د.البشير عصام يكتب: حديث عن ثقافة العزة

10 أكتوبر 2024 17:24

هوية بريس – د.البشير عصام المراكشي

⚡️ طالب علم يسمع منكرا في وسيلة نقل، فيسكت متذرعا بأن العوام لا يفهمون الخطاب، وما أسكته إلا الجبن! ثم يأتي إلى مواقع التواصل ليحكي قصته لمتابعيه “أشبعتُها سبا وأودت بالإبل”!

⚡️ طالب علم يغادر مواقع التواصل عند إعلان التطبيع في بلده، “بسبب فساد الأحوال واشتداد الفتن”، وما تركها إلا عجزا عن الإنكار، وخوفا من تبعاته!

⚡️ طالب علم يتسول المحسنين لينفقوا عليه مستدلا بحاجته إلى التفرغ للعلم، وإنما هو استمراء الذل واختيار اليد السفلى.

⚡️ عالم منظور إليه، مقتدى به، لا ينكر منكرا ولا ينصر مظلوما، وهو يدور في فلك ما بحثه الأقدمون من قضايا، وما انشغلوا به من مسائل، ثم يحتج بالحكمة ويدّعي رجاحة العقل، وإنما هو الخور وانتفاخ السَّحْر!

⚡️ داعية مشهور أو “مؤثر” معروف، ينكر على الضعيف ويشتد في الإنكار، ويسكت عن القوي الذي ضررُ منكراته أشد وأعظم، ثم يحتج على تطفيفه في الميزان بالمصلحة والمفسدة، وإنما هو الوهن وحب الدنيا وإيثار منبرٍ بذُل على دعوة بعِز.

⚡️ شاب قوي البنية يقضي سحابة يومه أمام المِرآة يتأمل عضلاته، فإذا رأى منكرا عظيما يُفعل أمامه انكفأ على نفسه، وقال بلسان حاله: “ما لنا بهذا من علاقة، لست مسؤولا عن الناس، من أراد العيش ترك الانشغال بالآخرين..”، وإنما هو العجز والهوان!

⚡️ موظف بإدارة يهاب أن يناقش مديره في صغير أو كبير، ويستر عجزه بكون المدير أعلم بسير العمل، وما أتي المسكين إلا من خوفه على مورد رزقه، وقد لا يكون للخوف مسوغ أصلا!

وقس على هذه النماذج، ما لا يحصى من نظائرها المتفشية في مجتمعاتنا.

هؤلاء وأمثالهم كيف ينتظَر منهم نصرة قضية من قضايا الأمة مهما تكن إجماعية، الحق فيها واضح كالشمس في رائعة النهار، وقد ألِفوا في عيشهم التستر في جحور المهانة، واعتادوا في مشيهم الالتصاق بحائط الذلة؟!

ولذلك أشرت إلى هذا المعنى في لقائي الأخير (#بودكاست_بسط)، وذكرت أن نشر ثقافة العزة، وتنشئة الصغار عليها، من أعظم ما تستنقَذ به شعوبنا من هذه النكسة الحضارية المهلكة!

الإسلام قد يجتمع مع الضعف المادي، ولكنه لا يلتقي مع الذل، بل المسلم -بمقتضى إسلامه- عزيز في أحواله جميعها.

والله الهادي.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M