عواقب حادثة فكيك (1902م)

11 ديسمبر 2024 22:50

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

العدوان النوعي الذي تعرض له السيد جونار، الحاكم العام للجزاير -والذي كاد أن يقع ضحية له-من قبل سكان ازْناكة، في واحة فكيك، بعد سلسلة من الوقائع من نفس الشاكلة، وإن كانت أقل خطورة، فقد أدت بالحكومة الفرنسية لاتخاذ التدابير اللازمة على وجه السرعة، بهدف القمع الفوري والعالي، طبقا للتصريحات الواضحة، التي قالها السيد كومبس، من منصة الجمعية الفرنسية.

إن فرنسا لا تقترح سوى اتخاذ إجراءات انتقامية ضد النهابين المغاربة، وفقا لحق المتابعة الممنوح لها بموجب معاهدة 1845.

هذه ليست عملية بوليسية، ولا غزوا إقليميا، ومع ذلك ففي مواجهة الوضع الجديد الذي خلقته الأحداث، والعواقب التي قد تترتب على تصرفاتنا ضد فكيك، إدارة annales coloniales الحوليات الإستعمارية اتخذت قرارا، بطلب رأي الشخصيات المسموح لها، بإعطاء رأيها الخاص، في المسألة المغربية.

الإدارة

–1–

– السيد موريس كولين

نائب جزائري

السيد المدير، طلبتم مني انطباعي حول الحوادث الجارية جنوب وهران، حيث كانت مسرحا مؤلما للجزاير وفرنسا.

بالتأكيد، من الرائع أن نظهر للكصوريين (مفرد كسر) ورحل فكيك، بأن صبرنا بدأ ينفذ، وأننا مصممون هذه المرة بشدة على عدم التسامح مع جرأتهم؛ ولكن ليس هناك شك في العمل من خلال الغزو والمطاردة المباشرة أو الغير المباشرة.

الحاكم العام في خطاباته التي ألقاها في اليوم التالي للهجوم عينه، الذي كاد أن يصبح فيه ضحية، وقد أشار رئيس مجلس المستشارين من منصة المجلس، بسعادة بالغة للحدود التي فرضها تحركنا على الجهتين.

نعم، نحن في حاجة لردع حازم، لأن الأمر يتعلق بإعادة الهدوء إلى المنطقة، التي عانت من الإضطرابات لوقت أطول مما ينبغي، ولأن الأمر يتعلق أيضا بإعادة ترسيخ هيبتنا، التي هدد التقاعس عن العمل -لفترة طويلة -بتقويضها- وكذا التسوية نفسها- في عقول السكان الأقل معاداة للسلطات الفرنسية.

يجب أن يكون الردع فوريا، ليظهر في عيون الأهالي، كنتيجة مباشرة عن هجوم ازْنَاكَة، لذلك سنضاعف العقاب المسلط على النهاب المغاربة، بسرعة وبقوة، وبشكل فعَّال.

عندما نقيم بشكل دائم في فكيك، سيتفاقم حسب رأيي الخطأ المرتكب على ملحقاتنا من كورارا، وتدكلت واتوات، غير المِضْيافة، التي كانت بالتأكيد لا تستحق؛ لا حياة جندي واحد، ولا واحد من الملايين الكثيرة، التي ضيعناها فيها.

إذا أراد الديك الغالي (بلاد الغال) أن يخدش، فليخدش بعيدا حيث الرمال، ففكيك مثل اتوات، ليس بها سوى رمال للخدش.

وهكذا؛ فلا يمكن أن يكون هناك شك لأحد، أن قَنْبلة فكيك، ليست عملية لغزو المغرب، بل هي عملية لمعاقبة زعماء المغامرين من قبل فرنسا، وإثارة رعب مناسب في نفوسهم من سلاحها.

بعد ذلك سنطلب من الدبلوماسية اليَقِظة، أن تدرس باستمرار، الحلول الضرورية، للفوضى المتزايدة، التي يمكن رؤيتها باستمرار، في الإمبراطورية الشريفة.

بعيدا عن إكراه الوقت، وبعيدا عن الاستعداد، فإن إقامتنا في فكيك، لا يمكن إلا أن يكون مخاطرة.

لدينا في الجزاير حاكم عام، أكثر حكمة، من أن يكون هناك سببا للخوف من أن ينحرف عملنا الحالي عن الهدف الوحيد الذي ينبغي أن يكون قد اقترحه، وأنا متأكد من ذلك، وأشكركم على إتاحة الفرصة لي للقيام بذلك.

Maurice colly

Depute d,alger

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

–2–

السيد م.كيوم شاستينيت

نائب لا جيروند

باريز في 1903/7/7

السيد المدير

تفضلتم بطلب رأيـي حول موضوع قضية، فكيك وعواقب ذلك.

النقطة الأولى تبدو لي قبل كل شيء، وفوق كل حديث هي؛ وجوب تحرك نشط من الجميع لمعاقبة الجناة،

لا شك أن هذا الإجراء، سيكون مؤلما، لأن قنبلة فكيك، نخاطر فيها بقتل الأبرياء، في حين أن الفرقة التي نريد عقابها، سوف نسعى جاهدين، ربما بعد مقاومة صورية والإفلات منا للالتحاق بالصحراء.

كيفما كان الحال، التردد غير ممكن، فليس لنا اختيار الوسائل، وقد سبق لنا ربما القيام بتجربة مفرطة في الصبر، التي لا يمكن أن تستمر، دون أن تحمل مسًّا خطيرا بهيبتنا ومقامنا، وتهديد أمن ممتلكاتنا الجزائرية.

هذا يتعلق فقط بالعمل العسكري، ويجب أن يتمم بضمان دبلوماسي.

بيد أن المفارقة تبدوا في أن ما سنقوم به في فكيك، سيقربنا من سلطان المغرب، يعني مدَّ يدِ العون له بقوة.

فيما يتعلق بالبوليس، الذي ليس له ما يكفي من الخبرة ليمارس بها تدريبه.

وبالإضافة لذلك، وبسبب حدوده، وفوائده السياسية والتجارية، يجب على فرنسا والمغرب، البقاء على وفاق تام، لا ننسى بأن معاملاتنا التجارية تقدر بأربعين مليونا سواء مع موانئ الساحل التي تجاور أسواق عمالة وهران.

أما بالنسبة للقوى الأخرى التي تبدي اهتمامها أيضا بالمسألة المغربية، نقصد إسبانيا وأنجلترا، في هذه الحالة التي نتابع فيها تدخلنا الواجب بعين راضية.

في الواقع ليس هناك شك في تقويضنا سلامة المغرب وتصرفنا وفق المصلحة العامة للحضارة.

إن حقنا لا يقتصر على حق الدفاع عن النفس فحسب، بل إننا نمارس أيضا حق المتابعة الذي اعترفت به لنا معاهدة 1845 بالسماح لنا في معاقبة الرحل الذين يحاولون الهروب من الانتقام على ما اقترفوه من تهور للتراب المغربي.

نحن من بين أولئك الذين يرحبون بشدة، بسياسة التفاهم الودي، مع جميع الدول الكبرى، ، بشرط أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل، وهذا لن يخدمها ولا ينبغي استخدامه في ظل العدوان الذي هو موضوع معاقبتنا للمدنيين.

أما بالنسبة لعواقب هذا التدخل، فأنا أرى أنه بمجرد تنفيذ العقاب، سيعود كل شيء لطبيعته، ويسود النظام.

وبمجرد استعادة النظام، يتعين علينا تجنب تحرير “المسألة المغربية” المعقدة المحفوفة بالصعوبات، نتيجة التسابق للمنافسة على الحضور.

على العكس من ذلك، سيتعين علينا أن نقلق بشأن حل “المسألة الصحراوية” التي تمثل لنا صلة وصل سريعة ملائمة لمواقعنا جنوب الجزاير، وأعلى النيجير، وتمبكتو.

وبذلك، لن نخرج من ممتلكاتنا، ولن نخش مواجهة أي طموح منافس.

هذا الربط بين إمبراطوريتنا الجزائرية، وموقعنا في غرب إفريقيا، كان من المفروض أن يكون قد تحقق منذ مدة.

وقد أتيحت لي الفرصة لتأييد ذلك سابقا، من على منصة المجلس، والقاضي ببناء السكة الحديدية عبر الصحراء، وبذلك سنكون قد أنشأنا أفضل أداة لتهدئة المنطقة الصحراوية الشاسعة، وفتح الطريق لتدفقات تجارية منتظمة تضمن سلطتنا بها.

  1. Hastent..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

–3–

م.المركيز دسيكونزاك

مستكشف

لا يمكن لرأي المسافر، أن يزودك بمعلومات جغرافية أو إحصائية، لقد قدمت لنفسي تحية من خلال تقديمها لكم، على الحملة المثيرة للاهتمام، التي قمتم بها.

المسألة المغربية، ليست سوى مشكلة داخلية؛ وهي بلا شك أخطر شيء في الوقت الحاضر، لأن مستقبل استعمارنا في الشمال، يعتمد على الطريقة التي سنعالجها بها، والتي تنحصر في ثلاثة أشكال:

– الغزو

– التقسيم

– الحفاظ على الوضع الراهن

نحن نرفض أي فكرة لغزو المغرب، لا لأنه أمر مستحيل ولا حتـى صعب، بالنسبة لبلد كبير مثل فرنسا، مشاركا في كل مسببات الحروب الحديثة، ولكن المفاهيم المغامرة، كالحكمة أو الضعف، لم تعد من عصرنا؛ وعلاوة على ذلك، فإن الغزو يتطلب اتفاقا دوليا، والذي بدونه لا نستطيع القيام بأي شيء، فالغزو إذن ليس “حلا” لمسألة المغرب.

علينا الإعلان بأننا لا نريد ذلك، من أجل طمأنة منافسينا وخاصة التصريح لحليفنا السلطان، بحقيقة نوايانا، ليكون على بينة من أمرنا.

من الجيد أن نعلم أيضا، بأن هذا الاحتمال كان متوقعا، لأن الظروف قد تمت دراستها، وأنه لا يوجد شيء أكثر دقة، من المفارقة التي تدين بثروتها لشكلها.

غزو المغرب سيكلف فرنسا قرنا من الجهد و100.000 رجل ومليارا!

لقد جعل السيد روني ميل، من نفسه خصما لـ”تقسيم المغرب” لن أزيد عن مناصرته البارعة، سوى بضعة أرقام؛

في المغرب حوالي 800.000 كلم مربع، وساكنة تقدر بـ16 مليون، حجم تجارته تقدر بـ100.000 فرنك عائدات جماركه أكثر من 12.000 فرنك، القائمة المدنية للسلطان تتجاوز 35.000.000 فرنك.

يمكن أن نحسب دون مبالغة أن 20 سنة من السلم والرخاء، سيتضاف فيها رقم الساكنة، وحجم الأعمال.

يتمتع هذا البلد الفريد أيضا، بموقع جغرافي رائع، فهو يستحم من الشمال في بحيرتنا المتوسطية، والمحيط الأطلسي، يتولى قيادة مضيق جبل طارق، تحميه جدار الأطلس من الرياح الصحراوية الحارقة، مكونة حاجزا مناخيا ممتازا، حيث يتوقف الضباب عند ذلك الحد، ليتحول أمطارا، وتتراكم عليها الثلوج، لتذوب مغذية أوديته الكبيرة في الصيف.

ماذا سيحدث لجزائرنا الأقل حظا، إذا ما حَلَّ يوما منافس بالمغرب؛ أو تخللت الحدود الفرنكو-مغربية حواجز لإسبانية أو ألمانيا أو أنجلترا؟

إن احتلال المغرب من قبل قوة أجنبية، سيكون أكبر كارثة لتاريخنا الإستعماري.

للحفاظ على مصالحنا، وتحقيقها بسهولة، يبدو لنا هذا هو الحل الأكثر ملاءمة لمصالحنا، والأكثر سهولة في التحقيق، لكن هذا التوضيح، يكرس استخدام، وجهة نظرنا، بدون شك نحن ننتظر احترام، وفرض احترام وحدة المغرب، لكن نريد بأن تكون الوضعية الداخلية للبلاد في تطور، حالة العصيان الراهنة، التعصب، الثورة، الرجعية، لا يمكن أن تستمر.

الأمر متروك لنا نحن جيران المغرب المباشرين الذين يجب أن يتحملوا واجب إضفاء الطابع الإنساني والشرطي لهذه الإمبراطورية البربرية، نحن أمام سلطان شاب جريئ مجدد، نصائحنا ودعمنا سيوجد حلا للمسألة المغربية يمكن تلخيصه في هذه الصيغة:

الحفاظ على الوحدة المغربية، تحت مراقبة الوصاية الفرنسية.

لقد أغفلنا عمدا في هذا العرض السريع تمرد بوحمارة وحوادث جنوب وهران، لأنها أحداث أجنبية بالكامل عن المسألة المغربية، فأحدهما عمل خاص بالبوليس الداخلي المغربي، والآخر عمل خاص بالوليس الجزايري.

Marquise de seconzac

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر مجموع الرسائل السالفة في:

Les annales coloniales

L,insident de figuig:ses consequences

عدد:1903/6/15 (ص:177-181).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M