الإكراه العقدي والإكراه السياسي
هوية بريس – د.محمد عوام
دار نقاش بين بعض الإخوة على صفحة الأخ العزيز عبد العزيز هناوي حول مسألة التطبيع. فاعتبر بعضهم توقيع التطبيع من قبل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني من باب الإكراه واستدل على ذلك بقوله تعالى:”إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان،” وبيان هذا فيما يلي:
أولا: أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه حينما عذبه الكفار ولم يتركوه حتى نطق بما يريدون من الكفر في الظاهر، وقلبه مطمئن بالإيمان في الباطن، حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم:”فإن عادوا فعد.” ذكره الطبري في تفسيره، وكان ذلك في مرحلة ضعف المسلمين، واشتداد البلاء عليهم، وافتتنوا.
ثانيا: أن العلماء ذهبوا إلى أن هذه رخصة متعلقة بالكفر هل تتعداه إلى غيره من الكبائر، فأكثرهم لا يجيز ذلك.
ثالثا: أن إدخال التطبيع في باب الإكراه العقدي، والاستدلال عليه بالآية تعسف محض، وإعمال الدليل في غير محله، فيكون من باب الباطل، لاختلاف الصورتين والقضيتين، فلا مجال للقياس فيهما.
رابعا: ادعاء توقيع العثماني على التطبيع مكرها لا دليل عليه، فلم يصرح يوما ما بأن توقيعه كان تحت الإكراه، بل صرح بأن قرار التطبيع كان قرار الدولة.
خامسا: أن القرارات السياسية خاضعة للموازنة بين المصالح والمفاسد، وقد تكون دوافع الترجيح إكراهات معينة، لكنها إكراهات سياسية، والتطبيع مع الصهاينة المجرمين أكبر مفسدة وأعظمها وأشدها وأخطرها، بل سبق أن قلت: لا أجد بعد الشرك بالله أكبر كبيرة من كبيرة التطبيع، لأنه جمع المفاسد كلها، وتضمن الكبائر جميعها، فهل يجوز شرعا وعقلا من كانت هذه درجتهم في الكبائر أن يطبع معهم، أو يوقع وثيقة الخزي والعار والذل والهوان معهم؟! هذا لعمري في القياس شنيع وفظيع.
سادسا: كان بإمكان الدولة المغربية، التي ترأس لجنة القدس، وبتاريخها العريق الأصيل، أن ترفض التطبيع مع كيان لقيط خبيث، بأي ذريعة من الذرائع، فالصحراء مغربية وستظل مغربية، ولسنا في حاجة إلى كيان منبوذ من الأمة، غير معترف به من قبلها، من شر ما خلق أن يعترف لنا بالصحراء، بل اعترافه سوءة.
سابعا: كان على أمين حزب العدالة والتنمية يومها، والحزب من القوة والشعبية بمكان وذو التوجه الإسلامي أن يرفض توقيع التطبيع، مهما كلفه ذلك من ثمن، لأنه لأول مرة في التاريخ يوقع أمين حزب إسلامي بصفته الحكومية قرار التطبيع، فهذه تعتبر كبيرة وجريمة، غفر الله لصاحبها. وكان عليه أن يتبرأ منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليه السلام، وقد أتت الفرصة لذلك، وهو هذا الطوفان المبارك الذي أبان عن هشاشة كيان لقيط محمي من طغاة العالم، لكن للبيت رب يحميه، ونؤمن إيمانا جازما يقينيا بزواله واندحاره بإذن الله العلي القدير القهار الجبار.
إذن لا داعي أن يسوغ بعض الإخوة التطبيع بإدخاله تحت الإكراه والاستدلال عليه بما لا يصلح أن يستدل به، فالتطبيع بكل المقاييس الدينية والأخلاقية والعقلية والوطنية والإنسانية خيانة شنعاء وجريمة نكراء، ولن يجني المطبعون من حقول بني القردة وحفدة الخنازير سوى العلقم.
اللهم احفظ بلدنا وسائر بلاد المسلمين من كيد الصsهاينة المجرمين والصليبيين الحاقدين والعلمانيين الضالين وجهلة المسلمين.