إحياء ذكرى “مجزرة وحشية” اقترفتها فرنسا بحق المغاربة
هوية برس – متابعات
أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، اليوم الإثنين بالعاصمة الاقتصادية، أن الذكرى الـ77 لأحداث الدار البيضاء تشكل مناسبة لاستحضار حدث وطني بارز، ومحطة تاريخية وازنة في سجل أمجاد ومكارم الوطن.
وأضاف الكثيري، في كلمة له خلال مهرجان خطابي نظم بمقر عمالة مقاطعات الفداء – مرس السلطان بالدار البيضاء تخليدا لهذه الذكرى الغالية، أن هذه المناسبة تخلد للأحداث الدامية التي عاشتها هذه المدينة في 7 أبريل 1947، والمجزرة الرهيبة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الفرنسي في حق ساكنة المدينة المناضلة للحيلولة دون رحلة الوحدة التاريخية التي كان أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال والوحدة، جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه يعتزم القيام بها لمدينة طنجة في 9 أبريل 1947.
وأردف أن هذه الذكرى تخلد أيضا لأحداث درب الكبير بمدينة الدار البيضاء، باعتبارها معركة الجهاد والكفاح والنضال ضد محاولات التسرب والتدخل الأجنبي في شؤون البلاد والعباد، مضيفا أن أبناء هذه الربوع المجاهدة سارعت إلى حمل السلاح والدعوة للتعبئة التامة والجهاد في صفوف القبائل المجاورة، حيث جابهت قوات الاحتلال الفرنسي في عدة معارك وغيرها من المحطات النضالية الغراء الشاهدة على رفض الشعب المغربي للغزو الفرنسي لأراضيه ومناهضته للوجود الاستعماري والاحتلال الأجنبي.
واعتبر أن هذه الخطوة تلتها تباشير النضال السياسي الذي برزت ملامحه بالمدن، قبل اتساعها لتعم القرى والمداشر بفضل حملات التحسيس والتنوير ونشر الوعي الوطني وإلهاب الحماس الشعبي في صفوف الشباب وسائر فئات وشرائح المجتمع المغربي بكافة مشاربه وأطيافه، لإذكاء الهمم والعزائم ولمواصلة النضال الوطني من أجل الانتصار للقضية الوطنية التي هي حرية الوطن وسيادته واستقلاله ووحدته.
وتابع أنه من تجليات هذا المسار الجديد الذي نهجته الحركة الوطنية قراءة اللطيف تنديدا بما سمي بالظهير البربري التمييزي الصادر في 16 ماي 1930، ثم المطالبة بالإصلاحات سنتي 1934م و1936م لتأتي المبادرة التاريخية الرائدة لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال من لدن زعماء وقادة الحركة الوطنية في 11 يناير 1944 بتشاور وتوافق مع بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس.
وقال في السياق نفسه، إن هذا الحدث التاريخي قض مضاجع الإقامة العامة للحماية الفرنسية وبعثر مخططاتها وحساباتها، مما دفعها إلى اعتقال زعماء وقادة الحركة الوطنية والتنكيل بالمؤيدين والمناصرين للوثيقة التاريخية وإيداعهم في السجون أو إبعادهم إلى المنافي.
وأردف “لم يقف الأمر عند هذا الحد بل أقدمت سلطات الاحتلال على ارتكاب مجزرة رهيبة في حق أبناء مدينة الدار البيضاء، ذهب ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء، وطاردت من كتبت له من السكان النجاة ولاحقتهم في الأحياء والأزقة، منكلة بهم من غير تمييز بين المستضعفين من الشيوخ والنساء والأطفال، مرتكبة بذلك أبشع الجرائم في حقهم مفتعلة أسبابا وذرائع واهية لتدفع بجحافل قواتها الأمنية والعسكرية إلى الانقضاض على الآمنين من المواطنين والتنكيل بهم.
وأكد الكثيري أن الهدف من هذه المجزرة الرهيبة هو التأثير على بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه لثنيه عن القيام برحلته التاريخية المقررة إلى مدينة طنجة يوم 9 أبريل 1947، مسجلا أن هذه الرحلة كانت أبعادها وأهدافها واضحة في التأكيد على وحدة المغرب من الشمال إلى الجنوب وعلى مطالب الشعب المغربي المتمثلة في نيل حريته واستقلاله وتمسكه بهويته العربية والإسلامية.
وأشار إلى أنه من آثار أحداث يوم 7 أبريل 1947 الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام بالمدن المغربية وتكاثف فعاليات المجتمع المغربي لتقديم العون والدعم للأسر المتضررة، وتعزيز المواقف المعادية للاحتلال وشجب مؤامراته التي أودت بحياة الأبرياء وروعت المواطنين، والإسهام في تأجيج الروح الوطنية وإذكاء مشاعر النضال لإنهاء الوجود الاستعماري مجسدة بذلك إصرار العرش والشعب على مواصلة الكفاح الوطني بكل استماتة وصمود.
واستطرد قائلا إنه “بقدر ما خلفت هذه الأحداث مئات الضحايا من شهداء وجرحى ومعتقلين، بقدر ما أدت إلى تنامي وتأجيج مشاعر الحمية الوطنية وإذكاء شعلة المقاومة ومناهضة الاحتلال الأجنبي، حيث اندلعت العمليات الفدائية والاحتجاجات والانتفاضات الشعبية والتي تصاعدت جذوتها في 20 غشت 1953 على إثر إقدام سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية على اقتراف جريمتها النكراء بنفي السلطان الشرعي وأسرته الشريفة بعيداً عن الوطن”.
وفي سياق متصل، أبرز المندوب السامي أن الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، يشكل فرصة لاستحضار قضية الوحدة الترابية المقدسة، والتأكيد على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي، والإجماع الوطني وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل مواصلة تحديث وتنمية الأقاليم الجنوبية الصحراوية وصيانة الوحدة الترابية المقدسة وتثبيت المكاسب الوطنية.
وجرى خلال هذا اللقاء، الذي حضره، على الخصوص، عامل عمالة مقاطعات الفداء – مرس السلطان والعديد من المنتخبين وأعضاء المقاومة وجيش التحرير وأسرهم، تكريم 8 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تجسيدا للوفاء والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله.
كما تم بالمناسبة تخصيص إعانات مادية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بجهة الدارالبيضاء – سطات ، من أجل تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية وأحوالهم المعيشية.