من أجل فهم ما يجري في ضوء السنن الكونية
هوية بريس – د.خالد الصمدي
منذ رحلة موسى عليه السلام للقاء ربه انقسم قومه إلى فريقين:
فريق يمثل اليهودية الحقة التي لها علاقة بألواح موسى التي أنزل الله فيها العلم والحكمة وهي الفرقة التي انقرضت أو تكاد وكثير منهم آمنوا بعيسى عليه السلام ومن بعده بالرسالة الخاتمة لمحمد صلى الله عليه وسلم تصديقا بما ورد في التوراة والانجيل والقرآن.
والفريف الثاني وهم اتباع السامري الذين يعتبرون بذرة الصهيونية اليوم مذ عبدوا عجله المصنوع من الذهب والذي يرمز إلى المال، الذي كان على الدوام غايتهم وهدفهم ولو محقوا في طريقهم لجمعه كل الأكوان، وأزالوا من طريقهم كل داع إلى الحكمة من كل الشرائع والأديان، ولذلك قيل كلما غاب موسى حضر السامري.
والعالم عاش ويعيش على الدوام هذا التدافع بين سلطان العلم وسلطة المال من خلال نموذج موسى وأتباعه، والسامري وعبدة عجله، ومن خلال قارون والمعجبين به وبداره، وذي القرنين الصانع الحكيم الذي يحجز عن الناس الفساد بعلمه وبخبرته، وغيرها من النماذج التي يتحدث عنها القرآن الكريم، في رسالة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام، وهو يربط الطغيان بالمال حين يصبح في حد ذاته هدفا معبودا، ويربط العلم بالحكمة حين يكون قصدا مقصودا.
ولذلك تقول السنة الكونية: كلما اقترب العالم من العقل والحكمة كان العمران، وإذا طغى الإنسان واستغنى بالمال اختل الميزان وحل الخراب بالعمران، وهو الوضع الذي يعيشه العالم اليوم في صور واضحة للعيان حين قاد العالم منذ مدة عبدة العجل المسيطرين على الشركات العابرة للقارات، وخفت صوت الحكماء والعقلاء.
قال تعالى “حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ” صدق الله العظيم.
ويبدو أن العالم أخذ يستيقظ بفعل الأحداث الأخيرة وسيعيش في السنوات القليلة القادمة تحولا كبيرا حين انتبه الناس الى طغيان عبد العجل وخطورة المسار الذي يقودون إليه العالم، فتنادوا في كل أنحاء المعمور إلى العودة إلى الحكمة الواردة في كل الألواح موعظة وذكرى لأولي الألباب لإنقاذ العالم من هذا الخراب الذي يدق كل الأبواب.