تراجع الذكور في التحصيل الدراسي وتبعاته
هوية بريس – د.رشيد بنكيران
نعم، هي حقيقة أصبحت بادية للعيان، لكن لا بد من مواجهتها بصدق وحسن نية، لعل الله عز وجل يلهمنا الصواب في مقاربتها والبحث عن حلول للمفاسد التي ترتبت عن تراجع الذكور في التحصيل الدراسي وتبعاته.
هذه الحقيقة بدأت تنحو نحو صناعة ظاهرة تفوق الإناث على الذكور في التعليم والدراسة، وفي نتائج الامتحانات الإشهادية، وفي المباريات لولوج الوظائف…
شخصيا، وقفت على صدق هذه المعلومات ، فكم من أستاذ صديق لي على اختلاف المستوى الدراسي الذي يشغله (اعدادي، ثانوي، جامعي) أكد لي هذه الحقيقة، وأن تفوق الإناث على الذكور في التحصيل الدراسي بدأت تتشكل وتتصاعد لتصنع ظاهرة…
كذلك، يلاحظ وجود تفوق الإناث على الذكور في التعليم الشرعي التطوعي في المعاهد والمراكز والجمعيات الثقافية ودور القرآن.. هذا الواقع وقفت عليه بنفسي لسنوات عدة، هناك حرص واجتهاد أكثر من الإناث من حيث العدد، وتفوق في النتائج على مستوى الشكل والاجابات عن أسئلة الامتحانات.
كذلك، في المدينة التي أقطن فيها، لا مجال للمقارنة بين الذكور والاناث في حفظ القرآن الكريم، انخراط ساحق للإناث من حيث العدد… أكد لي هذا الواقع المجلس العلمي المحلي.
وفيما يتعلق بمجال التوظيف، أعرف موظفا ثقة ومتدينا مسؤولا مباشرا عن الموارد البشرية في قطاع من القطاعات، أخبرني أن في مباراة لوظيفة تخص المهندسين لسنة 2020 وصلت نسبة النجاح للإناث إلى 90٪ .
ولما استفسرته عن هذا الفرق الكبير والمخيف بين النسبتين، فأرجعه الى عامل الكفاءة العلمية، وكذّب ادعاء أن تكون هناك توصيات من الفوق، تتعمد إقصاء الذكور. وهو كما قلت: مسؤول مباشر في قسم الموارد البشرية.
فقد بات واضحا أن #تراجع الذكور #وتفوق الإناث في التحصيل الدراسي وتبعاته أصبح واقعا وليس مجرد ادعاء، وقد ذُكر من الأسباب التي تفسر هذه الظاهرة ما يأتي :
✓ تحظى البنت داخل أسرتها تربية تساعدها على الانضباط في السلوك والاستمرار عليه، بخلاف أخيها الذكر ، فهو يلقى اهتماما أقل، أو لنقل أنه يأخد جرعة التمرين على الانضباط أقل من جرعة أخته.
✓ تتحمل الفتاة مسؤولية أكثر من الفتى، فبينما يطلب منها أن تؤدي بعض أشغال المنزل بالإضافة الى واجباتها المدرسية، يعفى أخوها _ في الغالب _ من ذلك، ولا يطالب إلا بواجباته المدرسية. هذا القدر الزائد في تحمل المسؤولية منذ الصغر يسهم في تكوين شخصية قادرة على مواجهات الصعوبات المتنوعة.
✓ تمكث البنت في المنزل أكثر من الذكر، مما يوفر لها ظروفا مناسبة أوفر حظا لإنجاز تمارينها المدرسية، فهي تبدل مجهودا أكبر منه في التحصيل الدراسي مما يسهم في تفوقها عليه.
✓ يتعرض الذكور الى الملهيات بنسبة أكبر من الإناث، ويخطف المخدرات و الانحراف الفكري والخلقي الشاب بنسبة أعلى من الشابة، ولا شك أن لهذين العاملين تأثيرا على التحصيل الدراسي وتبعاته .
✓ يؤثر التقارب بين الجنسين في المؤسسات التعليمية على التحصيل الدراسي تأثيرا سلبيا على الذكور أكثر منه على الإناث(1).
وبعد ذكر هذه الأسباب (2) ، لا يفوتني أن نشير الى أن ظاهرة تفوق الإناث على الذكور في التحصيل الدراسي ليست خاصة بالمغرب ، بل جل الدول العربية تعرفها، وهناك مقالات وبحوث أشارت إلى وجودها كذلك في الغرب.
أظن ، أنه لا بد على الباحثين على اختلاف تخصصاتهم أن يقوموا بدراسة علمية وموضوعية تبحث عن أسباب الظاهرة وجذورها، وتهتم أكثر بتقديم الحلول لمعالجتها (3)، فإن في استمرارها وانتشارها أفقيا وعموديا هدما لقانون التوازن الكوني والشرعي المطلوب. وللأسف، إن الإخلال بهما مؤذن بخراب المجتمع وتسريع حركة الفساد أكثر مما نتصوره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – أغتنم هذه المناسبة للمطالبة وبإلحاح وشدة بفصل الذكور على الإناث وخصوصا في المؤسسات التعليمية العامة والخاصة. وإذا كانت بعض المؤسسات التعليمية الغربية أكدت على جودة التحصيل الدراسي لما قامت بفصل للجنسين نظرا لنتائج التجربة، فإنه لدينا نحن المسلمين يتأكد الأمر أشد باعتبار إضافي وهو الاعتبار شرعي.
(2) – هل من جملة الأسباب الزيادة في النمو الديمغرافي في نسبة عدد الإناث على الذكور ؟ صراحة لم أقف على ما يؤكد ذلك، ثم الاحصائيات الرسمية في نسبة الولادات لا تشير الى وجود فرق مؤثر بين الجنسين من حيث العدد. والله أعلم.
(3) – في انتظار الحلول الناجعة لمعالجة الظاهرة، وفي ظل وجود تفوق الإناث على الذكور في المباريات لولوج الوظائف لا بد من #حلول_آنية_ومعقولة_وممكنة_للتطبيق تمنع الإخلال المتوقع في نظام التوازن المطلوب. لعلني أتحدث في ذلك في مقال لاحق إن شاء الله تعالى.