وهبي من إثارة الشعب إلى التعريض بمؤسسة إمارة المؤمنين!
هوية بريس – حكيم بلعربي
لا تزال تداعيات امتحان ولوج مهنة المحاماة تحدث غليانا في الشارع المغربي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وقد بلغ صداها للإعلام الدولي، ما يسوق صورة سيئة عن المغرب لدى السياح والمستثمرين وعن سلطة العدل التي تحتل مكانة أساسية في بعث رسائل الطمأنينة للخارج ممن يرغب المغرب في تحسبن صورته لديه…. جلبا للسياحة والاستثمار.
في هذا الوقت العصيب خرج وزير العدل من خلال برنامج “نقطة إلى السطر” حلقة 04/01/2023.
حيث أجاب على سؤال متعلق بمطلب تعديل مدونة الأسرة فقال: “هذا المجال مرتبط بالدين الإسلامي في كثير من القضايا وهذا مجال محتكر على جلالته. خاصنا نتوجهو على جلالة الملك فيه”…
وتغليبا لجانب حسن الظن قلنا لعلها زلة لسان لم ينتبه لها السيد الوزير ولم يقصد حمولتها السلبية…
لكنه كرر الأمر نفسه حين حل ضيفا على برنامج (مع الرمضاني) الأحد الماضي على القناة الثانية، ليعبر بنفس التعبير في حق أمير المؤمنين فيقول مخاطبا الرمضاني: “ثم ما تنساش را كاين رئيس الدولة اللي كيحتكر المجال الديني وهو مسؤول غادي يتبع الأمور معانا، وحتى هو عندو قرارو، وقرارو هو النافد”.
المثير في هاتين المناسبتين المتقاربتين على القناتين الرسميتين الأولى والثانية، هو التعبير عن اختصاص أمير المؤمنين بحماية المجال الديني بالاحتكار، ولا شك أن حمولته مغرقة في السلبية والسوء في وصف إحدى مهام مؤسسة إمارة المؤمنين.
نقول هذا لأنه معلوم أن السيد وهبي هو ابن التيار الحداثي العلماني واليساري بالمغرب، الذي يشكل قلة في المملكة، وهذا التيار يحاول فرض رؤيته المباينة لأحكام الشريعة الإسلامية في أكثر المجالات.
والجميع يعرف أن هذا التيار رافض لأحكام الدين التي تؤطر مختلف مجالات الحياة، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الجنائية أو غير ذلك، ورافض أيضا لسلطته الربانية، فضلا عن سلطة عالم أو مجلس علمي أعلى أو أمير مؤمنين ائتمنه المغاربة عن طريق البيعة الشرعية الإسلامية؛ بالسهر على حماية حمى الملة والدين.
وتعامل الوزراء العلمانيين مع مؤسسة العلماء ومع مؤسسة إمارة المؤمنين يطغى عليه “أسلوب التقية”، وإلا فموقفهم من الملكية ومن إمارة المؤمنين معروف… وإن حاولوا إظهار القبول لها والتسليم لها والتفاعل معها.
يقول أحمد عبد ربه استاذ العلاقات الدولية بجامعة دنفر، في مقال “ارتباك الفتوى في الإسلام المعاصر”: “الحقيقة أن محاولة مأسسة الفتوى -أي تحويلها من فتاوى تصدر عن أفراد علماء الدين إلى فتاوى تصدر عن مؤسسات هيراركية لها لوائح وقوانين وثقافة وتخضع لعلاقات القوة داخل المؤسسة الواحدة، أو بين المؤسسة الدينية وغيرها من المؤسسات الدينية الأخرى، أو بين المؤسسة الدينية وغيرها من المؤسسات السياسية في المجتمع ــ تقود آليا إلى الممارسات الكهنوتية!”.
فهذه هي نظرة التيار الحداثي لرئاسة أمير المؤمنين للمجلس العلمي الأعلى واختصاص جلالته بالفصل في القضايا المطروحة.
ولما كان من المستحيل في المغرب إنشاء حزب أو ولوج الانتخابات أو البرلمان فضلا عن المشاركة في الحكومة دون القبول بالملكية الدستوري المغربية، وبإمارة المؤمنين، فإنهم يظهرون تقية القبول بالدين والملكية وإمارة المؤمنين…
إن العلمانيين يرون في الدين وسلطته تحكما يحول دون التمتع بالحرية وفسح المجال لها دون قيود ولا رقابة ولا محاسبة، ولهذا فـ”الصكوعة” منهم لا يستنكفون من إظهار معارضة الإسلام وأحكامه وتشريعاته وحدوده.
أما عموم المسلمين فيرون في الإسلام سلطة إلهية لأن الله هو الخالق وهو المعبود وهو الأحق بالتشريع وضبط سلوك البشر فيما بينهم..
فلماذا لا يصارح السيد وهبي الشعب المغربي بحقيقة نظرته للتشريع الإسلام،ي وبخاصة في قضايا المرأة والإرث والعلاقات الرضائية خارج مؤسسة الزواج (=الزنا واللواط) والأحكام الجنائية … وغير ذلك؟؟