وقفات مع البنوك التشاركية في المغرب
هوية بريس – ذ.نبيل العسال (خبير في المعاملات المالية الإسلامية)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه ومن والاه. اما بعد؛
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278 – 279].
هذا وعيد شديد لمن لم يذر الربا، هذا الوعيد وصل الى حد الحرب من الله ورسوله على المرابين الذين لا يريدون أن يتوبوا الى الله عز وجل ، والربا هو الكبيرة الوحيدة التي آذن الله من لم يتركها بالحرب، وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا وجعله النبي عليه الصلاة والسلام من الموبقات السبع ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه ومعلوم أن الله عز وجل لا يحرم إلا الخبائث التي تضر بالإنسان والربا ضرره كبير على الإنسان. ونعرض في هذه التوطئة بعض أضرار الربا:
1-أضرار الربا:
ينقسم المجتمع بصفة عامة إلى طبقتين، طبقة غنية عندها الأموال وطبقة فقيرة أو مسكينة ليس لديها المال أو ليس لديها المال الكافي للوازم الحياة، وبين الطبقتين شرع الله عز وجل كثيرا من الأمور التي يستفيد منها الطرفين، كالزكاة مثلا والصدقة والوقف والقرض الحسن وما إلى ذلك. ففرض الله على الغني الذي يملك مالا زائدا وقد بلغ النصاب وحال عليه الحول أن يعطي منه الى الفقير أو المسكين أو المصارف الثمانية المعروفة للزكاة.
ولكن الربا يفسد هذا كله فعوض أن يعطى هذا المال كما كان فيما قبل إلى بيت مال المسلمين الذي يتصرف فيه لصالح الفقراء أصبح هناك شيء آخر، وهو أن هذا الغني أصبح يستغل حاجة هذا المسكين إلى المال ويقرضه بزيادة وهذا هو الربا. وبعد ذلك يضطر هذا الفقير لكي يرد هذا القرض أن يعمل ويعمل ويكد ويكد لكي يرده إلى الغني.
في هذه الحالة الغني لا يدخل في مخاطر، لا يخاطر في استثمارات أو في تجارة أو غير ذلك، كل ما هو يفعل هو أنه يقرض هذا المال للآخرين بزيادة مضمونة ويأخذ على ذلك الضمانات الكافية، هذا المال ليس مقرونا بعمل فيبيع هذا المال بمال وزيادة.والمال كما هو معلوم عقيم دوره ليس أن يباع ويشترى كالسلع، لذلك فإن المخاطر تنحصر عند طبقة واحدة التي تتاجر وتعمل وتكد لصالح الطبقة الأخرى. ويكون بذلك ضرر كبير على الفقراء والمساكين والمحتاجين. وكان أولى وكما وصانا ديننا الحنيف أن يقرض الرجل الذي لديه مال قرضا حسنا لهذا المسكين أو الفقير أو يعطيه من زكاة ماله، ولكي ينمي أمواله ليس له سبيل سوى الدخول هو أيضا في مخاطر فيستثمر أمواله ليعود عليه بالنفع لأنه دخل في مخاطرات مثله مثل الآخرين وباستثماره يوفر مناصب شغل للطبقة الأخرى وبذلك يكون قد عم النفع.
فهذا المال الذي يكتنزه إما أن يؤدي عليه زكاة فإن أراد أن لا يزكي عليه لكي لا ينقص فعليه أن يدخل في مشاريع سواء صناعية أو تجارية أو غير ذلك لكي ينمي ماله.
من أضرار الربا أيضا: التضخم، كيف ذلك؟
إن التاجر الذي يقترض مالا بزيادة، يحتسب هذه الزيادة في تكلفة المنتوج، ثم إن المشتري النهائي هو الذي يتحمل عبء هذه الفائدة. فترى المنتوج تزداد قيمته منذ بدايته في التصنيع، فشركة التصنيع نفسها قد أخذت قرضا لشراء آلة أو شراء سيارة أو بناية أو مواد أولية أو أي شيء تحتاجه. وأخذته بقرض بزيادة فهذه الزيادة تدخل في قيمة المنتوج، فيخرج هذا المنتوج أصلا من المصنع بزيادة. ثم بعد ذلك يصل المنتوج أيضا إلى التاجر الأول وهذا التاجر أيضا قد ٱقترض ليأخذ هذه السلعة من المصنع وبزيادة، كل هذه الزيادات يتحملها المستهلك النهائي فيكون سعر المنتوج بسبب هذه القروض قد تضخم. أما تلك الزيادة المفرطة فيستحود عليها البنك وبذلك تزيد الربا الغني غنا وتزيد الفقير فقرا بهذه الطريقة.
سنة 2008 أصيبت الدول المتطورة بأزمة مالية خانقة بسبب الربا، وقبلها كانت أزمات و لنفس السبب.فمثلا إذا تكلمنا عن الأزمة الأمريكية التي أعلن فيها أكثر من 250 بنك أمريكي إفلاسهم من 2008 إلى منتصف 2010 كان سببها المباشر هو عجز الكثير من الناس عن تسديد القروض التي أخذوها وتضاعفت هذه القروض بسبب بيعها من بنك إلى بنك .
بدأت الأبناك تبيع ديون الزبائن لأبناك أخرى ليعيد هذا الأخير جدولة جديدة له بفائدة أخرى زائدة لمدة أطول.
مثلا كان الدين 5000 دولار يصير 7000دولار تسدد خلال مدة أكبر ثم بعد ذلك إذا لم يستطيع أن يسدد تحصل نفس المسألة فيصبح 10000،دولار فيتضاعف مادام المقترض عاجز عن التسديد.
يقول الله سبحانه وتعالى “ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة”.
وبذلك صارت هناك منتوجات مالية افتراضية ليس لها وجود في الواقع.فهو في الأصل قد ٱشتراها مثلا ب 1000 دولار ولكن صارت مديونته تصل نسيئة إلى 10000 دولار.
9000 دولار الزائدة هذه هي منتوجات مالية افتراضية ليس لها وجود.
أما المنتوجات الإفتراضية المالية صارت 12 ضعفا من المنتوجات المالية الحقيقية.كل هذا وكانت المصارف الإسلامية في منأى عن هذه الأزمات كما سنرى فيما بعد.
أمريكا وقعت إذا في أزمة خانقة بسبب هذا وقد سميت بأزمة الرهون حيث أن الأبناك لم تستطيع أخذ أموالها من العملاء فلجأت لبيع العقارات المرهونة ولعدم وجود المشتري تفشت الأزمة فسميت بأزمة الرهون.
2- تاريخ الأبناك الإسلامية أو المصارف الاسلامية في العالم بصفة عامة
بدأت المصارف الإسلامية في بداية الستينات وكانت أول محاولة في ماليزيا سنة 1963، رغم أنه قبل ذلك كانت بعض الصناديق المحلية الصغيرة كبنوك الادخار المحلية التي أسسها الدكتور أحمد النجار في مصر في بداية الستينات، وبعد ذلك عقدت ٱجتماعات على صعيد الوزراء وبدأ النقاش حول إنشاء أبناك أو مصارف إسلامية سنوات عدة.
أثمرت هذه الجهود في سنة 1975 تأسيس بنك دبي الإسلامي والذي يعد وإلى الآن من كبار المصارف الاسلامية، والبنك الإسلامي للتنمية بجدة % ثم بعد ذلك تطورت المصارف الإسلامية في العالم الإسلامي.
فتم تأسيس عدة بنوك في عدة دول منها السعودية والبحرين وبعض الدول في الخليج، ووجدت قبولا وإقبالا عند بعض الناس لتحقق أرقاما كبيرة لبعدها عن الربا.وقد حققت أرباحا كبيرة في الثمانينات والتسعينات، حيث وصلت النسبة الى 20% وهذه الأرقام من الناحية الإقتصادية تعتبر كبيرة جدا.
فسبحان الله، و من حكمه عز وجل أن الأبناك الإسلامية لم تصلها الأزمة التي ضربت الأبناك الأخرى ففي الوقت الذي كانت تحقق فيه الأبناك العالمية الدولية نزولا حادا و تصدعا كبيرا، تحقق بعض المصارف الإسلامية نسب أرباح وصلت الى 25٪، هذا جعل الكثير من الجامعات في أمريكا وفي إنجلترا وفي الدول المتقدمة بدراسة المصارف الإسلامية، وبدأ الرجوع الى التفكير في هذه الابناك أو المصارف كحل للإشكال و للازمة العالمية.
3-تاريخ الأبناك التشاركية في المغرب.
كما قلنا سنة 2008 أصبحت المنتوجات المالية الإفتراضية التي نتجت عن الربا على وجه الخصوص تمثل 12 مرة المنتجات الحقيقية.
وقد تزامن مع هذه الأزمة إرتفاع في أسعار المواد الأولية مع دخول دول أخرى في الإنتاج بقوة، فبذلك أصبحت مصادر الطاقة مهمة و أسعارها غالية، فانتعشت الأسواق الخليجية و ٱنتعشت معها المصارف الإسلامية حيث حققت ٱحتياطات مهمة من المال . فبدأت تستثمر في دول أخرى.
وبذلك نجد أن المغرب تلقى سنة 2015 سبعة عشر17 طلبا من مصارف إسلامية لفتح إما فروعا أو نوافذ لها في المغرب.
وقد تم رفض ذلك لأمور سيادية وسياسية، لأن المغرب لم يرد أن ينخرط في هذه التجارب بنفس الطريقة الذي ٱنخرطت فيها دول الشرق، فأراد أن يدخل تجربته في هذا المجال بعد تفكير ملي و بسياسة مالية خاصة.
وبذلك تقرر سنة 2017 القانون المنظم لهذه المصارف الاسلامية رقم 103.12 وقد اختير لها اسم ” الأبناك التشاركية ” . و هو ٱسم يعتبر جيدا حسب العديد من المختصين ،لأن كلمة” الإسلامية” تعتبر قدحا في البنوك الأخرى من جهة. ومن جهة أخرى إن فشلت هذه البنوك قد يتهم الإسلام أنه هو السبب، لذلك فقد وفقوا في هذا الإسم.
سنة 2017 بدأ ٱفتتاح هذه الأبناك ولكن بطريقة جديدة تختلف من الناحية التنظيمية عن الأبناك في الشرق.
وقد ٱستفاد المغرب كثيرا من تجارب بعض الدول الأسيوية والعربية الإسلامية على الخصوص. حيث أن معظم المنتوجات كانت قد صدرت فيها فتاوى أو آراء من مجالس فقهية معروفة ومن علماء معروفين و مرموقين و مشايخ كبار ونخص بالذكر هنا المجمع الفقهي بجدة الذي يعتبر من المجمعات الفقهية الكبرى، الذي تطرق الى هذا الموضوع بإسهاب وأصدر فيه فتاوى كثيرة.
فلما بدأت الأبناك أو المصارف التشاركية بالمغرب وخلال سنة 2019 فقط حققت نتائج رائعة ومهمة بحيث أن هذه الأبناك أو الوكالات التي تم تأسيسها وفتحها كانت تمثل فقط 5% من مجمل الوكالات،
بما فيها البنوك التقليدية.
هذه الوكالات التشاركية حققت تقريبا 20% من رقم المعاملات على صعيد المغرب.و هذا يدل على أن عددا كبي ا من المغاربة كانوا يرفضون مسألة الربا.
بعد ذلك ٱستمرت هذه الأبناك بالتطور حيث أنها حاليا تحقق تقدما يمكن أن نعتبرها و بإمكانياتها الضعيفة جيدة، وأنها تسير بخطى ثابتة. وتقدر العمل بعدة منتجات من أهمها المرابحة.
المرابحة:
المنتج الذي تستعمله الأبناك التشاركية كثيرا هو المرابحة.
نأخذ بعض الأمثلة من أجل توضيح ما هي المرابحة:
1- فمثلا أريد بيع هاتف للسيد ياسين نتفق على ثمن 5000 درهم، أعطيته الهاتف ثم أعطاني النقود أي 5000 درهم يدا بيد، هل هذا بيع جائز؟ نعم جائز لأنه بيع عادي فيه كل أركان البيع.
2- نتفق على بيع هاتف لكن في هذه الحالة السيد ياسين لا يملك نقودا، من أجل ذلك سيتم الاتفاق على مبلغ 6000 درهم عوض 5000 درهم، السيد ياسين سيعطي كل شهر 1000 درهم حتى يستوفي المبلغ كله، هل هذا البيع جائز؟ نعم جائز، وهو ما يسمى بالبيع بأجل أو البيع بالتقسيط وحكي في جوازه الإجماع.
3- السيد ياسين يريد شراء هاتف، أطلب من السيد ياسين أن يعطيني قيمة الهاتف أي 5000 درهم، وأقوم بوضع النقود في حوزتي (جيبي) وبهذه النقود أقوم بشراء الهاتف، ثم أقوم بتسليمه للسيد ياسين، هل هذا البيع جائز؟ لا غير جائز، لأنه يدخل في باب بيع ما ليس عندك (بيع
4-الزبون (أي السيد ياسين) وعدني أنه سيشتري مني الهاتف إذا اشتريته، هذه السلعة تساوي في السوق 5000 درهم، سأشتري له الهاتف و أتكبد مخاطر كثيرة، فربما تقع السلعة مني في الطريق، أو تتلف أو يصيبها كسر أو….وبذلك تكون السلعة تحت ضمانتي حتى ابيعها له، سأبيع السلعة ب 6000 درهم للسيد ياسين الذي وافق، سلمته الهاتف وسلمني المبلغ كاملا، هل هذا البيع جائز؟ نعم جائز وهو ما يسمى بالمرابحة التقليدية لأنه تتوفر فيه أركان البيع والقاعدة المعروفة بالخراج بالضمان.
5- الزبون (أي السيد ياسين) وعدني أنه سيشتري مني الهاتف إذا اشتريته له ولكن سي ياسين لا يتوفر على المبلغ فاتفقنا أن ابيعه الهاتف بالتقسيط مع زيادة لهامش ربح معلوم وأصبح المبلغ 6500 درهم ، فقمت بشراء الهاتف ب 5000 درهم ثم بعته للسيد ياسين، وبعد ذلك بدأ ياسين يسدد الاقساط شهريا، هل هذه المعاملة جائزة ؟ نعم جائزة وجمهور العلماء على جوازها. هذه المعاملة هي المرابحة التي تطبقها المصارف الإسلامية.
وهذا البيع تتوفر فيه القاعدة الأساسية للبيع وهي الخراج بالضمان أو الغرم بالغنم، ففي الوقت الذي يقوم فيه البائع بجلب السلعة للزبون من أجل بيعها له، فقد تفقد السلعة في الطريق أو تتلف (مشكل في الصيانة بالنسبة للهاتف مثلا) أو ربما يبيعون له سلعة غير متوافقة مع السلعة المطلوبة (ليست من نفس النوعية)، فالبائع تكبد هذه المخاطر لجلب السلعة للزبون، وضمن بذلك السلعة بعد تملكها حتى يبيعها للزبون وبذلك استوفى شرط لا ربح فيما لم يضمن.
في حالة البنك التشاركي نتكلم عن بيع العقارات والسيارات وغيرها ، وهذه هي الصورة باختصار.
وكما هو معلوم فإن المجلس العلمي الأعلى، جزاهم الله خيرا، يقفون ويدققون في هذه المعاملات من الناحية الشرعية وهم يقولون بجواز المرابحة .
في البداية يختار الزبون السلعة ثم يبلغ البنك ويتم إمضاء ما يسمى بالوعد بالشراء وهو الذي يتم البدء به أولا، و يدفع العميل للبنك التشاركي مبلغا معينا وهو هامش الجدية، وهامش الجدية يقال فيه كلام كثير، فما هو دوره؟ ولماذا يأخذه البنك التشاركي؟
فمثلا البنك التشاركي يشتري سيارة لبيعها للعميل وعند تسليمها له يرفض العميل شراء السيارة لسبب ما، البنك قد قام بشراء السيارة و بدفع مصاريف كثيرة (مصاريف التنقل، التسجيل….) وتملك السيارة، ففي حال عدم رغبة العميل شراء السيارة يقوم البنك التشاركي بتبليغ الزبون أنه سيبيع السيارة، وفي حالة وجود ضرر فعلي محقق يتم خصمه من هامش الجدية ، ويجب أن نعلم أن هامش لا يوضع في حساب البنك التشاركي وإنما يوضع في حساب خاص لا يستعمله البنك وليس له الحق في استعماله، فإما أن تتم عملية المرابحة فيتم إرجاعه لصاحبه أي العميل، أو أن عملية البيع لم تتم والمواعد لم يأتي لشراء السلعة كما تم الاتفاق ، فيحسب الضرر الفعلي المحقق ويتم أخذه من هامش الجدية والباقي يتم إرجاعه للزبون، وهذا هو دور هامش الجدية وليس دوره الإلزام كما يقول البعض. و للاشارة الضرر الفعلي المحقق لا يكون إلا في حالات نادرة جدا، لأن البنك يمكنه بيع المنتج بسرعة وبسعره الحقيقي لزبون آخر.
وفيما يخص مسألة الوعد، فهناك نموذج للعقد مكتوب من طرف المجلس العلمي الأعلى ويجب أن يحترم حرفيا، حتى تكون الأمور منضبطة من الناحية الشرعية.
وبعدما يقتني البنك السلعة و تصبح في حوزته، وهذا شرط في صحة المرابحة، يوقع عقد المرابحة مع العميل وهناك حرص كبير على ألا يتم توقيع عقد المرابحة وعقد الشراء من طرف البنك والعميل في آن واحد، وتجدر الإشارة على أن هناك ثلاثة نماذج عقود لعملية المرابحة تمت صياغتها من طرف المجلس العلمي الأعلى ويلزم احترامها من طرف البنك، فهناك عقد الوعد بالشراء وعقد شراء البنك وعقد المرابحة، فيجب أن تكون حيازة للشيء من طرف البنك وأن يتملكه كي لا نقع في مخالفة ‘بيع مالا تملك’.
نذكر هنا مسألة أخرى، وهي مسألة الوعد فبعض الناس يذكرون ‘الوعد الملزم’، وتجدر الإشارة أن في القانون يتكلم عن مصطلح الوعد الملزم والإلزام لا يكون الا بعد اقتناء البنك للسلعة حسب القانون، أما في المعاملات والإجراءات فلا يوجد شيء اسمه إلزام، فإذا رغب العميل في عدم الشراء لا أحد يجبره، ربما الشخص ملزم ديانة وليس ملزما قضاء، فإذا رفعت البنك دعوى قضائية ضد العميل لأنه قام بالوعد فإن القضاء لا يجبر الزبون على الشراء لانه مجرد وعد.
فهذه هي الصورة بصفة عامة، تتم في النهاية عملية عقد المرابحة ويتم بعد ذلك أداء الأقساط التي تكلمنا عليها سابقا.
المرابحة لا تتم فقط في العقارات والسيارات الذي يستعمله البنك عادة للحاجيات الفردية للأشخاص، ولكن لاننسى أن هناك حاجيات أخرى للشركات وحاجيات تقدر بمبالغ كبيرة فهنا نتكلم عن المليارات، فكانت المرابحة حلا لتوفير الحاجيات التي كانت الشركات في أمس الحاجة إليها من أجل تمويل مشاريعها من الآلات والمعدات والمواد الأولية وغيرها، فيلتجئون للبنك وتكون العملية كما وصفناها مطبقة للشركات، فمنتوج المرابحة كانت فيه حلول كبيرة لتمويل حاجيات الشركات التمويلية أيضا.
المشاركة:
وعند ذكر الشركات هناك منتجات خاصة بالشركات، وهي منتجات جائزة شرعا ولا غبار عليها و من هنا نذكر على سبيل المثال ‘المشاركة’، أي أن البنك التشاركي يأتيه الزبون وهذا الأخير يحتاج إلى النقود من أجل ترويج مشروعه، فالبنك يكون مستعدا لتمويل مشروع الشركة، وذلك بعد القيام ببعض الدراسات كدراسة الجدوى التي يقوم بها أناس مختصون داخل البنك من خلال معطيات مدروسة وهم ذوو خبرة واسعة، فهم يدرسون المشروع هل هو مجدي وهل يدر أرباحا؟ في حالة تبين أن المشرو ع مربح يمكن للبنك ان يدخل في المشروع كشريك، وتكون له نسبة 20% أو 30% من حصص الشركة مع تطبيق قاعدة الغرم بالغنم أو الخراج بالضمان (تحمل الربح والخسارة) فالبنك يملك حصة في رأسمال الشركة وفي آخر السنة عند حساب القوائم التركيبية، يقومون بتقسيم الأرباح كل حسب نسبته من الحصص (فمن عنده 20% يأخذ 20% ومن عنده 30 ياخذ 30 في المئة) وفي حالة الخسارة الكل يتحمل الخسارة حسب نسبته، وهذا شيء طيب و جائز وهو منصوص عليه.
هذه المشاركة تكون عادة متناقصة، وتسمى المشاركة المتناقصة وهي معاملة بنفس الصورة أعلاه إلا أن العميل يشترى كل سنن حصص محددة من رأسمال البنك ويمتلك تدريجيا الشركة عبر السنين، في آخر المطاف تنتهي العملية بامتلاك العميل جميع حصص الشركة.
مثال المشاركة المتناقصة: السيد عثمان مثلا يريد أن يوسع مشروعه فيلجأ إلى البنك التشاركي الذي يدرس المشروع ويجده مجدي، يوافق البنك إذا على الدخول معه في المشروع بتمويل يصل مثلا إلى 50 في المئة، نفترض أن قيمة المشروع هي عشرة مليون درهم، البنك التشاركي سيعطي عشرة مليون درهم فيصبح رأس مال الشركة عشرون مليون درهم، سيقوم بعد ذلك السيد عثمان بترويج الأموال واستثمارها وتوسعة مشروعه، وفي آخر السنة كل يأخذ حصته من الأرباح وهي النصف لكل واحد: للزبون عثمان والبنك التشاركي. أما إذا كانت خسارة فالبنك يخسر ماله أو جزءا منه حسب نسبته في رأسمال الشركة.
أما نصف الربح الخاص بالزبون عثمان يأخذ منه قسطا ويشتري بالقسط الآخر تدريجيا أسهم الشركة لدى البنك، فالزبون مثلا يشتري هذا العام 5% من 50% فتبدأ حصص البنك من الرأسمال بالتراجع نسبيا كل عام فهي مشاركة متناقصة لأن البنك كل سنة تنقص نسبة رأسماله كما تم الاتفاق عليه. وخلال عدد السنوات المتفق عليها يصبح العميل شريك وحيد في رأسمال الشركة بنسبة 100%.
هذه الصورة جائزة لا غبار عليها لان القاعدة الشرعية الغرم بالغنم مطبقة ، فينتفع الزبون والبنك معا بهذه المعاملة على السواء، والجدير بالذكر أنهم لو يعلمون ما في هذه المنتوجات من ربح لتخلوا عن الربا، ففيها ربح كبير جدا فعندما نتحدث عن الفوائد، البنك التقليدي لديه فوائد محددة 6% أو 4% أو غيرها، أما المعاملات التشاركية فالربح فيها قد يصل إلى 30% من المبلغ المستثمر ، كذلك يجدر الاشارة الى ان البنك التشاركي لديه أطر ذوي خبرة عالية سيختارون المشاريع المربحة ثم زد على ذلك أن الاقتصاد سينتعش، فلا نبقى في إطار المعاملة التقليدية التي تعتمد على أن النقود تدور في فلك وحيد.
المضاربة:
ننتقل من المشاركة إلى صورة من صور المشاركة ألا وهي المضاربة وهي معروفة في عمليات البنك التشاركي.
نضرب مثال: نأخذ مثلا شخص ليس عنده مال ولكنه إنسان طموح ويمتلك خبرة وعنده أفكار مشاريع ستنتفع به الأمة اقتصاديا، وهذا الشخص لا يتوفر على المال وهو مسير جيد، فمثلا السيد أنور عنده فكرة مشروع جيد وعنده تجربة وخبرة كبيرة في هذا المجال، فيقدم مشروعه للبنك التشاركي، البنك يمول مشروعه 100%، البنك يسمى رب المال والزبون يسمى المضارب، وهي صورة معروفة عند الفقهاء وكانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تسمى بالقراض، الزبون يشتغل في مشروعه وينميه، وبعد احتساب النتيجة يقسم الربح حسب المتفق عليه سواء 50% أو 40% أو60% والمسلمون عند شروطهم، فينتفع البنك بهذا المشروع، من إيجابيات المضاربة أن طاقات مهملة تظهر للوجود ، فالسيد أنور في المثال السابق لا يملك أي ضمان، لن يأتي بأي رهن أو أي شيء لأنه لا يمتلكه فما عنده هو الأفكار الناجحة، هذه المعاملة ينتعش بها الاقتصاد كثيرا، وستخرج تلك الطاقات المغمورة للوجود، هذه الطاقات التي لها مؤهلات تدفع بالشركات للنجاح في مشاريعها وستدخل ضمن الإنتاج الوطني بهذه الطريقة، في حين أن النظام التقليدي لا يمكن لمثل هؤلاء الأشخاص أن يدخلوا شركاء في مشاريعهم، فالمفروض أن تمتلك فيلا أو بقعة أرضية أو ضمان من أجل وضعها كضمان لتأخذ قرضا بزيادة ، فالبنك التقليدي لا يعير اهتماما إلا للضمانات، أما الأبناك التشاركية الذين يتعاملون وفق الشريعة ، فهم لا ينظرون للعميل هل لديه طاقات أو القدرة على إرجاع المال فقط، بل يدققون في ماهية نجاح المشروع من عدمه، فأصبحت هناك إلتفاتة للمشروع، وأصبح البنك التشاركي يتكلم عن أمور حقيقية واقعية في ماهية دخول البنك كشريك، وحتى في المرابحة فعند شراء البنك التشاركي للمواد الأولية مثلا فإنه لا يبحث عن الخسارة له ولا للعميل، لأنه من مصلحته أن يربح الطرفان ، علاوة على ذلك فكل تاخير لا يترجم في البنوك التشاركية الى زيادة فوائد، فيكون بذلك حرصه على نجاح المشروع آكد.
أما في الجهة الأخرى فإن البنك التقليدي لا ينظر للمشروع كفكرة ناجحة ولا تهمه طبيعة المشروع، بل ما يهمه هو هل الضمانات الكافية موجودة.
أما في المضاربة وكذلك المشاركة المتناقصة لا تكون هناك أي ضمانات من الشريك لذلك يكون الحرص على تمويل المشاريع الناجحة ، لأن المشروع المربح سيربح منه الطرفان ليس كالمعاملات في البنوك التقليدية التي يكون الرابح دائما هو البنك بغض النظر عن العميل هل سيربح أو سيخسر لأن العميل ضمن للبنك أن يسترجع القرض وبزيادة الفوائد الربوية من خلال رهنه لممتلكاته الشخصية .
ونذكر أن المضاربة أيضا فيها مشاركة متناقصة، يدخل المضارب وبعد عدة سنوات يخرج من المشروع كشريك وحيد ويقيم مشروعا قائما بذاته، فالبنك التشاركي استفاد بنسبة معينة من الأرباح ،فأصبحنا نتكلم عن البنك يدخل المشروع ويستثمر ويحرك الاقتصاد مع وجود مخاطرة – قاعدة الغرم بالغنم -. وهذا هو الفرق الجوهري بين البنكين، وهي كلمة المخاطرة (Risque).
الإجارة المنتهية بالتمليك:
هناك منتوجات أخرى غير المشاركة المتناقصة و المضاربة، نتكلم هنا عن الإجارة المنتهية بالتمليك، وهو ما يسمى ب Leasing في البنوك التقليدية، هنا تكون إشكالية الضمانة، فإذا كنت تؤجر فيجب تحمل مسؤولية الشيء الذي تأجره، فإذا تلف أو وقع فيه عطب ولم يكن هناك تفريط من جهة من يستعمله أي المستأجر ، فالمؤجر هو من عليه تحمل هذه الخسائر حيث يكون الشيء المؤجرتحت ضمانته ، لأننا نتكلم عن عملية ايجار فقط وليس هناك بيع، أما البيع يكون في أخر المطاف، فتكون عملية البيع مستقلة، ويكون الوعد بالبيع أو الهبة في هذه الحالة من جهة البنك ، فهذه العملية هي عكس المرابحة من هذا المنظور حيث يكون فيه الوعد بالشراء في البداية من جهة العميل ، وهذا الوعد غير ملزم، فبعد انتهاء الإجارة يمكن للعميل تسليم المنتوج للبنك دون شرائه.
الاستصناع
ونذكر مسألة أخرى وهي الاستصناع، فمثلا نريد بناء مصنع، السيد عبدالعزيزمثلا يريد بناء مصنع، المصنع سيكلف مليار درهم وليس عنده سيولة مالية، وبعد الدراسة تبين أنه المشروع مجدي ومنتجاته مطلوبة في السوق ، فعند الذهاب للبنك لبناء مصنع يتم توقيع عقد استصناع، أي أن البنك سيصنع هذا المصنع ثم يتم بيعه للعميل، فيمدهم العميل بالمواصفات والمعلومات الخاصة فيصنعون هذا المصنع ويقومون ببنائه وعند الانتهاء منه يسلمونه للعميل ويبيعونه له بالتقسيط، فيدخل الزبون على مشروعه ويروجه.
الفوائد عن التأخير
ويجب التنبيه على أنه هناك مبدأ يجب احترامه ، هو أن النقود لا تعطى نقودا زائدة على غرار البنوك التقليدية فهذا محرم وممنوع، فهو بالنسبة لهم خط أحمر، وهذه الأبناك وضعت أصلا كي لا تكون هناك هذه الزيادة التي هي عين الربا ، النظام المعلوماتي الخاص بالبنك التشاركي مقفل في هذا الجانب لا يقبل الزيادة الناتجة عن القرض ، وهذا الأمر يخص المنتجات التشاركية كلها بصفة عامة فلا توجد زيادة ربوية حتى لو تأخرت عن تسديد الأقساط وليس هناك لا شرط جزائي ولا فوائد ، في حين أنه في بعض المصارف الإسلامية خارج المغرب هناك ما يسمى بالشرط الجزائي لا يستفيد منه المصرف ولكن يسلم لجمعيات خيرية..، أما في المغرب رأي المجلس العلمي الأعلى جزاهم الله خيرا أن لا تكون هناك زيادة ولو تأخر العميل عن سداد أقساط، فهذا شيء طيب وينطبق على كل منتوجات المالية التشاركية.
ومقارنة مع البنوك التقليدية فكل تأخير عن سداد الأقساط ينتج عنه زيادة ربوية.
السلم
وهناك أيضا بيع السلم، وهو المنتج الوحيد الذي يعطي فيه البنك مالا للعميل مباشرة ،فصورة السلم، هو أن الشركة مثلا احتاجت إلى سيولة مالية من أجل دفع رواتب العمال أو أي مصاريف أخرى فليس هناك باب إلا باب السلم، فالبنك يشتري المنتوج الموصوف في الذمة من العميل ويقبض هذا الأخير المال معجلا .
هناك ثلاث أنواع من البيع
-البيع العادي فالثمن والسلعة موجودان في مجلس البيع.
– ثم البيع بالتقسيط السلعة موجودة وثمنها مؤجل،
– وأخيرا في هذه الحالة العكس فالثمن يقدم في بداية العملية والسلعة تكون في الأخير وهو بيع السلم او السلف ، وهو شراء منتوج موصوف الذمة مع تعجيل ثمنه.
ويكون السعر المتفق عليه في بداية العملية أقل سعر البيع لأن الفرق بين الثمنين هو ربح البنك.
الودائع الاستثمارية:
ومن المعلوم أن هناك منتجات أخرى في الأبناك التشاركية غير المنتجات التي يحتاجها الناس لتمويل حاجياتهم.
نذكر على سبيل المثال لا الحصر، الودائع الاستثمارية، وهو شيء مهم جدا تجدر الإشارة إليه، فنفترض أن شخصا لديه مال وهذا المال يريد ترويجه واستثماره ليدرعليه ربحا، فيختار إيداعه في البنك، أما في البنوك التقليدية فالربح يكون عبارة عن فائدة ‘Intérêts’ بنسبة 3% أو 4% أو 6% فيروج البنك هذا المال ويستخدمه ثم يمنح الزبون نسبة فائدة.
أما في البنوك التشاركية الودائع الاستثمارية تكون مضاربة حيث يكون فيها العميل هو رب المال والبنك هو المضارب، البنك يستثمر المال وفي آخر السنة تحتسب النتيجة فإن كانت ربحا تم توزيعه بين الطرفين حسب الاتفاق الأولي وإن كانت هناك خسارة يتحملها العميل الا ان يكون هناك تفريط من البنك.
والودائع الاستثمارية هي الوسيلة التي يمول بها البنك المنتجات التشاركية، فهم لا يستعينون بالطرق الأخرى كالقرض بفائدة، فهذه مسألة مهمة يجب الانتباه لها، وهي أن البنك من جهة لا يقترض من الأبناك التقليدية بفائدة ربوية بل يستعمل طريقة الودائع الاستثمارية لتمويل منتجاته، ومن جهة أخرى لا يستثمر الودائع الاستثمارية نفسها إلا في منتجات حلال، فلا يمكن للبنك أن يستثمرها مثلا في الخمر أو غيره.
هناك إشكالية عند كثير من الأشخاص حيث أنهم لا يتقبلون مسألة الخسارة وقاعدة الغرم بالغنم، فيفضلون إيداع أموالهم في البنوك التقليدية بفائدة ربوية محددة مسبقا وهي عين الربا فيصبح العميل للأسف هو المرابي في هذه الحالة وليس البنك. أما الودائع الاستثمارية في البنوك التشاركية فهو باب حلال فتح للأشخاص الذين يمتلكون مال ولا يستطيعون استثماره بأنفسهم، وهو يودع كرب المال هذه الودائع في البنك المضارب ليستخدمها من أجل استثماره مرابحة، استصناعا، مشاركة، ومضاربة ،فالبنك التشاركي يروج لمنتجاته والزبون يربح غلته من هذه العملية ومن هذه المنتجات.
الحســاب الجاري:
كما هو معروف في الأبناك التقليدية، فتح حساب بنكي يعني أنك تقبل أن تحتسب عليك فوائد ربوية في حالة كان رصيد حسابك سلبيا، وإن حرصت أن لا يكون رصيدك سلبيا فيمكن أن تقع في ذلك لعدم معرفتك بالقوانين المحاساباتية لدى البنك التقليدي، فمثلا مسألة احتساب التواريخ البنكية، عندما يتم ضخ مبلغ من المال في حساب العميل، أو أن شخصا أخر قام بإيداعه في الحساب البنكي بتاريخ N ، ثم قام العميل بسحب المبلغ في اليوم نفسه يعني N تحتسب فوائد ربوية كيف ذلك ؟ عندما يتم الايداع بتاريخ N الذي هو تاريخ العملية يحتسب البنك أن المبلغ قد تم إيداعه بتاريخ N+1 اي ما يسميه البنك بتاريخ القيمة و أما السحب الذي كان تاريخ العملية هو N فيحسب عند البنك بتاريخ القيمة الذي هو N-1. وبذلك يكون الحساب قد سجل رصيدا سلبيا من تاريخ N-1 إلى تاريخ N+1 وبذلك تحتسب الفوائد الربوية. وعند الاطلاع على كشف الحساب للبنك التقليدي تجد أن هناك جدولين يضمان اثنان من التواريخ تاريخ العملية الذي هو التاريخ الحقيقي للعملية وتاريخ القيمة الذي تحتسبه البنك.
هذه العملية المشوبة بالربا لا توجد في الأبناك التشاركية ف N يساوي N-1 يساوي N+1 ولا توجد زيادة ربوية فكلها أيام تساوي بعضها، فإذا تم إيداع مبلغ من المال في البنوك التشاركية وتم سحبه في نفس اليوم فلا توجد أي زيادة أو أي احتساب للربا، لأن الأصل في هذه الأبناك Date de valeursتاريخ القيمة يساوي Date تاريخ العملية d’opération ، كما أنه يوجد تاريخ واحد في كشف حساب.
بالنسبة لعقود الودائع الاستثمارية والحساب الجاري، فهي على غرار كل المنتجات للبنوك التشاركية تقرر فيها صيغة من طرف المجلس العلمي الأعلى.
التأمين التكافلي:
و من بين الأمور الأخرى التي تجدر الإشارة إليها هو مسألة التأمين التكافلي، فهناك اختلافات بينه وبين التأمين التجاري، هذا الأخير هو محرم لأن فيه جهالة وغرر. والتأمين التكافلي عبارة عن صندوق مستقل يضع فيه الأشخاص أقساط شهرية أو سنوية وهي عبارة على تبرعات، فهم يتبرعون بأموالهم للصندوق مع عدد من الناس ، وفي حالة أن أحد الأشخاص وقع له حادث واحتاج إلى أموال فإنه يأخذ من هذا الصندوق، وهذا الصندوق تؤخذ منه مصاريف التسيير وأجور الموظفين والإيجار وغيره، والباقي يرجع لأصحابه، فأنا متبرع وأكون في نفس الوقت متبرع و متكافلا مع أخ لي، ونذكر أنه صندوق مستقل يسيره أشخاص أو شركات يكون ربحهم محدد فهو ليس كالتأمين التجاري الذي يأخذ كل شيء وكل الإيرادات التي يضعها في الأبناك التقليدية كودائع استثمارية تجلب فائدة ربوية .
أما التأمين التكافلي فيمنع عليه أن يتم إيداع أمواله في أبناك ربوية ، كما أنه يمنع عليه استعمال هذه الأموال في معاملات ربوية، فله إمكانية وضعها في ودائع استثمارية لدى البنوك التشاركية لمدة 3 أو 6 أو 9 أشهر ويربح بها أموالا فيصبح هناك عائد للصندوق ، كما أن الشخص الذي يسير هذا الصندوق عنده نسبة محددة من الربح.
دورنا تجاه البنوك التشاركية:
ننتقل هنا إلى النقطة الأخيرة وهي ما هو واجبنا تجاه هذه الأبناك التشاركية ؟، فإذا فكرنا قليلا فمن لديه مال ويريد أن يودعه في بنك أو يفتح حسابا، فيعرف الآن أين سيضعها.
فكما ذكرنا في بداية هذا اللقاء، فإن 90% من أموال الحسابات الجارية يستعملها البنك التقليدي في القروض الربوية، ونفس الشيء بالنسبة للأبناك التشاركية، فإذا وضعت مالك في الحسابات الجارية أو كوديعة استثمارية فهذه الاموال تستعملها في المرابحة أو المشاركة وغير ذلك..
خلاصة القول أنه من أراد أن يسلم من الربا فمن الواجب عليه أن يضع ماله في البنوك التشاركية سواء كحسابات جارية أو ودائع استثمارية.