من أجل نهوض إسلامي راجح
هوية بريس – الصادق بنعلال
“إن تجارب التاريخ تقرر لنا أصالة الدين في جميع حركات التاريخ الكبرى، ولا تسمح لأحد أن يزعم ان العقيدة الدينية شيء تستطيع الجماعة أن تلغيه” – عباس محمود العقاد
لسنا في حاجة إلى التذكير بعظمة وجلال ديننا الإسلامي، الذي ارتضيناه عقيدة ومنهجا وسلوكا في حياتنا اليومية، ولسنا في حاجة أيضا إلى التنبيه إلى مظاهر التخلف والانحطاط التي تغرق فيها جل المجتمعات “الإسلامية”؛ سياسيا وثقافيا واجتماعيا.. وإنما فقط نود بمناسبة شهر رمضان الفضيل أن ننبهه إلى ما سبق أن استحضره كبار الباحثين في علوم الديانات، الذين اقتربوا من الإسلام على وجه التحديد، دراسة وفهما وتمثلا، وإدراكا لمقصدية قول الله عز وجل: “سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق”.
ومن هذا المنطلق بالغ الوضوح، فإن ديننا العظيم منظومة نسقية محكمة البناء من طقوس تعبدية وتشريعات ونصوص مقدسة للقراءة والاستظهار والتبصر، ومنهج سليم في التعاطي الراجح مع الذات والإنسان والكون، لكنه أيضا سلوك يومي نبيل ومعاملة رفيعة، في مقر العمل وداخل الأسرة وفصول المدارس والفضاء العام وباقي المقرات المجتمعية الرسمية. لن ننجح في الدفاع عن الإسلام عبر المواقف العاطفية الجياشة، والتباكي على ضياع هويتنا وتراثنا الثقافي.. والشكوى المتواصلة من شبح العولمة والاستسلام لنظرية المؤامرة، بل عبر فهم رسالته الإنسانية فهما معاصرا مطابقا للوضع الداخلي والدولي، واستجلاء مقاصده الواقعية البناءة، وترجمة هذه الرسالة الخالدة المفعمة بالإنجازات الحضارية منقطعة النظير بالشكل الملموس على الواقع الملموس، دون أن نعير أدنى اهتمام للذين في نفوسهم مرض، الباحثين “باجتهاد” استثنائي عن مكامن الفتن وإشعال الحرائق في وطن نسكنه ويسكننا.
لن يتأتى للمسلمين أن يروا النور في آخر النفق وهم يفصلون بين القول السديد والعمل الرديء ، بين النظر الحصيف و التطبيق الطائش ، لن يلتحقوا بركب الدول المتقدمة حتى يصبح ديننا الرائد كيانا مجسدا يسير على قدميه ويتجول في الشوارع و الأسواق ، لا إسلام بحال من الأحوال من دون التشبع بالقيم الدينية المثلى و مستلزمات الفكر البشري وأبجديات الثقافة الإنسانية المتنوعة ، لن يقوى المسلمون على شيء دون وعي تاريخي علمي يستند إلى النصوص الإسلامية المقدسة الصحيحة ، و إنجازات الثورات التكنولوجية و الفلسفية و السياسية باعتبارها مشتركا كونيا لا يمكن الاستغناء عنه ! وأخيرا وليس آخرا الإسلام دين العقلانية الراجحة حيث الحرية والعدالة والتسامح والكرامة الإنسانية.. لذلك تحظى مضامينه السامية بعناية الخبراء والمختصين في أرقى الميادين العلمية، وأهم المعاهد والمؤسسات التعليمية والبحثية العالمية