كلية بنمسيك.. محاضرة “رؤية المغرب 2030 من خلال المدن الذكية وعلاقتها بالتنمية الترابية”
هوية بريس – متابعة
ظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك مختبر التغيرات البيئية وإعداد التراب جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء بشراكة مع مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية الذي يترأسه السيد الوزير السابق حسن عبيابة، محاضرة حول موضوع: “رؤية المغرب 2030 من خلال المدن الذكية وعلاقتها بالتنمية الترابية“، ألقاها الخبير المغربي الدولي أمين سامي وهو خبير في التخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية لدى الأمم المتحدة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) مسجل ضمن قائمة الخبراء، وخبير لدى المنتدى العربي للمدن الذكية بالأردن.
وقد افتتحت الجلسة بكلمة السيد عميد الكلية، والسيد رئيس الشعبة الاستاذ الدكتور حسن عبيابة الوزير السابق والسيد رئيس مختبر التغيرات البيئية وإعداد التراب الذين أثنوا على راهنية كبيرة للموضوع والذي يدخل في صلب اهتمامات المختبر والمركز باعتبار هذا الموضوع موضوع استشرافي بامتياز ومطلبا ملحا نعيشه اليوم، بعد ذلك قام منسق اللقاء الاستاذ عادل واكيل بتقديم المحاضر الضيف، وتحديد محاور المحاضرة بعد ذلك أخد الخبير المغربي بشكر الضيوف والحضور واعتبر ان قدومه تشريف وتكليف منها بالدور الذي يجب ان تلعبه الجامعة في هذا الصدد.
وبعد ذلك تمحورت مداخلته حول خمس نقاط أساسية وهي: أهم الدورات التاريخية التي عرفتها البشرية وتأثيرها على الأسرة والمدرسة والسوق والمهن، ثم أهم التحديات المستقبلية التي سيعرفها الانسان في عصر اقتصاد المعرفة، ثم التوجهات العامة للاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية المغرب 2030، ومفهوم وواقع المدينة الذكية وأخيرا التنمية الترابية وبرامج عمل الجماعات.
فقد تركزت مداخلة الخبير المغربي على أن البشرية عرفت أربع دورات تاريخية بدءا من الثورة الزراعية، ثم الثورة الصناعية، ثم الثورة الحاسوبية والأنترنيتية، وأخيرا الثورة الرقمية المعرفية التي نحن بصدد الدخول إليها. وأشار المتدخل أن لكل ثورة تأثير مباشر ساهم في تشكيل نمط ووظائف الأسرة، وساهم في تشكيل نمط وطريقة التعليم، ونمط الاقتصاد الذي ساهم بدوره في تشكيل الوظائف والمهن المرتبطة بكل دورة، كما لم يفت الخبير المغربي ان العالم اليوم يعرف تحديات كبيرة وجمة عنوانها الأبرز الأزمة، فبالإضافة إلى تحديات الأمن المائي والطاقية والغذائي المرتبطة بتحديات التغير المناخي، أشار أمين سامي أنه توجد تحديات أخرى منها تحدي السرعة، تحدي الكفاءة المتميزة، تحدي تكنولوجيات القطيعة، تحدي الاستشراف الاستراتيجي، وفي هذا الإطار أكد انه يوجد فرق كبير بين التخطيط الاستراتيجي والاستشراف الاستراتيجي موضحا الفرق بمثال بين خيول جر العربات التي تكون مركزة على الهدف وخيول السباق التي يجب ان يكون أمامها رؤية واضحة من أجل الانخراط في المستقبل والاعداد له.
ولم يفت الخبير المغربي على ان يعرج على بعض الاحصائيات التي تهم اقتصاد البيانات على المستوى العالمي والعربي حيث تتوقع دراسة لجامعة هارفارد الأمريكية أن يصل حجم اقتصاد البيانات الى 13 تريليون دولار بحلول 2030، أي بنسبة 15٪ من إجمالي الاقتصاد العالمي، كما أشار إلى أن حجم الاقتصاد الرقمي العربي يساوي 110 مليار دولار أي بنسبة 4٪ من حجم الاقتصاد العربي، كما أشار الخبير المغربي ان تقريرا للبنك الدولي حول الرقمنة أشار أنه يمكن لهذه الأخيرة خلال 30 سنة القادمة ان ترفع نصيب الفرد ب 46٪، وبالتالي أكد الخبير المغربي ان البيانات لها قيمة نقدية حيث تصف هذه الأخيرة الاقتصاد في الماضي و الحاضر و تستشرف المستقبل، وقيمة اجتماعية من خلال تأثيرات المشاريع على الأفراد والمؤسسات والمجتمعات.
كما لم يفت الخبير أن الثورة الصناعية الرابعة أحدثث قطيعة مع الثورة السابقة باستحداث تكنولوجيات القطيعة والتي زادت من سرعة هذه الثورة هو التقدم التكنولوجي وصبيب الأنترنيت العالي جدا. وأشار أمين سامي ان الدراسات الإستشرافية والمستقبلية تؤكد أن العالم خلال سنة 2070 سيعرف حجم بطالة مرتفع جدا بسبب التقدم التكنولوجي السريع و يجب من الان التفكير في المستقبل.
الخبير المغربي أمين سامي أثناء حديثه عن التوجهات العامة للاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية المغرب 2030، أكد على الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في النهوض بورش الرقمنة والانخراط السريع في مجال التحول الرقمي من أجل تحقيق قفزة نوعية في الاقتصاد المغربي، من خلال ضرورة تسريع وتيرة الرقمنة لسد الفجوات، ثم مساعدة الشباب على إنتاج حلول رقمية 100٪ مغربية تستجيب للحاجيات الاقتصادية من خلال توفير فرص الشغل، وعلى المستوى الاجتماعي تحسين جودة العيش.
وفي هذا الصدد أكد الخبير أمين سامي على أن التوجهات العامة للاستراتيجية الوطنية للتنمية الرقمية تقوم على محورين أساسيين: رقمنة الخدمات العمومية من خلال تسريع الرقمنة و تحسين جودة الخدمات محورها المواطن والمقاولة، والمحور الثاني الذي ترتكز عليه هو بث دينامية جديدة في الاقتصاد الرقمي بهدف إنتاج حلول رقمية وخلق القيمة المضافة وإحداث مناصب الشغل من خلال تطوير قطاع ترحيل الخدمات، بناء منظومة خاصة بالشركات الناشئة، واخيرا رقمنة المقاولات الصغيرة جدا و الصغيرة والمتوسطة. ويرتكز نجاح المحور الثاني على ثلاث دعامات أساسية كما أشار إليها الخبير أمين سامي الى : خلق وإعداد المواهب الرقمية، ثم الحوسبة السحابية من أجل تعزيز السيادة الرقمية، وأخيرا تغطية العالم القروي بشبكة الهاتف والانترنيت من أجل تعزيز الاستثمار والدفع به في العالم القروي من أجل خلق طبقة متوسطة فلاحية في العالم القروي، تكون طبقة منتجة وفاعلة ومساهمة في الاقتصاد الوطني.
وأثناء حديثه عن المدن الذكية قال الخبير المغربي ان مفهوم المدن الذكية ظهر أول مرة من طرف شركة IBM الأمريكية سنة 2005، في إطار مبادرة لبناء المدن الذكية وبالتالي استخدام التكنولوجيا لتحسين حياة الناس في البيئات الحضرية، كما أشار أنه لا يوجد تعريف محدد ومتفق عليه حول المدينة الذكية وانه لا يمكن فصل المدينة الذكية عن المستدامة فهما وجهان لعملة واحدة وبالتالي فحسب الخبير المغربي المدينة الذكية المستدامة هي مدينة تجمع بين التكنولوجيا والمعرفة واهداف التنمية المستدامة 17. وفي معرض حديثه عن المدن الذكية الواقع والتحديات أشار الخبير في مجال التخطيط الاستراتيجي وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية إلى بعض المعطيات حيث 55٪ من سكان العالم يعيشون في المدن وبحلول 2050 ستصل النسبة إلى 70٪ و80٪ في دول الخليج، كما أشار إلى أنه أكثر من 600 مدينة عبر العالم ستولد حوالي 60٪ من النمو الاقتصادي الدولي بين 2010 – 2025، كما أشار أنه لا توجد مدينة ذكية 100٪ بل توجد مدن تطبق مبادرات ومشاريع في إطار المدينة الذكية.
وقال إن الإمارات العربية المتحدة الدولة العربية الوحيدة التي كانت سابقة في هذا المجال، وفي معرض حديثه أشار الخبير المغربي ان المدينة الذكية المستدامة التي تبنى حاليا هي نيوم بالمملكة العربية السعودية، كما أشار أنه بحلول 2050، 70٪ من مدن العالم ستكون ذكية، بالمقابل أشار أن منظومة المدن الذكية تتكون من 6 عناصر أساسية وهي: البيئة الذكية، الاقتصاد الذكي، الحياة الذكية، التنقل الذكي، الحكومة الذكية، وأخيرا مواطنون أذكياء وأشار الخبير المغربي أمين سامي أن نجاح منظومة المدينة الذكية رهين بشكل كبير بنجاح التعليم بمختلف مستوياتها بدءا من التعليم الابتدائي الى الجامعي وتطوير الموارد البشرية والمناهج ومواكبة التحول الرقمي وتقليص الفجوة بين التعليم والصناعة الرقمية، كما أشار أن المغرب بفضل الرؤية المتبصرة والمستقبلية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وضع استراتيجية واضحة المعالم من أجل النهوض بالمنظومة التربوية والمساهمة في الانخراط في إنجاح ورش التحول الرقمي الذي تعرفه المملكة المغربية، ولم يفت الخبير المغربي أمين سامي ان يربط مسلسل إنجاح تنزيل المدن الذكية على المستوى الترابي بالفاعل السياسي المحلي الترابي ان يجب ان يتوفر على رؤية استراتيجية تنموية شمولية واستهدافية ترابية محلية واضحة المعالم من أجل تنزيل ورش المدن الذكية من خلال برامج عمل الجماعات واضحة وصريحة تساهم في تطوير الاقتصاد المحلي وتقوم بالتلبية السريعة لاحتياجات المواطن في عصر التحول الرقمي السريع.
وفي الختام عرف اللقاء نقاشا غنيا من مختلف المتدخلين والحاضرين واختتم اللقاء بصورة جماعية وحفل شاي.