منذ انطلاق الغزو الفرنسي للمغرب سنة 1906 بمهاجمة التخوم المغربية في الشرق، ورغبته في ربط الجزائر بالمحيط الأطلسي، شكلت ممرات تازة عقدة العسكريين الفرنسيين الذين اعتبروا يوم سقوطها نصرا كبيرا، ويتضح ذلك في البرقية التي بعث بها المقيم العام ليوطي للسلطان مولاي يوسف والتي جاء فيها:
“وصلت اليوم السابع عشر الجاري (ماي) لتازة في مقدمة جنود الجنرال “كورو” والجنرال “بومكارتن” التي كانت قد قدمت لملاقاتي في السادس عشر من الجاري لمكناسة التحتية، والبقع التي اجتزتها من تراب التسول والبرانس، أظهر سكانها خطة مستقيمة.
أما في تازة فالأهالي سكان المدينة الذين عجّلوا في العاشر من الجاري بفتح أبواب المدينة للجنرال “بومكارتن” وجيوشه، استقبلوا بكل ترحاب، ودفعوا لي بعقد البيعة لجلالتكم، الذي سأعجل بإرساله إليكم، وقد كانت صلاة الجمعة باسم جلالتكم.
وقبيلة هوارة التي قدمت الطاعة منذ أقل من عام حاربت بكل إخلاص وشجاعة تحت أوامر الجنرال “بومكارتن” وساعدته مساعدة كبرى على دخول تازة، ولعل جلالتكم تعتبر من المناسب أن تبعث كتب تهاني للقائد احمد ولد اعلي قائد هوارة ولسائر القبيلة أيضا.
وقد عينت مؤقتا عاملا على مدينة تازة القائد لحسن ولد الحاج المدني من غياتة، وللمذكور نفوذ كبير بذله في جانب مصلحة المخزن، وعينت قاضيا الحاج محمد بن علي من هوارة، وأستميح من جلالتكم تثبيت هذا الاختيار بظهير شريف.
وقبائل التسول والبرانس ومكناسة اللواتي قدمن الطاعة ما زلن محافظين على الهدنة والنظام، وقد قدمت غياتة الطاعة، وبعض منها ما زال في الجبل يتبادل الراضي في الخطة التي يتبعها”.
وفي جواب السلطان غير الموقع لليوطي جاء بعد الديباجة:
“ونتمنى من صميم الفؤاد شفاء الجرحى، وقد فرحنا غاية بعدم خطارة الحادث الذي أصيب به الجنرال “كورو” وسلامته، ونكلفك إلى أن تصل كتبنا إلى القائد ولد اعلي قائد هوارة وقبيله بالثناء عليه وعلى قبيلته، ومثل ذلك للقائد الحاج محمد بن علي، وأن تلح عليهم بأمر المخزن لاستعمال جميع ما لهم من النفوذ، والقيام على ساق الجد لحفظ الهدنة، واستمالة القبائل المترددة بالطاعة إلى الدخول فيما دخلت فيه الجماعة، ونتمنى..”.
ويصف القبطان كوسان (Capitaine Caussin) دخول القوات الفرنسية لتازة بقوله: “لقد ارتفع العلم ذو الثلاثة ألوان على برج المدينة القديمة.. إنها لحظات مؤثرة لا تنسى لأنها تؤرخ لمرحلة من أحسن المراحل في تاريخنا الاستعماري، لقد أصبح المغرب والجزائر منظمين الآن.. إنها بالفعل تازة مدينة الميعاد”.