من الأحاديث الآذنة بكتابة الحديث النبوي(2)
هوية بريس – نبيل صبحي
عن أبي جحيفة (وهب بن عبد الله السوائي): “قُلتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ مِنَ الوَحْيِ إلَّا ما في كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لا والذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، ما أعْلَمُهُ إلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا في القُرْآنِ، وما في هذِه الصَّحِيفَةِ، قُلتُ: وما في الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وفَكَاكُ الأسِيرِ، وأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بكَافِرٍ”.
أخرجه البخاري في صحيحه تحت عنوان: باب كتابة العلم.
من تعليقات ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: (الترقيم مني)
1- قوله: ( باب كتابة العلم ) طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الاختلاف أن لا يجزم فيها بشيء؛ بل يوردها على الاحتمال. وهذه الترجمة من ذلك؛ لأن السلف اختلفوا في ذلك عملا وتركا، وإن كان الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يَبعُد وجوبُه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم”.
قلت: تأمل عبارته الأخيرة: “…وإن كان الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يَبعُد وجوبُه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم”
2- قوله : ( هل عندكم ) الخطاب لعلي رضي الله عنه، والجَمْع إما لإرادته مع بقية أهل البيت، أو للتعظيم.
3- قوله : ( الصحيفة ) أي : الورقة المكتوبة. وللنسائي من طريق الأشتر ” فأخرج كتابا من قراب سيفه”.
قلت: فأمر الكتابة هنا واضح جلي، ويلاحَظ شدة اهتمام علي رضي الله عنه بالصحيفة إلى حد أن جعلها في مكان يُباشِره يوميا وهو قراب سيفه؛ أي غِمْد السيف.
4- قوله: ( العقل )؛ أي : الدِّية، وإنما سميت به لأنهم كانوا يعطون فيها الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعقال وهو الحبل. ووقع في رواية ابن ماجه بدل العقل ” الديات “والمراد أحكامها ومقاديرها وأصنافها”.
5- قوله : (وفكاك ) بكسر الفاء وفتحها. وقال الفراء الفتح أفصح، والمعنى أن فيها حكم تخليص الأسير من يد العدو والترغيب في ذلك”.
الخلاصة: كتابة الأحاديث النبوية بمختلف متعلقات أحكامها كانت واضحة وصريحة منذ زمن النبوة.