واجبنا نحو الإعلام الدعوي
هوية بريس – د.يوسف فاوزي
للإعلام دوره الفعال في توجيه قناعات الشعوب، وبرمجة عقليات الأجيال، بما يخدم مصالح أصحابه، ولقد تنبه الغرب إلى أهمية الإعلام، فسارعوا إلى توظيفه ليكون سلاحا فتاكا في غسيل أدمغة الفئات المستهدفة، وكان للقوى الاستعمارية الكبرى خير معين للغزو الثقافي المعاصر، ومع الانفتاح التكنولوجي صار العالم أمام سيل من القنوات الفضائية، لكل قناة رسالتها الإعلامية التي تمثل إيديولوجية محددة.
فظهرت قنوات تدعوا للتنصير، وأخرى للتشيع، وأخرى للإلحاد، وأخرى للعري والفحش، وغير ذلك من المذاهب والتيارات الهدامة للعقيدة والفكر والأخلاق، لنجد أنفسنا أمام سلاح أشد فتكا من أسلحة الحروب العسكرية، وليكون أهل الإصلاح أمام تحد جديد يواجه دعوة الحق، مظهرا لهم وجوب الانخراط في سلك الإعلام لتوظيفه التوظيف الحسن في سبيل الدعوة إلى الله، ومزاحمة الباطل وأهله، فظهرت ولله الحمد قنوات شرعية بهوية طاهرة ورسالة ربانية تدافع عن قيم الفضيلة وأسس الحق المبين.
غير أن التكاليف المالية الباهظة الواجب توفرها لتسيير هذه القنوات الدعوية، يبقى عائقا كبيرا أمام هذه المشاريع الدعوية، مما يهدد بانسحابها من هذا الثغر العظيم، وهو انسحاب سيزيد من عزلة الحق أمام الباطل، وسيفسح المجال –لا قدر الله- لسيطرة الإعلام الفاسد على عقول الناس، لاسيما الشباب منهم، مما يستدعي من المصلحين وأهل الغيرة على الحق أن يبحثوا عن وسائل كفيلة بتوفير الموارد المالية اللازمة للاستمرار في نشر هذه الرسالة الإعلامية الهادفة.
وإن القلب ليعتصر ألما أن تجد أهل الباطل يجتهدون في فتح القنوات تلو القنوات، ولا يجدون صعوبة في جمع أموال المتبرعين لمساندة قنواتهم الناشرة للأفكار الهدامة، في حين تجد قنوات أهل الحق قليلة العدد تعاني من الأزمات المالية، بسبب تقاعس أهل الأموال في الإنفاق، وضعف الوعي بأهمية الإعلام في نشر رسالة الحق، والدفاع عن معالم الدين، ورحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ يقول: (اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة).
فالواجب علينا معشر القراء الكرام، دعوة عموم المسلمين إلى وجوب نصرة الإعلام الدعوي الهادف، وبيان قيمته وأهميته في تبليغ الرسالة المحمدية، وعظم منزلة الثغر التي يقف فيها مواجها جيوش الباطل، والذي يجب على المصلحين في هذه المرحلة ما يلي:
-دعوة المسلمين إلى التبرع بالمال لتغطية مصاريف القنوات ووسائل الإعلام الدعوية، التي شهد لها الثقات باستقامتها على الجادة.
-ضرورة جعل الإعلام الدعوي من الأصناف المستحقة للزكاة.
-ضرورة إعمال الوقف الإسلامي في خدمة الإعلام الدعوي، بتحبيس بعض المنافع العينية لتوفير الموارد المالية الضرورية، ويمكن لعدة أشخاص أن يشتركوا في إنشاء وقف لهذا الغرض.
-حث الأسر المسلمة على متابعة هذه القنوات لجمع نسب المشاهدة الداعمة لها قصد الاستمرار.
-اجتهاد العلماء والدعاة وطلبة العلم وكل من يحمل هم الدعوة والإصلاح على إنتاج برامج دعوية هادفة، وتقديمها لهذه القنوات الإعلامية قصد نشرها دون مقابل مادي، فتكون هذه المواد صدقة جارية، وسبيلا من سبل نصرة الحق.
-تطوع أرباب الأموال بنشر مقاطع إشهارية بالضوابط الشرعية- وبثها عبر الإعلام الدعوي، لتوفير الدعم المالي.
-تطوع الشباب الذين لهم دراية بميدان الإعلام والاتصال، للعمل – ولو لساعات محدودة في الأسبوع- بشكل تطوعي مجاني في هذه القنوات، ويكون هذا العمل التطوعي احتسابا للأجر عند الله سبحانه.
إلى غير ذلك من الأفكار الداعية إلى الاجتهاد في البحث عن وسائل جديدة لتشجيع الإعلام الدعوي الهادف للمضي قدما في تبليغ رسالته، وخلاصة القول: إن مسؤولية نجاح الإعلام الدعوي مسؤولية الجميع، وبالله التوفيق.