خدام الدولة الذين باعوا الوطن في مطلع القرن العشرين للفرنسيين بتخليهم عن الصحراء الشرقية، عندما كانوا في مهمة تفاوضية بالجزائر، فجوزوا جزاء يليق بهم من طرف المواطنين بعد رجوعهم، حيث قتل كبيرهم ولما دفن أخرج من قبره وأحرق.
والآخرون الذين أرسلوا للتفاوض مع فرنسا في باريس على قروض لإصلاحات، فأخذوا القروض ورهنوا البلاد، وأرغموا السلطان على الموافقة عليها، وقبول الحماية، مما جعله يترك الحكم، بعدما شعر بالمؤامرة وفهمها.
وهم الذين تآمروا على الموافقة على تفويت أراضي الأحباس للمعمرين بدعوى الإصلاح، وشاركوا في إخراج القوانين العنصرية الحمائية المفرقة بين العرب والبربر، متوجين ذلك بتآمر فج على نفي محمد الخامس، ورفض عودته ملكا، من قبل الذين كانوا ينادون بالعصرنة والحداثة، فكان جزاؤهم ما اشتهر وذاع غداة الاستقلال، وصار سبة لهم ولأبنائهم على مدى الدهور والأزمان.
خدام الدولة، هم الذين قادوا الانقلابات العسكرية والإيديولوجية، وأغرقوا البلاد في الرشاوى والريع، بتبرير النضال والديمقراطية والأمن، فكانت عاقبتهم الخسران المبين بعدما عاثوا في الأرض فسادا.
خدام الدولة، هم الذين حولوا المواطنين لأشياء وبضائع قابلة للتبادل والاستهلاك، وجعلوا عقولهم في ملذاتهم، ليزيدوا من تأزيم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ويكبلوا كل تطلع للرقي الحقيقي، الذي يؤدي إلى التقدم خدمة للمستعمر الحديث الذي لا يرى في الشعوب غير الأوربية إلا عبيدا وخدما.
خدام الدولة، الذين يعيشون على اجترار عبارات المساواة والعدالة والتقدم وهم يعملون ضدها آناء الليل وأطراف النهار، وذلك من أجل تبرير ما يطالبون به من امتيازات ومنافع، تحت طائلة تهديد الدولة بمعاكستها للمنظمات الدولية وقوانينها التي تعمل على تدمير المجتمع وتقضي على ما فيه من ترابط وتنافع وتراحم.
خدام الدولة، الذين يجعلون من أفكارهم المستوردة سببا لاستحقاقاتهم الريعية، وتفصيلهم ما يجب على الشعب الذي يخدم حقا الوطن ويدافع عنه وعن قيمه ومقدساته، وثوابته بالغالي والرخيص، ليبقى المغرب دولة تتداول خيراتها بين حماتهم في الداخل والخارج الذين لا يرقبون في مجتمعهم إلا ولا ذمة.
فمتى يتصدى المواطنون والخدام الحقيقيون للوطن والمواطنين لهذا الوباء الذي يستشري ضرره منذ مطلع القرن الماضي، حسب أسماء ومسميات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، والله يتولى الصالحين؟!