قال “خريستوس مافراهيليس”، العامل في دفن الموتى في مقبرة تابعة للكنيسة بجزيرة ليسبوس اليونانية، “إنه لم يعد قادرًا على تحمل دفن المزيد من الأطفال الرضع الذين يغرقون في رحلة الوصول إلى -أرض الأمل الموعود- أوروبا”، مضيفا أنه رغم عمله منذ سنوات في دفن الموتى، إلا أنه لا يتحمل إهالة التراب على رضع لم يمر كثيرا على خروجهم من بطون أمهاتهم.
ويعمل مافراهيليس في مقبرة أيغو بانتيلايمونا، التابعة للكنيسة في جزيرة ليسبوس اليونانية، إحدى الوجهات المفضلة للمهاجريين غير الشرعيين، ويرقد في المقبرة حاليا 120 مسلما.
وبيّن مافراهيليس، أنه دفن مئات الأشخاص على مدار 6 أعوام عمل خلالها في دفن الموتى، إلا أن شعوره كان لا يوصف وهو يدفن الأطفال الرضع الثمانية، الذين يرقدون تحت التراب في المقبرة، معربا عن أمله في أن تتوقف قريبا وفيات المهاجرين.
وأشار مافراهيليس إلى أن عددا من المهاجرين المدفونين في المقبرة مجهولي الهوية، إلا أنه بوسع أقاربهم التعرف عليهم عبر إجراء اختبار الحمض النووي.
وحكى مافراهيليس قصة سوري يعيش في بريطانيا، ذهب إلى تركيا بحثا عن أحد أقربائه، وهناك علم أنه ركب البحر إلى اليونان، ومن ثم قدم إلى ليسبوس، وعثر بواسطة اختبار الحمض النووي، على جثمان قريبه مدفونا في المقبرة.
وأوضح مافراهيليس أن أحد الأئمة السوريين في الجزيرة أقام الصلاة على جميع المسلمين المدفونيين في المقبرة، وتم دفنهم حسب الشريعة الإسلامية، وتوجيه قبورهم إلى القبلة. ولفت مافراهيليس لوجود مقبرة أخرى في الجزيرة تابعة للبلدية، يدفن بها موتى المهاجرين.
وتحمل قبور المهاجرين مجهولي الهوية، كلمة “agnostos” التي تعني باليونانية “مجهول”، كما تحمل بعض القبور كلمة “mikro”، التي تعني صغير. وترك زوار ألعابا على القبور، التي تضم أطفالا، في أحشائها.
وشهد تدفق المهاجرين غير الشرعيين على الجزر اليونانية تراجعا كبيرا، بعد دخول اتفاق إعادة قبول المهاجرين بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، حيث انخفض معدل المهاجرين اليومي من 5 آلاف إلى أقل من 100 شخص. وشهد إيجة آخر مآسي المهاجرين في 9 إبريل الماضي، حيث لقي 4 سيدات وطفل مصرعهم، في غرق قارب بالقرب من سواحل جزيرة خيوس اليونانية.
وتوصلت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس، في العاصمة البلجيكية بروكسل إلى اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث تقوم تركيا بموجب الاتفاق الذي بدأ تطبيقه في 4 آبريل الحالي، باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا.
وستتُخذ الإجراءات اللازمة من أجل إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم، بينما سيجري إيواء السوريين المعادين في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجل لديها إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري معاد إليها، ومن المتوقع أن يصل عدد السوريين في عملية التبادل في المرحلة الأولى 72 ألف شخص، في حين أن الاتحاد الأوروبي سيتكفل بمصاريف عملية التبادل وإعادة القبول، وفقا لوكالة الأناضول.