بلاغ الخارجية السعودية بخصوص فلسطين.. ماذا يعني؟!
هوية بريس- محمد زاوي
نشرت وزارة الخارجية السعودية بيانا تقول فيه إن “المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة”.
ما الذي تريده السعودية بهذا الموقف؟! لماذا أصدرته السعودية في هذا الوقت بالتحديد؟! هل للأمر علاقة بشدة العدوان النازي للكيان الصهيوني على قطاع غزة أم أن تحولا ما في ميزان القوى أملى الاستباق السعودي؟! هل تمارس الإدارة السعودية نوعا من الضغط على إدارة بايدن أم تسوغ تدخل هذا الأخير ضد متطرفي الكيان؟! لا حدث يأتي عفويا في السياسة، لكل حدث تفسير، وتفسير الموقف السعودي الأخير لن يخرج عن ثلاثة احتمالات على الأرجح:
-أولا؛ فإما أن السعودية تضغط فعلا على الإدارة الأمريكية. فمعلوم الاختلاف الحاصل بين “الديمقراطيين” والمملكة العربية السعودية، فغالبا لا تلتقي توجهاتهما الاستراتيجية بخصوص الشرق الأوسط مقارنة مع “الجمهوريين” الذين تربطهم بالمملكة علاقات أوثق. ولذلك فربما ترى السعودية أن موقف بايدن وإدارته لا يخدم مصالحها في المنطقة ولا رؤيتها لحل القضية الفلسطينية، فبادرت بالضغط على الإدارة الأمريكية الحالية في أفق تنازلها أو استبدالها ب”إدارة الجمهوريين”، إدارة ترامب التي تقترب كثيرا من توجهات بلاد الحرمين.
-ثانيا؛ وإما أنها تعطي مسوغا لذات الإدارة للضغط على اليمين المتطرف داخل “إسرائيل”. فربّما نضج اختيار إيقاف الحرب في غزة والمضي بخطوات أسرع في تفعيل حل الدولتين، ليس لدى الجمهوريين فحسب، بل لدى الطرف الديمقراطي أيضا. وهذا ما يستشف من تصريحات بايدن الأخيرة، وكذلك من مواقف دول الاتحاد الأوروبي التي لا يمكن بحال قراءتها بمعزل عن الموقف الأمريكي. هذه المواقف المستجدة تحتاج ضغطا عربيا وإسلاميا من خلاله يمكن الضغط أكثر على اليمين المتطرف داخل “إسرائيل”، وهو ربما ما بادرت إليه السعودية لإرباك حسابات نتنياهو وقاعدته اليمينية المتطرفة!
-ثالثا؛ وإما أنها تستبق بموقفها السيناريو المنتظر تحققه على أرض الواقع. وهذا كان محتملا ومتوقعا منذ البداية، يعني أن تربط السعودية علاقات دبلوماسية وسياسية طبيعية مع “إسرائيل”، بعد أن تكون شروط هذه العلاقات قد تحققت، أي بعد أن تكون البنية القابلة لحل الدولتين قد أصبحت أمرا واقعا، وما هذه البنية إلا ضعف اليمين في الطرفين، بمعنى تراجع المقاومة عسكريا (لا ينفي ذلك استمرار أدوارها السياسية) وفرض قيود عسكرية على الكيان الصهيوني. وهكذا تكون “7 أكتوبر” جوابا على أزمة في التفاوض بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية (و”إسرائيل” طبعا). كانت هذه الأزمة تحتاج “قابلة عنيفة”، وكانت هذه القابلة هي الحرب!
هذه مجرد تحليلات احتمالية، أما مستقبل الحرب ففي الحركة الجدلية ل”واقعها الملموس”!