التكفير العلماني للمسلمين.. «وسبقني وشكا»
نجاة حمص
هوية بريس – السبت 18 يناير 2014م
لعل المتتبع لتصريحات وكتابات العلمانيين، كما يحلو لهم تسمية أنفسهم، يرى مطابقة تامة المواصفات للمثل المغربي: “ضربني وبكا.. سبقني وشكا”، فلا يكاد الواحد منهم يفوت فرصة ظهوره على أي وسيلة من وسائل الإعلام، إلا ونشب مخالبه وأنيابه في كل ملتزم بالدين الإسلامي الحنيف، طاعنا في هديه وشعائره، شاكيا مظلمة لم تقع، وبأنه المستهدف والمسكين الملاحق، متحسسا “بطحته” كل حين، حاسبا كل صيحة عليه، مؤولا كل كلمة ومحرفا للسياق لهوى في نفسه..
وإن الكثير منهم ليختلق سيناريوهات تجمعه بالمتدين، خاصة مع تسلط ضوء كاميرا أو تقريب ميكروفون، فيخرج كل ما يجول بخاطره عن شخصه الكريم، معلقا خواطره بعلاقة “الآخر المتدين”، واصفا إياه بالكفر والزندقة وعدم معرفة الإسلام، وينصب نفسه فقيها محنكا، يجمع بين الإلحاد والإيمان، فيخرج دينا هجينا غير واضح المعالم، مذبذبا لا هو إلى الإسلام أقرب ولا إلى الإلحاد أنسب..
قد تجد أحدهم ما إن يلج مكانا ويرى حجابا أو لحية، حتى يستشيط غضبا، معربا عن احترامه للآخر بأبشع الكلمات التي قد تخرج عمن هو للثقافة والمعرفة منسوب ومحسوب، متناسيا ما يرفعه بين حين وأخر من “الحرية الشخصية”، “حرية الاعتقاد”، “الديمقراطية”… إلى آخر هذه الأسماء اللماعة التي يتأبطونها بافتخار تارة مخبئين إياها تحت الحصير وجالسين عليها بثقلهم تارة أخرى، فديمقراطيتهم كصنم من عجوة كما قال أحد المفكرين، يعبدونه لكن ما إن تنعق غرابيب بطونهم جوعا حتى يستديروا إليه ليفترسوه بلا رحمة..
إن تدخل البعض في غير شؤون معرفته، ومجال علمه، والإدلاء بدلوه بصورة اعتباطية وعشوائية، ليهدد توازن المجتمع المغربي، وقد قيل قديما إن الحائط اشتكى من المسمار قائلا: “لم تشقني؟” فأجاب المسمار: “اسأل من يدقني”.
حيث أننا أصبحنا نرى الصحفي الفقيه، المذيع الشيخ، الحركي المفتي، مما يجرئ على الدين ويذهب هيبة ووقار العالم والعلماء، حتى إذا انبرى شباب متحمس ذودا عن الدين ودفاعا عن المقدسات، خرج من يتهمهم بالتطرف والعصبية وربما.. الكفر، فكان لزاما وقف من يدق على الأوتار الحساسة بدل تكديس الزنازين بالمعارضين والمخالفين “واسأل من يدقني”..
وقد طغت موضة سبّ الدين والانتقاص منه، حيث نلاحظ آخر الصرعات والمستجدات مع بداية هبوب رياح الانتخابات التي تؤذن بالتسابق نحو التكتلات وخطبة ودّ الأحزاب والحركات التي تحظى بتتبع الإعلام الأجنبي وتتصدر الصفحات الصفراء، حركات وأحزاب ترزح تحت شعار” خالف تعرف”، في تحد سافر لمشاعر المغاربة، واستغلالا للنفوذ والسلطة..
فيصفق لكل علماني يطعن في الإسلام والهوية، ويهيج المجتمع، نصرة للأقلية على الأكثرية الغالبة، فتكفير العلماني للمسلمين شجاعة وتحد للطابوهات، بينما الرد عليه إرهاب وتطرف مشين..
حتى إذا ما أرادوا زعما مناظرة المخالف وإظهار حججهم، جيء بفرد واحد كممثل مفروض على الشعب المغربي، المكون من أزيد من 30 مليون شخص، وفي مواجهته “دزينة” ممن أشرب التكفير العلماني والتطرف الفكري، فيحاصر ذلك الفرد بين براثن وفي عرين جمع يتقاذفه ويتلاعب به، فكلما ضعف واحد منهم تدخل الأخر مغطيا على الهزيمة، ليظهروا للـ30 مليون أن دعوتنا النشاز هي الأقوى حجة والأفهم فقها.. وتلك طريقتهم التي أكل الدهر عليها وشرب.
إن التلفظ بالتكفير الذي تعودنا عليه مرارا على ألسنة بعض العلمانيين والملحدين المغاربة، والذي يكون بردا وسلاما، غمامة صيف عابرة، لو صرح به ذو لحية، لكانت نارا تشعل وسائل الإعلام، وتلهبها، تقيم المنظمات الحقوقية ولا تقعدها، وذلك ما يسمى الكيل بمكيالين، وتعميق الهوة بين المواطنين، كما أنها رسالة مفادها: “إذا أردت أن تشتهر.. سبّ دينك وهويتك، اسلخ جلدك والو لسانك، تنصل من وطنيتك وانتماءك”..