لكي نحارب الفساد

25 يونيو 2024 08:43

هوية بريس – إبراهيم أقنسوس

نستطيع أن نفهم، أن حالات الفساد التي تم اكتشافها، والإعلان عنها فجأة، والتي أثير حولها الكثير من الكلام، ليست إلا بعضا من كل، وليست إلا الشجرة التي تخفي الغابة، والتي يمكن أن تكون بداية حقيقية لمواجهة آفة الفساد في بلادنا، كما يمكن تماما، أن تكون مجرد حملة عابرة، تنضاف إلى سابقاتها من الحملات، والتي سرعان ما تطوى ولا تروى ؛ الأمر يتعلق مرة أخرى، باختبار في الإرادة وفي الوطنية.

واضح طبعا، أن الحالات التي تم اكتشافها، ما كان لها أن تظهر وتكشف، لولا ضخامة الجرم الذي ارتبطت به، حين تعلق الأمر بالإتجار الدولي في المخدرات، بالنسبة إلى البعض، وبالمبالغة في تبذير المال العام، حد التوحش، بالنسبة إلى البعض الآخر، ما يعني أن كل الحالات الأخرى، الكثيرة استنتاجا، لازالت طي التخفي والكتمان، ولا أحد يعرف طبيعة ما تقترفه من فساد، وربما أيضا، لا يمكن معرفة ذلك، ويصعب الإقتراب منه، ما يعني بالتالي، أن مهام الهيئات المعنية بحماية المال العام، محفوفة بالكثير من العراقيل والإكراهات والمغمضات، ولنا أن نلاحظ، أن الجمعية المغربية لحماية المال العام، تعبر عن ذلك في بلاغاتها باستمرار؛ فما العمل إذن، إزاء حالات ومسارات الفساد، التي لم يتم اكتشافها بعد، أوالتي يصعب اكتشافها، الآن على الأقل، والتي تشتغل على أكثر من مستوى ؛ ولنا أن نسجل، أن معظم العناصر التي تم ضبطها، ووجهت إليها تهم بالفساد، هي شخصيات ووجوه معروفة، وتحملت مسؤولية تدبير الشأن العام، لسنوات وعقود طويلة، وفي مستويات عدة، ما يعني أن الفساد قديم، وما يعني أيضا، أن أصحابه كانوا يدبرون أمورهم بذكاء، وبضمانات قانونية ومؤسسية، وهنا مكمن الخطر الكبير، الذي يتهدد باستمرار أية معالجة تبدي بعض الجدية، في مواجهة آفة الفساد، إذ كيف يمكن الحديث عن الوضوح، في موضوع يتغذى على التكتم والتخفي والصمت، وكيف يمكن الحديث عن الشفافية في موضوع، ينشط ويتغول بلغة السراديب والغموض، ويستعمل أصحابه العمل السياسي، كمطية لتذليل كل الصعاب والعراقيل التي يمكن أن تعترض سبيلهم، وهنا بالضبط يكمن الجواب عن سؤال كبير يهمنا، والذي يعني ارتباط السياسة بالفساد، والذي يفيد بالنهاية، عدم استفادتنا من السياسة، التي تتحول مع المفسدين إلى مطية لحماية الإمتيازات، وإلى أساليب لمراكمة المغانم والمصالح والأنانيات، بدل أن تكون وسيلة للنهوض بقضايا البلاد والعباد.

لن نحارب الفساد حين نتردد في مواجهته، ولن نحاربه حين نتعقبه في جهة دون أخرى، ومع أناس دون آخرين، وفي زمن دون آخر.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M