مجلة فرنسية تكشف كيف يستخدم الغرب قيما لأهدافه الخاصة ودور “دعاة الحداثة”
هوية بريس – متابعات
كتب د.إدريس الكنبوري أن شهرية “لوموند ديبلوماتيك” الفرنسية نشرت في العدد الأخير مقالا ملهما للباحث الأمريكي كريستوفر موط؛ خلاصته أن الغرب يستخدم بعض القيم لأهدافه الخاصة على الصعيد الدولي؛ مثل حق التدخل الإنساني وحق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن الحرية؛ وعندما ينتهي من بعض القيم ينتقل إلى قيم أخرى من أجل أهداف جديدة.
فكرة المقال رائعة جداً؛ وفق الباحث والروائي المغربي، وكنا قد أشرنا إلى ذلك مرات عدة. الغرب مثلا مارس العنف والإرهاب؛ وعندما حقق أهدافه رفع شعار محاربة الإرهاب؛ ومارس التوسع الاستعماري؛ وعندما حقق أهدافه رفع شعار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول؛ ومكن الصهيونية من إنشاء دولة دينية في فلسطين؛ وعندما حقق أهدافه رفع شعار رفض الدولة الدينية؛ وصنع السلاح النووي؛ وعندما حقق أهدافه رفع شعار عدم الانتشار النووي؛ ومارس التكاثر الديمغرافي بعد الحرب الثانية لحاجته إلى البشر ؛ وعندما حقق أهدافه رفع شعار الحد من النمو الديمغرافي؛ إلى غير هذا من الأمثلة؛ فهو الذي يحدد ما هو خير وما هو شر للعالم؛ ويحاول تغيير العالم بحسب مصالحه؛ وما يراه صالحا له صالح للعالم؛ فهو يبيح لنفسه ما يريد ويمنع الآخرين منه.
وآخر الأمثلة شعار الكراهية؛ فهو يحارب الإسلام ويجند الإعلام ومراكز البحث لذلك لكنه يرفع شعار عدم الكراهية للأديان؛ ويرفض الاعتراف بالإسلام كدين وجزء من القيم العالمية لكنه في نفس الوقت يشجع على تقريب المسلمين من اليهود بدعوى الإبراهيمية؛ وكأن إبراهيم عليه السلام جاء للمسلمين واليهود فقط لا للمسيحيين؛ مع أنه عليه السلام ما كان يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان مثلنا؛ حنيفا مسلما.
وقس على ذلك الحداثة؛ فهي عنده وعند أتباعه تغيير العقائد والأفكار لا الصناعة والحرية والديمقراطية؛ فهو يشجع “الانفتاح” في دول الخليج لكنه يحاصر إيران بسبب التسلح النووي؛ لذلك ترى دعاة الحداثة ليس لهم هم سوى الإسلام والقرآن والحديث؛ لا المختبرات والتصنيع والاستبداد.
وختم الكنبوري تدوينة على صفحته بالفيسبوك “من المضحكات المبكيات أني قرأت مقالا يمجد الناقد المصري جابر عصفور – وقد كان علمانيا متطرفا- ويشيد بخطة وضعها من أجل “نهضة مصر” قبل وفاته؛ وفيها دعوة إلى “إطلاق الحريات”؛ لكنه في نفس الوقت يدعو إلى محاربة “التزمت”؛ لترى كيف انتشر هذا المقياس الأعرج؛ وكيف أن الحق في الحرية خاص بهم لا بغيرهم؛ وكيف أنهم عندما يرفضونك لا يخسرون عليك سوى كلمة صغيرة في القاموس هي”التزمت”؛ فكل فكرك ليس إلا كلمة.