“الديموديكية” الواعدة و”الديمقراطية” الفاشلة..

13 أغسطس 2024 22:46

هوية بريس – يونس فنيش

“الديموديكية” مشتقة من عنوان كتاب “ديموديكي” Démodikè و هي أساسا فكرة ترفع الحرج على “الدولة العميقة الفيدرالية” و تقترح حلولا واقعية و منطقية لينعم الجميع بالسلم و السلام و بلا نفاق، ولكن هذا ليس موضوع هذا المقال الذي سأحاول من خلاله تقريب فكرة “الديموديكية” للقارىء الكريم فقط عبر ما تقترحه لتمكين الشعوب من عيش كريم عادل منصف و في اطمئنان تام. فهي إذا وسيلة ناجعة لتسيير أمور الناس و الشعوب بعد فشل “الديمقراطية” و انهزامها في كل الجبهات..

أما “الديمقراطية” فنعرفها جيدا، تعتمد على تكتلات سياسية تدعى أحزابا تدعمها الدولة من المال العام و يترشح المنخرطون فيها للانتخابات بعد منحهم التزكية الحزبية، إما عن طريق شرائها في الخفاء أو مقابل دعم لتمرير قوانين معينة لصالح لوبيات في شتى المجالات.

الانتخابات الديمقراطية ليست حرة لأنها تعتمد على المال إما من أجل شراء الذمم أو لتمويل الحملات الانتخابية، فيتشكل بعد ذلك البرلمان ثم تتشكل الحكومة بعد مفاوضات بين أعضاء النخبة البرلمانية. و تبقى المعارضة في إطار الديمقراطية مجرد مسرحية لأن الأغلبية تمرر القوانين التي تروق لها بلا عناء إلا من جعجعه بلا طحن.

الديمقراطية لا تسمح للشعب باختيار حر لأنه لا يستطيع الاختيار سوى من بين المرشحين الذين يدعمهم الإعلام المصلحي، أو من بين المرشحين المعروفين بثرواتهم و امتلاكهم لوسائل الإنتاج و هذا ما يمكنهم من مقايضة الفئة الناخبة بأساليب عجيبة.

الديمقراطية لا تقدم أية حلول، و لا تقترح سوى الأوهام لأنها لا تختلف على طريقة حكم الأسياد في العصور الوسطى الذين عوضتهم في زمننا هذا الأوليغارشية البرلمانية إلى أن أصبحت “الديمقراطية” تفرمل التقدم و تمنعه لأنها مكلفة جدا و لا تختصر الطريق بل تملؤه بالعوائق و الأشواك.

في حين أن “الديموديكية”، باختصار شديد، تعتبر الشعب راشدا غير قاصر و بالتالي تعفيه من انتخاب برلمانيين يختارون الوزراء بدلا عنه، فهي تمكن الشعب من اختيار وزرائه مباشرة و دون وساطات حزبية أو برلمانية مكلفة جدا بلا فائدة، بحيث ينتخب الشعب وزراءه عبر الإقتراع الأحادي الإسمي كما ينتخب الشعب مباشرة أيضا رئيس الحكومة، ثم يشكل الوزراء مجلس الشعب برئاسة رئيس الحكومة، حيث يصوت الوزراء على مشاريع القوانين ثم ينفذونها في الميدان و على أرض الواقع كل في نطاق مسؤوليته.

تعتمد “الديموديكية” على 49 مبدأ أساسي و من ضمنهم أن الولوج للعدالة مجاني 100./.، و السكن اللائق مضمون للجميع بحيث مقابل كل عمارة فاخرة تفرض إلزامية تشييد عمارة اقتصادية توزع شققها مجانا على الفقراء، و المدارس الخصوصية تتكلف بتعليم أبناء الفقراء بنسبة 10./. من المسجلين لديها، و الصحة العمومية، المخصصة للفقراء، تبقى على عاتق المصحات الخاصة بنسبة 30./.، و أيضا منع الوساطة بين الفلاح و المستهلك تحت طائلة عقوبات جنائية مشددة، كما أن “الديموديكية” تمنع الولوج إلى مناصب القرار بالنسبة لأصحاب الجنسية المزدوجة، و تنشىء مصلحة إدارية في كافة الإدارات العمومية لتتبع و مراقبة ثروة الموظفين العموميين و ذويهم، مع صلاحية الحجز على الأملاك غير المبررة مباشرة و دون اللجوء إلى القضاء أو المحاكم، و تضمن المساواة التامة في الأجور و العلاوات حسب الرتبة في الإدارة العمومية.

كما أن في إطار “الديموديكية”، الموظفون القضاة يحصلون على أجر مضاعف، و الموظفون المدرسون يحصلون على زيادة في الأجرة بنسبة 50./.، و أجرة الوزير تعادل أجرة الأستاذ الجامعي، و أجرة أساتذة التعليم العالي لا تتجاوز أجرة المعلم في الإبتدائي إلا في حدود 20./.، و بعد نهاية ولاية الوزير يحصل هذا الأخير على علاوة تساوي أجرة شهرين، و الوزراء يستفيدون من سيارة المصلحة، من صناعة محلية، و لا يستفيدون من السكن الوظيفي، و يؤدون فواتير الماء و الكهرباء التي تخصهم.

“الديموديكية” تحصر وظيفة الأحزاب السياسية في دورها الثقافي و إنتاج الأفكار و الآراء، و لا تسمح لها بالوصول إلى الحكم أو إلى الحكومة و لا يمكن للمنخرطين فيها المشاركة في الإنتخابات.

“الديموديكية” تضمن لكل مواطن عاطل بلغ الثلاثين من عمره منحة مالية شهرية، حسب مستواه الدراسي، توازي 25./. من أجرة موظف عمومي، و أما سن التصويت فمحدد في 30 سنة.

في إطار “الديموديكية”، مجلس الوزراء يملك السلطة التشريعة، في حدود مضبوطة بعناية، و يسن القوانين باسم الشعب، و كل مواطن بإمكانه الترشح للانتخابات لنيل منصب وزير في وزارة معينة شريطة التوفر على ماستر في تخصص يوافق المهام الوزارية التي يريد تقلد مسؤوليتها، إضافة إلى 15 سنة من الأقدمية في الوظيفة العمومية.

هذا باختصار، و لمزيد من المعرفة المرجو الرجوع إلى كتاب “ديموديكي”، و تحياتي عالية إلى القراء الشرفاء الأعزاء.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M