لغة الشباب ونظام التفاهة (في برنامج “بدون لغة خشب”)

23 سبتمبر 2024 02:09

هوية بريس – د.خالد الصمدي

صادفت على اليوتوب حلقة الإعلامي الرمضاني في حواره مع زعيم الشباب الحر الراقص على الجراح، وانتظرت أن أجد تفسيرا مقنعا لزلة الثامن من شتنبر بأكادير، وقلت لعلها فرصة أمام الضيف يستغلها في بداية البرنامج لحفظ ماء الوجه بتقديم اعتذار لبق لسكان الحوز وطاطا عن هفوة استنكرها الرأي العام الوطني ووصل صداها إلى خارج أرض الوطن، حتى وضعها البعض في خانة قلة النضج والتجربة والبعض الآخر وضعها في خانة قلة الذوق.

ثم الدخول بعد ذلك إلى صلب الموضوع وهو مناقشة قضايا وهموم الشباب بمنطق واقعي لا مكان فيه للغة الخشب حسب عنوان البرنامج، للحديث عن مناصب الشغل المحدثة للتخفيف من البطالة وعدد الشباب المستفيد من التكوين المؤهل، وعدد المقاولات الصغرى والمتوسطة التي أحدثها الشباب وغير ذلك من الملفات، الحارقة بمنطق التقييم والاستشراف.

فوجدت أن الحلقة بكاملها مع كامل الأسف كانت سوقا لبيع الخشب وحلقة للترميز عوض طرح الأسئلة الكبرى التي حاصرت الحفلة المعلومة في مواقع التواصل الاجتماعي باستثناء سؤال أو سؤالين، والتقييم بعد ذلك يمكنكم الاطلاع عليه في تعليقات المتابعين التي كرست نفس التذمر من واقع يسعى البعض إلى تكريسه ليبني جيلا سائلا من الشباب مستعد ليرقص على جراح وطن دون أن يشعر لا بآلام نفسه ولا بآلام الآخرين، شباب يقوده من لا يقوى حتى على الاعتراف والاعتذار.

وجدت صاحب البرنامج على غير المعتاد يتجنب كل الأسئلة المحرجة، ووجدت الضيف في أجوبته يختصر لغة التواصل مع الشباب في الاختيارات الفنية المليئة بالكلام البذيء والحركات الهابطة، ويعتبر استضافة هذا اللون الفني في مهرجان سمي بالجامعة، استجابة لتطلعات الشباب وتكلما بلغتهم، وسبيلا لاندماج مهبول معهم ومع أذواقهم.

عوض لغة الإنصات إلى لغتهم الحقيقية التي تجسدها انشغالاتهم في الصحة والتعليم والتكوين والشغل والهجرة والفقر وغلاء المعيشة، والاشتغال ببناء وتطوير خطاب يرفع من منسوب وعي الشباب الفكري والثقافي والسياسي بالتحديات والاهتزازات التي تصيب منظومة القيم داخل الوطن وخارجه، التي حذرت منها ومن تداعياتها أعلى سلطة في البلاد ودعت إلى التعامل معها بالجدية اللازمة.

إن هذا المسعى وهذا الاختيار في التواصل مع الشباب لا يعدو أن يكون بيعا لوهم ومخدر، وسباحة في بحر عصر التفاهة على حد تعبير الفيلسوف الكندي “آلان دونو” دون منقذ، لا يلبث أن تعقبه صحوة هذا الشباب ليجد نفسه بعد حفل باذخ عائدا إلى مدينته وبيته وسط أسئلة الواقع الحارقة.

لن يجد هذا الشباب أمامه إلا لغة الحقيقة عارية وهو يشد لوطوروت الحياة وحده، حتى وإن أصر بعض الإعلاميين تكريس هذا الوضع بفتح الباب على مصراعية للترويج للغة الخشب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M