي زرتها) اليوم…
هكذا بكل بساطة، نكون في قصة أطفال، يكون المربي سعيداً بإيجاد قصة تنحدث عن ثقافته، ثم قد يعلم وقد لا يعلم إلا وابنه تعرض لهذا المشهد الموصوف بأبشع طريقة أمامه..
ولماذا نتكلم عن هذا كله؟
هذه هي الليبرالية التي تدعي أنها تتقبلنا، هذا هو النموذج الذي يريدون صناعته منا في هيئة فتاة كرتونية يرسمها رجل نصف عربي لتكتشف حين تبحث عنه أنه أصلاً ناشط لحقوق الشواذ وحاصل على جوائز في ذلك!
هم يريدوننا مسلمين بالاسم ممسوخين في عالمهم نعيش على هواهم، ندعي أن ديننا لا يمنعنا عن كل فحشهم ثم ننشغل بأن نذوب نحن فيهم..
بتلك الطريقة يؤدلجون أطفالنا، يقحمون صورة للفحش في عالمهم، لمحات خاطفة كثيرة ومتكررة، تقول لهم أن الفاحشة في كل مكان، أن مرتكبوها لطفاء ويحبونك، فلماذا ترفضهم؟!
الرسالة لن تصل بقصة واحدة ولا بكرتون واحد ولا بفيلم ولا باعلان ولا بلعبة فيديو واحدة، لكنها ستفعل باجتماعها جميعاً، بتكرارها الذي يصل بالمرء لأن هذا طبيعي فعلاً وموجود وعادي، فلم أتحرك نحوه أو أمتلك موقفاً منه!
بعد ذلك تأتي مرحلة مطالبة هذا الطفل الذي بات يافعاً وشاباً بتغيير مجتمعه، “أنتم يا والداي أخطأتم حين كنتم رافضين للتقدم والحريات!”، فالطفل الذي امتلأ بتلك الصور وشكلت معتقداته سيعمل بعدها على جعل قضاياه وهمّه متناغماً مع الذي في فكره وتصوراته..
وهذا بالمناسبة هو ذاته الذي جرى في الغرب..
بدأ خبراء الإعلام بتغيير الفكر عبر إظهار صور الشواذ والشذوذ فقط، لا يهم كيف ومتى، المهم أنهم أظهروها للشعب وكرروها ما أمكن وبكل وضوح على مر سنين.. في كل الاعلام ونتاجه..
حتى صارت تلك الصور طبيعية، عادية، ولا تستحق أي توقف أو إنكار..
واليوم انقلب حالهم إلى حيث هم اليوم…
لذلك كله نحتاج للوعي والتحصين، للانتباه للمدخلات والتردّرب والتدريب على النقد والتوقف والردّ للوحي، وللعمل على التربية الإيمانية وجمع الصحبة الصالحة لأبنائنا، وكذلك للانظلاق في حديثنا معهم من كتاب الله وقصص الأنبياء وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
والله المستعان..