د.الصمدي يرد على عصيد بـ”الفيل حين يدخل مصنع الخزف”
هوية بريس – د.خالد الصمدي
يتنقل السامري هذه الأيام بين مجامع من توجهات إديولوحية خاصة، ومن طيف معين تستضيفه للحديث عن تعديل مدونة الأسرة، فيستوي على كرسيه ثم ينظر يمينا ويسارا ليتأكد من عدم وجود أي طالب علم يمكن “أن يعيق به” فيكشف أخطاءه وزلاته، ويستغل جهل كثير من الحاضرين بأبسط قواعد المعرفة الشرعية، ثم يلبس لبوس المتخصص في الدين ويدخل إلى حضيرة العلوم الشرعية كما يدخل الفيل إلى مصنع خزف، ثم يشرع في رفس الاجتهادات الفقهية وما استندت إليه من النصوص الشرعية قرآنا وسنة، تحت إعجاب المعجبين والمعحبات الذي يجدون في كلامه دغدغة لعواطفهم واستجابة لأهوائهم، بعيدا عن كل تحليل علمي.
وقد سلك في عمله هذا منذ بداية الحديث عن تعديل المدونة مسلكا متدرجا.
ففي البداية كان يدعو إلى مجرد تجاوز اجتهادات الفقهاء باعتبارها اجتهادات ماضوية وخارج السياق، ويدعو الفقهاء المتنورين إلى الاجتهاد وفق حاجات عصرهم وفق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة بالعودة إلى القرآن مستشهدا ببعض نوازل فقهاء سوس على سبيل التلبيس حتى يصنف الفقهاء المجتهدين الى متحجرين ومتنورين، حتى إذا اكتشف أن الفقه الإسلامي متطور ومستوعب لقضايا العصر مع بيان ذلك بنماذج وأمثلة وتبين له ضعف حجته بالدليل والبرهان، وعسر عليه شق صف الفقهاء.
انتقل إلى مستوى أعلى فدعا إلى الاقتصار على القرآن لأن اجتهادات هؤلاء الفقهاء حتى وإن كانوا متنورين استندت إلى الأحاديث المنسوبة إلى الرسول وكلها في نظره مكذوبة وموضوعة ولا شيء منها صحيح لأنها كتبت حسب زعمه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بسنوات، واعتمدت على “العدل والترجيح”!!!!
فإذا تبين له أنها حجج مردودة وأن الأمة عبر التاريخ قد وثقت الأحاديث الصحيحة بقواعد علمية مضبوطة وصارمة وبذل العلماء في روايتها وفقهها جهدا كبيرا ويكفيه الرجوع إلى منصة محمد السادس للحديث الشريف التي يشرف عليها كبار علماء المجلس الأعلى للوقوف على هذه الجهود التي بذلت العلماء عبر العصور في رواية وفقه السنة النبوية الشريفة.
اتجه بعد ذلك رأسا إلى نصوص القرآن الكريم فنفى وجود نصوص قطعية فيه حتى لا يصطدم بقول أمير المؤمنين “لن أحلل حراما ولن أحرم حلالا خاصة فيما وردت فيه نصوص قطعية من القرآن الكريم“، فلما ووجه بوجود نصوص قطعية الدلالة وخاصة منها نصوص نظام الإرث ونظام الأسرة، انتقل إلى مستوى أعلى وهو اتهام القرآن الكريم كله بالتاريخانية والماضوية، وأن نصوصه لم تعد صالحة لزماننا، وكأنه كلام بشر وليس كلام رب البشر المتعالي على الزمان والمكان.
حتى إذا وجد قلة من الزبائن ملتفة حوله في هذا السوق تصدقه في كل ذلك ويقولون له ما البديل إذن بعد تكسير كل الخزف، فيشير إلى عجله، قائلا: “هذا الإله المنتظر”، فينفض الناس من حوله لأنهم يدركون حينئذ أنه مجرد بياع سلع لا أقل ولا أكثر.
وقريبا ستصدر مدونة الأسرة كما ينتظرها جميع المغاربة المتشبتين بدينهم ووطنهم، محترمة للضوابط المنهجية التي حددها أمير المؤمنين، وباجتهادات مغربية محضة في ما حقه الاجتهاد، تتستند إلى القرآن الكريم كتاب رب العالمين وسنة النبي العظيم ومقاصده الشريعة الإسلامية الغراء المستجيبة لمستجدات العصر على مر التاريخ، وسيقرأ الناس في صلاتهم قوله تعالى “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميمهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول“.
فيجمع السامري عدته وأدواته ويسوق عجله إلى حضيرته في خطى متثاقلة في انتظار سوق جديد وفرصة قادمة.