نعم أمسك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما عن نسك الأضحى، ولكن…
هوية بريس – محمد بوقنطار
في مثل هذه الظروف، ووسط عتمة إتراف هذه الحكومة الظالمي أعضاؤها، أرى أنه من مجانبة الحكمة الاستدلال بإمساك أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عن التضحية لعلة خوفهما الاعتقاد بفرضية نسك الأضحى، فوجه الاستدلال هنا لا يسعف المستدل فإمساكهما وقع منهما على وجه الاختيار لا على سبيل الاضطرار، وعلى الغلبة لا المغلوبية، وعلى الظهور لشعائر الإسلام لا غربتها أو إغرابها، وعلى العزة لا على الضعف والوهن وقد علمنا بالتواتر المحمود أن الإسلام يومها كان متحكما في الأرزاق حاكما على الرقاب والأعناق مدبرا لشأن الأسواق…ولا شك أن في هذا السوق للأدلة هاهنا تسويغا وشرعنة لهذا الظلم والإضرار الذي مس المسلمين بنصب وعذاب، وإنما الصواب والحكمة أن يصدع رجل الدين خطيبا وواعظا ومحاضرا وداعيا بما يدفع عن كاهل المستضعفين هذه الأذية والضيق والقدرة التي سلطت في غير معهود عليهم بغير وجه حق في هذه العشر البيضاء المباركات.
لقد كان من الأليق الأصدق أن تساق نصوص الوعيد من الكتاب والسنة لترفع في وجه المعتدين المترفين وقد توعد الله سبحانه وتعالى جنسهم ونوعهم بقوله تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” {الأحزاب:58}.
وكذا استحضار دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من شق على أمته، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به” أخرجه مسلم.
ولقد بدأ سيل الضيق وتضييق الشرنقة، يوم أن عض كبير الحكومة عضته المأثورة على تلك التفاحة الناضجة في معرض الفلاحة بمكناس، فطفق سائلا عن ثمنها، فلما أخبر كأنه تقاله، فقد استكبر أن يأكلها المغاربة بثمن بخس، ووصف بائعيها أنهم كانوا في بيعها من الزاهدين، ليبدأ شريط الغلاء الفاحش، وليستوعب لهيبه المحرق كل ما يؤكل ويشرب ويعلف ويحرق…