الشيخ القزابري يكتب: حبل النجاة
هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين.
أحبابي الكرام:
في دنيا الصخب والهرج يحتاج الناس إلى من ينقلهم إلى عوالم السكينة. ويفر بهم إلى رياض الطمأنينة. ولا يتم ذلك إلا بأن تَسْكُتَ الأصوات النشاز. المشوشة على الناس في عقائدهم وأخلاقهم. ففي الصخب يضيع صوت الحكمة. والمصلحون الذين ينادون القلب ليستيقظ من غفلته. والحكمة لتكشف عن نفسها. ويستنهضون الهمم. تضيع أصواتهم وسط هذا الضجيج. وهذا الحاصل في دنيا اليوم. أصوات نشاز تطغى على مسامع الناس. وتطوف حول عقولهم محاولة الاقتحام. أصوات مشككة في الدين وفي أهليته وصلاحيته لتسيير دنيا الناس. وقد تكاثروا وتناسلوا ..
يقول أحدهم: إن تعاليم الدين لا تساير العصر. أقول له: قِرْ على ظَلْعِك. وارْبَعْ على نفسك. فليس ذاك من أمرك. ولن ينزل الناس عند رغبتك. قد دَسَمَ أثرك. وعفا رسمك. فسيفك كَهَامٌ ومِعْضاد. فمهما تفيهقت وتفيحقت. فحجة الدين ساطعة. قاطعة ناصعة. فهؤلاء المشككة يريدون إيقاع الناس في الخلاف من خلال الإتيان بغرائب الآراء. وشاذ الأفكار. ومعلوم أنه إذا اختلفت على الناس الآراء أصبحوا في مَرْجُونَة من أمرهم. فالماء إذا خالطه الوحل والطين صار رَدَغَةً ورَزَغَة.
إن مبغضي الدين في هذا الزمن أخذتهم الحمى بزفزفة وقفقفة. يحسبون كل صيحة عليهم. وينسبون كل جليلة إليهم. لذلك على المرء في ظل هذا الهرج أن يتعلق بالله. فمن تعلق بشخص لم يغن عنه عَبَكَةً ولا لَبَكَة. ولا وَتَحَةً ولا ودَحَة. ومن تعلق بالله. أدهشه عطاؤه. واستخرجت عبراته من العين نعماؤه. فاترك الباب المرتج. واقصد الباب الفُتُح وهؤلاء المعوقة لا يحتاجون لكثير دهاء لكشف مكرهم. يكفي أن تسمع ذَرْواً من قولهم. فإذا سمِعتَ بان لك شططهم. وظهر عوارهم. ورمى بالغطاء مِن عليه حِقْدُهُم. إن الله مظهر دينه. وناصر دعوته. وعندها ستذوب نَعرَتُهُم وقَمْعَتُهُم وشَذَاتُهُم.
أيها الناس: استمعوا لكتاب ربكم وأنصتوا. وإذا قال فصدقوا. فلا صوت يعلو فوق صوته. ولا نصح أصدق من نصحه. من بين دفتيه اندهقت حضارة هذه الأمة. آيات بينات وَمِضَات تشع في النفس وتضيئ في الآفاق. لا شيء ينعش الأرواح مثله فهو سَقَّاؤُها. وهو البَعَّاثُ من أجداث الصمم والعمى. في أفواه أهل الوصل رحيق. وفي صدور العارفين أزيز. رَوَّاءُ العِطَاش. بَلاَّلُ الشفاه. يطلق الإنسان من سجن المكان والزمان. ليأخذه إلى ما وراء الأكوان. يخترق به حوائل الحجب. ويدخل به إلى مقامات الكمال. ويحقق له الانبعاث من جديد. ويحقنه بفراسة حائلة. ويُلَقِّحُهُ بعزيمة ناقلة. ويهبه الفطنة والزكاء نافلة. فلنجدد علاقتنا بالكتاب. مقتفين آثار أصحاب العزمات أولي الألباب. فالقرآن نور وهدى وشفاء وبصائر وبشائر وبرهان وبينات وموعظة وبركة. وتلك هبات مغنية لتحطيم كل وهم. ومحققة لكل وعي وفهم. (وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.